العرب والعالم

تواصل عمليات البحث عن ناجين .. ونكبة الزلزال تلحق الضرر بـ 23 مليون شخص

07 فبراير 2023
المساعدات الدولية لم تصل سوريا بعد.. وتركيا تعلن حالة الطوارئ
07 فبراير 2023

عواصم "وكالات": تتواصل عمليات البحث عن ناجين جراء الزلزال المدمر الذي تجاوز عدد ضحاياه حتى الآن خمسة آلاف قتيل في تركيا وسوريا، في سباق مع الزمن وفي ظلّ طقس شديد البرودة.

وقالت منظمة الصحة العالمية اليوم إن عدد المتضرّرين بالزلزال المدمّر قد يصل إلى 23 مليونا.

وأوضحت المسؤولة في منظمة الصحة العالمية اديلهايد مارشانغ أمام اللجنة التنفيذية للوكالة التابعة للأمم المتحدة "تُظهر خريطة الأحداث أن عدد الذين يحتمل أن يكونوا تأثروا (بالزلزال) يبلغ 23 مليونا، بينهم نحو خمسة ملايين في وضع ضعف".

وفي جنيف، قال جيمس إلدر المتحدث باسم صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) "الزلازل... ربما أودت بحياة آلاف الأطفال".

وأضاف أن عشرات المدارس والمستشفيات والمنشآت الطبية والتعليمية تضررت أو دُمرت، وقال إن اللاجئين السوريين في شمال غرب سوريا وفي تركيا من بين الأكثر تضررا.

ويتوقّع أن تبدأ المساعدات الدولية الوصول إلى المناطق المتضررة في تركيا وسوريا.

وأظهرت الحصيلة الرسمية الأحدث والمرشحة للارتفاع بعد حوالى عشرين ساعة من أولى الهزات البالغة قوتها 7,8 درجات والتي شعر بها في لبنان وقبرص وشمال العراق أيضا، مقتل أكثر من خمسة آلاف شخص، 3419 على الأقل في تركيا وأكثر من 1602 في سوريا.

وأوضح نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي أن عدد المصابين بلغ حتى الآن 20534 شخصا، فيما أفاد آخر إحصاء للسلطات السورية وعمال الإغاثة في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة أن عدد المصابين وصل إلى 3640.

وأعلنت وزارة الصحة السورية ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 812 قتيلا و1449 جريحا في مناطق سيطرة الحكومة. كذلك أفادت منظمة الخوذ البيضاء العاملة في مناطق الشمال الخارجة عن سيطرة دمشق (متطوعو الدفاع المدني) بمقتل 790 شخصا وإصابة أكثر من 2200 شخص.

في بلدة جنديرس في شمال سوريا، انتشل سكان وعمال إنقاذ رضيعة ولدت بأعجوبة تحت الركام، وبقيت متصلة عبر حبل الصرة بوالدتها التي قتلت بعدما دمر الزلزال منزل العائلة.

وجهدت فرق الانقاذ في البرد وتحت الأمطار الغزيرة أو الثلوج مستخدمة أحيانا الأيادي، لإنقاذ عالقين بين الانقاض. وقد أنقذت طفلة تبلغ سبع سنوت في هاتاي في جنوب تركيا عند الحدود مع سوريا بعد أكثر من 20 ساعة على الزلزال على ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس كان حاضرا في المكان.

وعُثر على اللاعب الدولي الغاني السابق كريستيان أتسو البالغ 31 عامًا والذي انتقل مؤخرًا من الرائد السعودي إلى هاتاي سبور التركي، على قيد الحياة وسط الأنقاض في هاتاي، حسبما قالت سفيرة غانا لدى تركيا.

ويعرقل سوء الأحوال الجوية في منطقة الأناضول التركية عمل فرق الانقاذ ويزيد من معاناة الناجين الذين يعانون البرد تحت الخيام التي نصبت وحول مواقد النيران التي اقيمت في المناطق المنكوبة.

أولى المساعدات الدولية

وتتوافد طلائع فرق المسعفين من فرنسا وقطر خصوصا اليوم. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي أعلن حال الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في المحافظات العشر المتأثرة بالزلزال، أن 45 دولة عرضت المساعدة.

ووعد الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره التركي"بكل المساعدة اللازمة مهما كانت".

وتستعد وحدتان أمريكيتان تضم كل واحدة منهما 79 مسعفا للتوجه إلى تركيا على ما أفاد البيت الأبيض.

بدورها، أعلنت الصين اليوم إرسال مساعدات بقيمة 5,9 ملايين دولار تشمل عمال إغاثة متخصصين في المناطق الحضرية وفرق طبية ومعدات طوارئ، وفقا لوسائل الإعلام الحكومية في بكين.

في موسكو، كان مواطنون روس يُحضرون ملابس ثقيلة لضحايا الزلزال. وقالت يفغينيا أوزتيوك وهي سيدة أعمال أربعينية من سكان موسكو متزوّجة من مواطن تركي، لفرانس برس "كل عائلة زوجي تعيش في هاتاي".

ووضع الزلزال العديد من المنظمات الإنسانية والدول الغربية تحت الضغط لتوفير المساعدة للشعب السوري المنتشر بين مناطق يسيطر عليها المسلّحون المعارضون، وأخرى تحت سيطرة الحكومة الخاضعة للعقوبات.

ووعدت دول غربية عدة منها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، بتوفير مساعدة لسوريا، من دون أن تقدم حتى الآن على خطوات عملية بهذا الشأن.

وقال مسؤول برنامج سوريا في منظمة أطباء بلا حدود مارك شاكال إن البلاد "لا تزال منطقة غير واضحة من وجهة نظر قانونية ودبلوماسية"، مشددا على الحاجة الى إرسال المساعدات "في أسرع وقت".

وأبدى شاكال خشيته من أن تكون تبعات الزلزال أكبر من قدرة المنظمات الإنسانية المحلية والدولية الحاضرة في بلاد تشهد منذ 12 عاما نزاعا مدمّرا.

ورأى الأستاذ رافايل بيتي من منظمة "مهاد" الفرنسية غير الحكومية، أن إرسال المساعدة الى سوريا هو أكثر إلحاحا "لأن وضع السكان كان مأسويا" حتى قبل الزلزال.

وأبدى قلقه على وجه الخصوص بشأن محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، آخر المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، مقدّرا عدد المقيمين فيها بزهاء 4,8 ملايين نسمة.

ووفق الآلية المعتمدة بقرار من مجلس الأمن الدولي، تدخل الغالبية العظمى من المساعدات الإنسانية المخصصة للمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، من تركيا عبر معبر باب الهوى الحدودي في إدلب. وسمح المجلس في 2014 بعبور المساعدات عبر أربع نقاط حدودية، لكنه ما لبث أن قلّصها الى واحدة بضغوط من موسكو وبكين، حليفتي دمشق.

ويبدي معنيّون بالعمل الاغاثي قلقهم من ازدحام معبر باب الهوى في حال كان المنفذ الوحيد، لكنهم يشككون في الوقت عينه في إمكانية إعادة تفعيل المعابر الحدودية الأخرى.

وأعلنت الأمم المتحدة اليوم أن معبر باب الهوى تأثر بالزلزال الذي ضرب البلدَين.

من جهتها، ناشدت الحكومة السورية الخاضعة لعقوبات منذ أعوام، المجتمع الدولي توفير مساعدات عاجلة، متعهدة بتوزيعها على السكان في مختلف أنحاء البلاد.

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة بسام صباغ بعد لقائه الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش استعداد بلاده "للتنسيق لتقديم المساعدات الإنسانية لكل السوريين في كافة أرجاء البلاد" وللعمل "مع كل من يرغب بتقديم المساعدة للسوريين في جميع أرجاء سوريا".

وردا على سؤال بشأن فتح نقاط عبور جديدة لمواجهة تداعيات الزلزال، قال صباغ إن "الوصول من داخل سوريا متاح، لذا فإن من يرغب بمساعدة سوريا بإمكانه التنسيق مع الحكومة ونحن سنكون على استعداد للقيام بذلك".

ولم ترد باريس حتى الساعة على هذه الطلبات فيما برلين طلبت فتح جميع المعابر الحدودية للمساعدات.

واستمرت حصائل الضحايا بالارتفاع على جانبي الحدود. ونظرا إلى حجم الأضرار يرجح أن ترتفع مع تقدم عمليات البحث.

ففي تركيا وحدها، أحصت السلطات انهيار حوالى خمسة آلاف مبنى فيما يواجه الجرحى العالقون بين الانقاض خطر تدني حرارة الجسم بسبب البرد الصقيعي.

مراكز إيواء

وقالت منظمة الصحة العالمية إنها تتوقع الأسوأ وتخشى أن تكون "الحصائل أعلى بثماني مرات من الأرقام الأولى" المنشورة.

وسجل الاثنين ما لا يقل عن 185 هزة ارتدادية تلت الزلزالين الأولين اللذين بلغت قوتهما 7,8 درجات خلال الليل والآخر بقوة 7,5 عند الظهر ومركزهما في شمال شرق تركيا.

كذلك وقعت هزات ارتدادية خلال الليل الماضي وقبيل فجر اليوم كان أقواها واحدة بلغت 5,5 درجات عند الساعة 09,13 بالتوقيت المحلي (03,13 ت غ) على مسافة تسعة كيلومترات جنوب شرق غولباشي في جنوب تركيا.

وحولت السلطات قاعات رياضة ومدارس ومساجد حتى إلى مراكز لإيواء الناجين. لكن، خشية من وقوع هزات جديدة فضل الكثير من السكان تمضية الليل في العراء كما الحال في شانلي أورفا في جنوب شرق تركيا.

وقال مصطفى كويونجو البالغ 55 عاما وقد جلس في سيارة العائلة مع زوجته وأطفالهما الخمسة "من لا يخاف؟ الجميع يخاف!".

وهذا الزلزال هو الأعنف الذي يضرب تركيا منذ 17 اغسطس 1999، الذي أودى ب17 ألف شخص من بينهم ألف في اسطنبول. وأعلن الرئيس التركي الحداد الوطني مدة سبعة أيام وإغلاق المدارس لأسبوع كامل.