الاقتصادية

بالتعاون مع وزارة النقل كونيكتد بليسس البريطانية تعد أول تقرير عن فرص وتحديات المدن الذكية في السلطنة

31 يوليو 2021
لمواكبة طموحات رؤية عمان 2040
31 يوليو 2021

علي الشيذاني: سياسات ومشروعات رقمية قيد الإعداد .. ورصد التقدم عبر «مؤشر المحافظات الذكية»

سايمون بيني: بيئة الابتكار الحالية تعزز السعي نحو مدن ذكية تدعم النمو في ظل رؤية طموحة

كونيكتد بليسس كاتابيلت: السلطنة تتقدم على صعيد الانتقال لاقتصاد المستقبل وتملك مقومات الريادة في قطاع المدن الذكية

«اتساقا مع ركائز رؤية عمان أتاحت الحكومة عددا كبيرا من الخدمات الحكومية الإلكترونية مما يفتح الباب أمام قوة الابتكار لتكون داعمة للتنمية المستدامة»

في إطار جهود تعزيز الاستثمار والتعاون الدولي في التقنيات الحديثة والمدن الذكية قامت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع مؤسسة كونيكتد بليسس كاتابيلت البريطانية بإعداد أول تقرير عن فرص وتحديات المدن الذكية في السلطنة. ويعد التقرير بمثابة إطار عمل يحدد المتطلبات والإمكانيات والتحديات التي تتعلق بمنظومة المدن الذكية في مدن ومحافظات السلطنة ويركز هذا التقرير على الدور الذي يمكن أن تلعبه المحافظات في تحقيق مستقبل التنمية المستدامة في عمان، كما يستهدف إطلاع المستثمرين والشركات العالمية على الفرص وتشجيعهم على ضخ الاستثمارات في قطاع المدن الذكية في السلطنة.وأشار التقرير إلى أن بيئة الابتكار الحالية تعزز سعي السلطنة الحثيث لقيام مدن ذكية تدعم النمو الاقتصادي، حيث تتبنى السلطنة رؤية مستقبلية طموحة تحت قيادة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله - وأوضح التقرير أنه خلال عدة عقود قطعت السلطنة شوطًا واسعًا نحو التنمية والتطور وحققت السلطنة بالفعل تقدما كبيرا على صعيد الانتقال لاقتصاد المستقبل القادر على توليد الوظائف والفرص والمهارات لكن يظل هناك الكثير من المقومات التي يمكن استغلالها وتقدم أساسًا ناجحًا لتحقيق مستهدفات الرؤية المستقبلية عمان 2040.

وقال سعادة الدكتور علي بن عامر الشيذاني وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للاتصالات وتقنية المعلومات: إنه عبر الرؤية المستقبلية «عمان 2040» تتطلع السلطنة إلى الكثير من الطموحات منها بناء مدن ومحافظات مستدامة، ومواكبة لرؤية عمان تعطي منصة المدن الذكية أولوية لتصميم وإيجاد بيئة مواتية لمحافظات تنافسية ذكية في السلطنة ومن المستهدف طرح مجموعة من السياسات والمشروعات الرقمية المهمة في محافظات السلطنة، وإحدى المبادرات الرئيسية هي تطوير مؤشر المحافظات الذكية كمقياس معياري لرصد التقدم وتعزيز التطوير. كما نتطلع إلى تعزيز التعاون الدولي لتبادل المعرفة والخبرات وتنفيذ المشروعات التي تحقق الطموح نحو قيام المحافظات المستدامة الذكية، ونثمّن الشراكة في هذا الصدد مع الحكومة البريطانية بشكل عام ومع مؤسسة كونيكتد بليسس كتابيلت بشكل خاص ونتطلع إلى مزيد من هذه الشراكة. وأعرب سعادته عن تقديره للجهود التي بذلت في هذا التقرير والذي يقدم إطار عمل لتعزيز تنافسية المدن والمحافظات في السلطنة، مشيرًا إلى أن الاهتمام بالمدن الذكية ليس بالأمر الجديد في السلطنة إذ سبق تقديم العديد من المبادرات في هذا الصدد ومن أهمها تأسيس منصة المدن الذكية في عام 2017 وتم عبر المنصة عدد من المشروعات لتعزيز البحث والابتكار فيما يخص المدن الذكية مثل تنفيذ ثلاثة هاكاثونات للمدن نتج عنها تقديم 50 من الحلول والأفكار الابتكارية للمدن، كما تم تمويل ستة مشروعات بحثية قامت بها جهات أكاديمية جامعية، وتم طرح مبادرة سفراء المدن الذكية لتكوين فرق مجتمعية من المتطوعين والقادة ذوي المهارة وتنظيم عشرات من حلقات العمل والمحاضرات، وقد حصلت مبادرة سفراء المدن الذكية على جائزة من الاتحاد الدولي للاتصالات كأفضل برنامج ابتكاري لبناء القدرات في 2020.

أفق الشراكة بين السلطنة والمملكة المتحدة

وفي كلمته في التقرير قدم سعادة سايمون بيني، المفوض التجاري لملكة المملكة المتحدة إلى الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان، رؤية الحكومة البريطانية فيما يتعلق بالمدن الذكية وأفق الشراكة بين السلطنة والمملكة المتحدة مشيرًا إلى أنه مع مرور أكثر من عام على تفشي الجائحة فقد تم خلال هذه الفترة القصيرة تغيير كافة أوجه الحياة وأصبح لدى الأفراد وأصحاب الأعمال والحكومات قدرة كبيرة على التكيف الذي يتطلب سياسات تعتمد على الابتكار والمرونة والرؤية طويلة المدى وهي ثلاثة عناصر للنجاح نراها تبزغ بقوة في السلطنة. وخلال العام الماضي في السلطنة شهدنا صعودا في عدد الشركات الناشئة حيث تكاتفت الجهات الحكومية وريادة الأعمال والباحثون في مواجهة الجائحة والتكيف معها مما أسفر عن استخدام متزايد للابتكار والتكنولوجيا. واستجاب قطاع الأعمال لاحتياجات الزبائن في كافة القطاعات بدءًا من الاتصالات وحتى التأمين والأغذية والمشروبات، وبالتوازي مع ذلك تسارع استخدام التكنولوجيا بشكل ملموس حيث استغل الجميع إمكانيات الوصول الرقمية لتلبية احتياجاتهم وزاد عرض الخدمات الإلكترونية. وأتاح التكيف مع الجائحة عبر استغلال التكنولوجيا استمرارية الأعمال ومواصلة التعليم عن بعد واستمرار التواصل بين الجميع، واتساقا مع ركائز «رؤية عمان 2040» أتاحت الحكومة العمانية عددا كبيرا من الخدمات الحكومية الإلكترونية وهو ما يفتح الباب أمام قوة الابتكار لتكون داعمًا للنمو الاقتصادي والرخاء. وتعد «رؤية عمان 2040» خارطة طريق لتحقيق طموحات البلاد وتحويلها إلى واقع وتعزيز وتطوير البنية الأساسية والأنظمة الحضرية في البلاد عبر إنشاء المدن الذكية بالتزامن مع تعزيز الاقتصاد الرقمي المبني على المعرفة. ومع اعتبار الابتكار والمرونة والرؤية طويلة المدى عوامل ثلاثة للنجاح لكن يمكننا أن نضيف عاملا رابعا مهما هو الشراكة، وبينما تتميز السلطنة والمملكة المتحدة بعلاقات وطيدة راسخة فإن أحد أوجه التعاون والشراكة المهمة بين البلدين هو تطوير المدن الذكية التي يمكن أن تلعب دورا محوريا في التنويع الاقتصادي.

المبادرات المشجعة والواعدة في السلطنة

ويستخلص التقرير عددا من الخطوات التي تستهدف تمكين عمان من تطوير تجربتها الخاصة في المدن الذكية بالشراكة ما بين أصحاب المصالح الأربعة وهم الحكومة والحكومات المحلية والخبراء وأصحاب الأعمال، وأشاد التقرير بالمبادرات المشجعة والواعدة في السلطنة في الوقت الحالي مثل تعاون الشباب ورواد الأعمال العمانيين المبتكرين في مسقط في تشارك مساحات وأماكن العمل، ووجود مشروعات واعدة متعددة الأغراض مثل مدينة العرفان في مسقط والتطور نحو تحويل الدقم إلى مدينة ذكية والفرص المتاحة في ميناء صلالة والتصنيع الواعد في ميناء صحار، ومقومات السياحة الوافرة في ظفار، والجهود الجادة التي تبذلها الحكومة العمانية لتعزيز النمو المحلي واستغلال كافة الإمكانيات المتاحة وغير ذلك من المقومات التي تمثل فرصة سانحة تؤهل السلطنة للدخول إلى مرحلة من النمو الاقتصادي المرتكز على الابتكار والتكنولوجيا وتطوير المحافظات، وبدعم من رؤية عمان والاستراتيجية العمرانية تبدو مختلف المحافظات في وضع يمكنها من الانطلاق في رحلة المدن الذكية بما يرافقها من تطور حضري وتفعيل إمكانيات التطور الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، انطلاقا من رؤية عمان التي ترى أن المدن الذكية هي طموح وطني وأداة للنمو وإيجاد الوظائف وتنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على صادرات النفط. وفي إطار ذلك أعلنت الحكومة عن الاستراتيجية العمرانية لقيادة هذا التحول ضمن «رؤية عمان 2040» مع إيجاد الأدوات اللازمة للتحول والشراكة مع القطاع الخاص والخبراء المتخصصين، وفي عام 2017 تم تأسيس منصة المدن الذكية مما يبرز الاهتمام بهذا القطاع في البلاد وتم تأسيس المنصة لتصبح مركزًا لتشارك المعرفة وتمكين الحلول وبناء القدرات. وأكد التقرير على أن عمان تملك كافة المقومات لتصبح أحد الرواد في قطاع المدن الذكية، لكن مثل جميع الخطط الخاصة بالمدن الذكية في العالم هناك دائما فرص يجب انتهازها لتسريع الوصول إلى الهدف، وفيما يتعلق بالفرص لتطوير المدن الذكية في عمان فوفقًا لدراسة الحالة البريطانية أوصى التقرير بأهمية وضع سياسات واضحة قادرة على التكيف وفق الخصوصية والمتطلبات المحلية مع ضرورة وجود التشريعات والمعايير المناسبة التي تمكن الحكومة من قيادة تطوير القطاع، كما تعد البنية الأساسية مثل الطرق والبنية الرقمية مثل شبكات الاتصالات والنطاق العريض في كافة المحافظات ضرورة لمساندة أصحاب الأعمال والأكاديميين والباحثين المبتكرين، وأكد التقرير على أهمية إيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين الأجانب الراغبين في اقتناص الفرص في المنطقة، ويمكن للحكومة العمانية والمحافظات تقديم حزم محفزة لتشجيع دخول القطاع الخاص إلى مشروعات المدن الذكية إضافة إلى توفير المقومات اللازمة للمدن الذكية مثل المسرعات والمعامل ومختبرات ساندبوكس التي تسمح للمستثمرين باختبار الخدمات والبرامج في بيئة عمل افتراضية ضمن أطر رقابية مبسطة، وكذلك تعزيز حصول رواد الأعمال على عقود المشتريات الحكومية كعامل محرك أساسي لنمو مشروعات رواد الأعمال عبر توفير التمويل، وتعزيز سهولة التنقل انطلاقا من شبكة المطارات والطرق المتطورة، كما أن تطور الموانئ في السلطنة جزء أساسي من الفرص التي تملكها عمان التي تطمح لتطوير الموانئ إلى مناطق نمو صناعي متكاملة.وأوضح التقرير أنه حيثما تتواجد المدن الذكية في العالم فإن هناك تحديات ترافق هذه المشروعات لكنها في الوقت نفسه توفر فرصًا واسعة نحو التطور والنمو الاقتصادي، كما تتميز المدن الذكية بأنها تجارب تنطلق اعتمادا على الخصوصية المحلية لكل مدينة ودولة وتتطلب شراكة فاعلة مع أصحاب المصالح في هذا القطاع إضافة إلى دعم كبير من الحكومات.

ورصد التقرير أنه فيما يتعلق بالتجربة البريطانية فقد دفعت جهود التحول نحو اللامركزية في المملكة المتحدة المدن والمناطق نحو إعادة التفكير فيما يعنيه أن تكون مدينة ذكية متصلة فيما بينها من جانب ومع العالم من جانب آخر، وكان عليها تحديد السياسات والموارد لتحقيق هذا الهدف انطلاقا من الميزة النسبية لكل مدينة مقارنة مع بقية المدن في المملكة المتحدة، ومن المؤمل أن مشاركة التجربة البريطانية سيكون مثريًا لكل من السلطنة والمملكة المتحدة، ويقدم هذا التقرير وجهة نظر محايدة لكل من حكومتي المملكة المتحدة والسلطنة حول تطوير قطاع المدن الذكية في مختلف محافظات السلطنة بما في ذلك المناطق القابلة للنمو والسياسات الموصى بها والدروس المستفادة من تجربة المملكة المتحدة وإمكانيات الشراكة والتعاون بين البلدين.