معا لتشكيل نموذج جديد للعولمة المتمحورة حول الإنسان

30 نوفمبر 2022
30 نوفمبر 2022

تبدأ الهند اليوم رئاستها لـمجموعة العشرين..

حققت الرئاسات الـ17 السابقة لمجموعة العشرين نتائج مهمة لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وترشيد الضرائب الدولية وتخفيف عبء الديون على البلدان والعديد من النتائج الأخرى. وسوف نعمل على الاستفادة من هذه الإنجازات ونبني عليها أكثر.

ومع ذلك بينما تتولى الهند هذا الدور المهم، أسأل نفسي، هل يمكن لمجموعة العشرين المضي قدما؟ وهل يمكننا تحفيز تحول عقلي أساسي لصالح البشرية أجمع؟

وفعلا أعتقد أننا نستطيع.

لقد تشكّلت عقلياتنا من خلال ظروفنا على مر التاريخ وعاشت البشرية في ندرة، وحاربنا من أجل موارد محدودة لأن بقائنا يعتمد على حرمان الآخرين منها، وأصبحت المواجهة والمنافسة بين الأفكار والأيديولوجيات والهويات هي القاعدة الأساسية.

ولسوء الحظ فإننا ما زلنا محاصرين في نفس عقلية المحصل الصفري حتى اليوم. نرى هذا عندما تتقاتل البلدان على الأراضي أو الموارد وعندما يتم تسليح الإمدادات من السلع الأساسية وعندما يخزن عدد قليل من اللقاحات حتى تعيش المليارات في خطر.

قد يجادل البعض بأن المواجهة والجشع مجرد طبيعة بشرية، ولكن أنا أعترض على ذلك. فإذا كان البشر أنانيين بطبيعتهم فما الذي يفسر الجاذبية الدائمة للعديد من التقاليد الروحية التي تدافع عن الوحدة الأساسية لنا جميعًا؟

إن أحد هذه التقاليد الشائعة في الهند ترى بأن جميع الكائنات الحية وحتى الأشياء غير الحية تتكون من نفس العناصر الأساسية الخمسة وهي الأرض والماء والنار والهواء والفضاء، وأن الانسجام بين هذه العناصر بداخلنا وبيننا هو شيء ضروري لرفاهيتنا الجسدية والاجتماعية والبيئية.

ستعمل رئاسة الهند لمجموعة العشرين على تعزيز هذا الشعور العالمي بالوحدة، ومن هنا جاء موضوعنا «أرض واحدة وعائلة واحدة ومستقبل واحد».

وهذا ليس مجرد شعار فقط، حيث إنه يأخذ في الاعتبار التغييرات الأخيرة في الظروف البشرية التي فشلنا جميعا في تقديرها.

اليوم لدينا الوسائل لإنتاج ما يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية لجميع الناس في العالم.

واليوم نحن لسنا بحاجة للقتال من أجل بقائنا ولا يجب أن يكون عصرنا عصر حرب.

اليوم يمكن حل أكبر التحديات التي نواجهها مثل تغير المناخ والإرهاب والأوبئة من خلال العمل معا وليس من خلال محاربة بعضنا البعض.

لحسن الحظ فقد وفرت لنا تكنولوجيا اليوم أيضا الوسائل لمعالجة المشكلات على نطاق البشرية، حيث تثبت العوالم الافتراضية الضخمة التي نعيشها اليوم قابلية التوسع في التقنيات الرقمية.

يسكن في الهند سدس البشرية مع تنوعها الهائل في اللغات والأديان والعادات والمعتقدات والتقاليد ولذلك تعد الهند نموذجا مصغرا للعالم.

ومع أقدم التقاليد المعروفة لصنع القرار الجماعي تسهم الهند في الحمض النووي التأسيسي للديمقراطية. بصفتها أم الديمقراطية فإن الإجماع الوطني في الهند لا يتم تشكيله عن طريق الإملاءات ولكن من خلال مزج ملايين الأصوات الحرة في لحن واحد متناغم.

يعد اقتصاد الهند الأسرع نموا، حيث يعتني نموذج الحكومة الذي يركز على المواطن لدينا حتى بالمواطنين الأكثر تهميشا مع رعاية الجوانب العبقرية الإبداعية لشبابنا الموهوبين.

لقد حاولنا أن نجعل التنمية الوطنية ليست ممارسة في الحكم من أعلى إلى أسفل بل «حركة شعبية» يقودها المواطنون.

لقد استفدنا من التكنولوجيا لإنشاء سلع عامة رقمية منفتحة وشاملة وقابلة للتشغيل البيني. وقد حقق ذلك تقدما ثوريا في مجالات متنوعة مثل الحماية الاجتماعية والشمول المالي والمدفوعات الإلكترونية.

ونظرا لكل هذه الأسباب يمكن أن توفر تجارب الهند رؤى للحلول العالمية الممكنة.

سنقدم خلال فترة رئاستنا لمجموعة العشرين تجارب الهند ودروسها ونماذجها كقوالب ممكنة للآخرين وخصوصا العالم النامي.

سيتم صياغة أولوياتنا في مجموعة العشرين بالتشاور، ليس فقط مع شركائنا في مجموعة العشرين ولكن أيضًا مع زملائنا المسافرين في جنوب الكرة الأرضية والذين غالبًا ما لا يُسمع صوتهم.

ستركز أولوياتنا على شفاء «الأرض الواحدة» لدينا وإيجاد الوئام داخل «الأسرة الواحدة» وإعطاء الأمل «لمستقبلنا الواحد».

ولشفاء كوكبنا سنشجع على اتباع أنماط الحياة المستدامة والصديقة للبيئة بناءً على تقاليد الهند في الوصاية على الطبيعة.

ومن أجل تعزيز الانسجام داخل الأسرة البشرية سنسعى إلى نزع الطابع السياسي عن الإمداد العالمي بالأغذية والأسمدة والمنتجات الطبية حتى لا تؤدي التوترات الجيوسياسية إلى أزمات إنسانية. كما هو الحال في عائلاتنا، فإن أولئك الذين تكون احتياجاتهم أعظم يجب أن يكونوا دائمًا محل اهتمامنا الأول.

ولبث الأمل في أجيالنا القادمة سنشجع الحوار الصادق بين أقوى الدول حول التخفيف من المخاطر التي تشكلها أسلحة الدمار الشامل وتعزيز الأمن العالمي.

سيكون جدول أعمال مجموعة العشرين في الهند شامل وطموح وعملي المنحى وحاسم أيضا.

دعونا نتكاتف معًا لجعل رئاسة الهند لـمجموعة 20 رئاسة مداواة الجراح والوئام والأمل. دعونا نعمل معا لتشكيل نموذج جديد للعولمة المتمحورة حول الإنسان.

ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند