عناصر من طالبان يتفقدون زنزانة داخل سجن بول الشارخي الواقع في ضواحي كابول. أ.ف.ب
عناصر من طالبان يتفقدون زنزانة داخل سجن بول الشارخي الواقع في ضواحي كابول. أ.ف.ب
العرب والعالم

تحقيق.. قائد عسكري بريطاني سابق: انسحاب بايدن من أفغانستان يطلق العنان لـ"كوكتيل" إرهابي خطير

23 أكتوبر 2021
23 أكتوبر 2021

نيويورك-(د ب ا) - أثار حادث طعن النائب البريطاني المحافظ ديفيد أميس حتى الموت مؤخرا، بينما كان يعقد لقاء مع ناخبيه في دائرته في كنيسة بلفيرس الميثودية "صدمة" و"حزن" في المملكة المتحدة حسبما قال رئيس الوزراء بوريس جونسون.

وتم إلقاء القبض على "على حربي على" البالغ من العمر 25 عاما، المتهم بقتل أميس. وهو ينتمي إلى عائلة صومالية ثرية تم منحها حق اللجوء في بريطانيا بعد فرارها من بلادها التي مزقتها الحرب في تسعينيات القرن الماضي.

ويقول الكولونيل ريتشارد كريمب القائد السابق في الجيش البريطاني في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي إنه لم يتحدد السبب الحقيقي وراء ذلك الهجوم الذي تردد أن القاتل اعترف بارتكابه، ولكن يعتقد أنه ربما تأثر بحركة الشباب الصومالية الموالية لتنظيم القاعدة الذي يمارس نشاطه في الصومال وكينيا.

وكان كين مالكوم، المدير العام لجهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني "إم آي 5" قد حذر الشهر الماضي من أنه ليس هناك أدنى شك في أن انتصار طالبان في أفغانستان قد " شجع وجرأ" الجهاديين في كل مكان.

ويرى كريمب، الرئيس السابق لفريق مكافحة الارهاب الدولي في مكتب مجلس الوزراء البريطاني، أنه ربما يعد قتل البرلماني البريطاني أول هجوم إرهابي ناجح في بريطانيا بعد قرار الرئيس جو بايدن الكارثي بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان.

وقد وقع الطعن الوحشي لأميس في أعقاب هجوم شهدته النرويج وأسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين الأسبوع الماضي، وهجوم آخر في نيوزيلندا في سبتمبر أسفر عن إصابة خمسة أشخاص.

ومن المعروف أن المتشددين في أنحاء العالم احتفلوا بهزيمة الغرب في أعقاب سيطرة طالبان على السلطة في كابول. ولم يؤد ذلك فقط إلى إعادة تنشيط طاقة الخلايا الإرهابية، ولكن سيؤدي أيضا إلى زيادة في عمليات التجنيد، وزيادة التمويل من جانب الداعمين للمتشددين.

وكان تنظيم القاعدة قبل انسحاب بايدن في وضع متراجع، في أعقاب استهداف عناصره بواسطة هجمات الطائرات الأمريكية المسيرة في المناطق القبلية في باكستان، والنكسات الكارثية التي تعرض لها في سوريا، والعراق، واليمن، ومقتل أسامة بن لادن وصعود نجم تنظيم داعش.

وقد تعززت الآن المكانة الدولية لتنظيم القاعدة بين باقي المتشددين، حيث إن للتنظيم نصيبا في التمجيد بنجاح طالبان- الذي كان له دور فيه.

وأضاف كريمب أن القاعدة، وداعش وغيرهما من الشبكات المسلحة المتشددة سوف يستغلون النجاح الباهر لحركتهم العالمية، وسيقومون بتوجيه وتشجيع الهجمات في أنحاء العالم، ويحاكون داعش في ذروة قوتها في سوريا والعراق، ودفع الآلاف إلى التشدد، والتشجيع على القيام بعمليات طعن، ودهس، وهجمات بالمتفجرات والأسلحة في دول كثيرة.

ويقول كريمب إن هذا التشجيع واسع النطاق على الإرهاب، رغم أنه إحتمال كئيب للغاية، لن يكون النتيجة الإرهابية الأكثر خطورة للانسحاب. إذ أنه سيكون هناك تدفق للمسلحين على أفغانستان للانضمام إلى المتشددين هناك، كما فعلوا في السنوات التي سبقت هجمات 11 سبتمبر. وسوف يتدربون، وينظمون، ويرسخون اتصالات عالمية، ويخططون لهجمات ويتلقون التوجيه والتمويل من القيادة.

ورغم وعود حركة طالبان بعدم توفير ملاذ آمن للإرهابيين، فإنها سوف تفعل العكس.فطالبان والقاعدة مرتبطان ارتباطا لا ينفصم، حيث أعلن بن لادن و خليفته أيمن الظواهري مبايعتهما التي لا يمكن التراجع فيها لقادة طالبان.

ويوضح كريمب أن فرع داعش في خراسان، الذي يضم عدة آلاف من المقاتلين في أفغانستان، سوف يشكل تهديدا مماثلا.

ويزعم كثير من القادة السياسيين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أن طالبان عدو لدود لداعش، حيث يقترح البعض أنه يمكن تشكيل تحالف مع طالبان ضد داعش.

ويرى كريمب أن هذا الاقتراح البغيض هو مجرد محاولة للمساعدة في الحد من العواقب السياسية الناجمة عن تصرفاتهم الحمقاء التي سهلت غزو طالبان لأفغانستان.

وفي واقع الأمر، سوف تقاتل طالبان وداعش كل منهما الأخرى في بعض الأحيان، وسوف تتعاونان في أحيان أخرى، وهي ظاهرة لا يدركها فهم كثير من المعلقين والسياسيين في الغرب، ولكنها نمط مألوف في المنطقة.

وفي نهاية المطاف، يعتبر الاجانب عدوا مشتركا يمكن أن يؤدي القضاء عليهم إلى توحيد صفوف الشبكات الإرهابية وتجاهل أي صدام أيديولوجي أو غيره بينها.

ويقول كريمب إن طالبان أصبحت الآن أكثر اتجاها للخارج في طموحاتها المتشددة. فقبل عام 2001 كانت الحركة تركز أساسا على أفغانستان. ولكن الآن وبعد عشرين عاما في مقاتلة القوات الغربية، وفي ظل انضمام الكثير من العناصر الأصغر سنا إليها، و التي لديها قدر أكبر من الوعي الدولي، تتجه أنظار الحركة أيضا إلى الدور العنيف الذي يمكن أن تقوم به في إقامة خلافة إسلامية عالمية.

ويختتم كريمب تقريره بقوله إن الكوكتيل الناتج عن ذلك سيكون أكثر خطورة، مما كان عليه الحال قبل 11 سبتمبر. وتدرك كل هذه الكيانات الفاعلة في الوقت الحالي أنه ليس هناك احتمال لأي تدخل أمريكي على نطاق واسع في أفغانستان.

وفي حقيقة الأمر فإن انسحاب بايدن لم يؤد فقط إلى جلب الظلام والفوضى لشعب أفغانستان، وتقويض المصداقية الاستراتيحية للغرب تماما، بل أيضا أطلق ما قد أصبح أخطر تهديد إرهابي يواجهه العالم حتى الآن.