كيف يمكن لأوكرانيا تحقيق أقصى استفادة من هدوء الشتاء؟

26 نوفمبر 2022
26 نوفمبر 2022

ترجمة: بدر بن خميس الظفري -

الشتاء قادم، مما سيجعل من الصعب على أوكرانيا مواصلة تقدمها ضد روسيا. الأشهر القليلة التالية - التي يطلق عليها المؤرخون اسم راسبوتيتسا، أو السفر البغيض - كانت العدو الأكبر للجيوش الأوراسية لعدة قرون. يطلق الجنود على هذه الفترة اسم "الطين العام"، وهو اختصار للظروف البيئية القاسية التي جعلت الغزاة الفرنسيين والألمان يمشون على ركبهم في عامي 1812 و1943 على التوالي.

لكن يجب أن يُنظر إلى الشتاء القاسي على أنه وقت للاستعداد للربيع، وليس لإيقاف جميع العمليات. يجب أن تواصل أوكرانيا هجماتها بعيدة المدى ضد مستودعات الذخيرة الروسية الضعيفة ومراكز القيادة وخطوط الإمداد. وبمساعدة من منظمة حلف شمال الأطلسي، يجب أن تبدأ كييف أيضًا جهدًا مدروسًا لإعادة تشكيل قوتها العسكرية في الوقت المناسب لموسم حملة 2023.

إنّ الاستعدادات المختلفة التي يجب على أوكرانيا القيام بها واضحة وهي: وضع مواقع هاردن الدفاعية على طول الخطوط الأمامية الحالية، ودمج القوات البديلة في الوحدات، وتصنيع الملابس والمعدات الشتوية، فهذه هي الفكرة المنطقيّة لأي جيش بعد حملة طويلة، لكنها ستكون فرصة ضائعة إذا توقفت عند هذا الحد، فأوكرانيا تحتاج إلى نهج أكثر شمولاً، وهو نهج ينبغي أن يسرّع في تسليم المخزونات العسكرية الهائلة وقدرات التدريب من دول الناتو لتجديد جيشها بينما يكافح خصمها الروسي لإعادة تزويد قواته ودمج احتياطاته التي تم حشدها.

بموجب هذه الاستراتيجية الجديدة، يجب ألا يستمر الحلفاء فقط في إعادة إمداد المعدات والذخيرة المهمة وصواريخ هيمارس وأصول الدفاع الجوي، بل يجب عليهم أيضًا إجراء ندوات التخطيط العملياتي مع الجيش الأوكراني، والتي تتكون من ورش عمل حول الدروس المستفادة في عام 2022 والتخطيط التشغيلي لعام 2023، كما يمكن لحلف الناتو أيضًا مضاعفة جهوده لتدريب القادة والوحدات الرئيسية خارج أوكرانيا لبناء طبقة ثانية من الخبرة الشخصية في عمليات وإصلاح المعدات الغربية - وتحسبًا لقرارات سياسية، يجب تدريب الطيارين على طائرات غربية متقدمة بالإضافة إلى تدريب أرضي على أنظمة دفاع جوي ومركبات قتالية أكثر قدرة.

في ساحة المعركة، يجب على الغرب تعزيز دعمه لحملة إطلاق الصواريخ العميقة التي تشنها أوكرانيا ضد مستودعات الإمدادات، والطرق اللوجستية، ومراكز القيادة، ووحدات دعم الصف الثاني خارج الخطوط الأمامية الروسية، مما سيؤدي إلى إعاقة محاولة روسيا تجديد قوتها القتالية حتى مع وصول القوات التي تم حشدها حديثًا والطائرات الإيرانية بدون طيار، ويمكن استكمال هذه الجهود بهجمات محلية ضد القوات الروسية كلما سنحت الفرص. إن إبقاء الروس يركزون على رعاية قوتهم القتالية ومنع قدرتهم على إجراء عمليات برية سيكون أفضل ضمان لإحباط أي هجوم مضاد من الشرق.

كذلك يجب دعم هذه الأنشطة العسكرية بحملة دبلوماسية وإعلامية قوية، حيث أظهر الناتو اتحادا ملحوظا، لكن دعمه لا يمكن أن يؤخذ على أنه أمر مسلم به، فعلى خلفية ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع تكاليف الوقود والتقدم البطيء على الأرض، يمكن للقادة أن يتوقعوا تضاؤل دعم بلدانهم العام للجهود الحربية إذا لم يستمروا في تقديم حجة مقنعة لشعوبهم حول ما إذا كان دعم بلدانهم لأوكرانيا في بلادهم سيجلب لهم مصلحة ما.

كما يجب أن تستمر الجهود الدبلوماسية في عزل روسيا عن المجتمع الدولي بشكل عام، وعن شحنات الأسلحة من دول مثل بيلاروسيا وكوريا الشمالية وإيران على وجه الخصوص، ويجب على الغرب أيضا الضغط على الحلفاء المحايدين، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لاتخاذ موقف حازم بشأن الحرب بدلاً من محاولة استرضاء الطرفين، كما يجب أن تستمر هذه الجهود الدبلوماسية في معاقبة فلاديمير بوتين، ولكن يجب أن تبدأ أيضًا في إرساء الأسس لمفاوضات مستقبلية - لا ينبغي رفض أو الاستخفاف بآفاقها من جانب واحد، نظرًا لأن فرص هزيمة روسيا أو انسحابها من أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، بعيدة جدًا.

من المرجح أن يواصل الجيش الروسي، الذي يعمل داخل أوكرانيا وخارجها، حملة القصف المتعمدة ضد المدن والبنية التحتية الحيوية، لكن يبدو أن قواتها البرية غير قادرة على فعل أي شيء أكثر من القيام بهجمات مضادة محلية، وتقوية خطوط دفاعها، والبدء في دمج جنود الاحتياط الذين تم حشدهم.

لكتابة خطة الحملة، يحتاج المخططون العسكريون واللوجستيون إلى مئات الصفحات للتعليمات والجداول الزمنية اللازمة، ومع ذلك، من المتوقع أن يقدم القادة أهدافهم بأقل عدد ممكن من الكلمات، والتي تكون بمثابة نقطة انطلاق للحملة. كتب الجنرال دوايت آيزنهاور نيته لهزيمة جيش هتلر بكل بساطة: "ستدخل قواتنا قارة أوروبا، وستقوم، بالاشتراك مع دول الحلفاء الأخرى، بعمليات تستهدف قلب ألمانيا وتدمير قواتها المسلحة"، وكذلك يجب أن تكون نية السيد زيلينسكي هذا الشتاء بسيطة بنفس القدر: "سنعزز ونجدد الجيش بالتعاون مع الناتو لإخراج الجيش الروسي من أوكرانيا، أو قبول استسلامه أو إكمال تدميره في ساحة المعركة".

من المحتمل ألا تتم إعادة القوات الروسية إلى حدود ما قبل الغزو بحلول نهاية هذا العام، وألا يتم تحرير القرم بحلول ذلك الوقت، ولكن مع إعادة البناء والتخطيط والتدريب المناسبين هذا الشتاء، بالإضافة إلى استئناف الهجمات الأوكرانية بعد فترة وجيزة من ذوبان الجليد في الربيع، فتعد هذه الأهداف مقبولة لعام 2023.

• مارك تي كيميت عميد متقاعد بالجيش الأمريكي، شغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية.

• عن صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية