أصوات تكاملية لتسويق المكان

01 أغسطس 2021
01 أغسطس 2021

بعض ذكاء التعايش الاجتماعي تأقلم المرء مع واقعه بما يتضمنه من معطيات ، وليس هذا التعايش مجرد القبول بالموجود وحسب ، بل توظيفه وتفعيله لحياة أفضل ما دامت ممكنة، وهكذا نجد أننا نعيش ضمن دوائر افتراضية عبر عالم مفتوح؛ هو هذا العالم الرقمي الذي نعاصر ونعايش ، ولعلّ من الحكمة أن نوظف الممكن من هذا العالم لصالحنا والأرض التي نحب .

لا يخفى على أحدٍ أنه من حسنات مواقع التواصل الاجتماعي كشف مكنون إبداعات ما كنا لندركها دون هذا العالم الافتراضي المفتوح ، ومن البديهي مع كل ما منحتنا التكنولوجيا من معرفة وإدراك أن نتساءل عن إمكانية تفعيل هذه الإبداعات بشكل تكاملي يصل بالمكان ومبدعيه لأعلى سماوات التواصل و مجالات التفعيل .

ومن المجالات التي ينبغي خدمتها تواصليا السياحة ، وليس ذلك بالأمر الصعب إن أخلصنا في محبتنا للمكان.

كيف يمكن لذلك أن يحدث دون تأمل للبيئة الطبيعية مع دراسة المجتمع ثقافيا و حضاريا ؟!

وكيف يمكن ألا يحدث مع متابعة ما يطرح عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث لا يحتاج الأمر لأكثر من تنسيق للجهود و تنظيم للرؤى ؟!

فلو أننا حددنا مواقع بعينها ، لا تخلو من جمال عبر مواسم مختلفة لا يمكن تجاوزها وفق الآتي مثلا :

- محافظة ظفار وضواحيها صيفا : خلال فترة الخريف التي يمكن أن تمتد لثلاثة أشهر أو يزيد ، وهنا لا يمكن تجاوز معطيات المكان المميزة له في الجنوب كالخضرة والماء ، الضباب والرذاذ ، المرتفعات والسهول ، وحتى الألوان متمثلة في الأزياء ، والعمران .

- الجبل الأخضر وجبل شمس ربيعا ، مع معطيات جبلية ومواسم حصاد للورد والرمان والجوز وغيرها .

- باقي مناطق السلطنة شتاء بما تشمله من نخيل وأفلاج ، أحياء شعبية وقرى ، أودية وعيون .

نكون بهذا قد حصرنا مراكز الاهتمام ، ومواقع الجمال في تنافس مخلص لإظهار أجمل ما قد يزخر به المكان من مكنونات لم تُرَ من قبل ، أو موجودات لمّا يدرك أجمل ما فيها بعد .

نتوزع بعدها فِرقا منظمة لتسويق المكان عبر الإعلام التقليدي والرقمي ما أمكن ، من خلال قنوات جمالية مختلفة تشمل الآتي :

- فئة المصورين المبدعين القادرين على نقل جماليات المكان في أمزجة مختلفة حسب الموقع والتضاريس وحتى التفاصيل الصغيرة في المأكل والملبس والعادات .

- فئة الكتّاب ؛ عبر النثر والشعر من مقالات صحفية و خواطر وقصائد توثق تفاصيل المكان وإنسان هذا المكان ، عبر نقل خبراته وشخصياته ، وإمكانية تحويلها إلى شخصيات عامة تقديرا واحتراما ، وتدل المتلقي عبر هذا العالم الافتراضي عليها ، كما تساهم في قراءة المتاح و اقتراح الأفضل لتحويل المكان لبؤرة جذب سياحية عبر مقوماته الطبيعية والثقافية وممكناته الخدمية ، وحتى مع أزمة كورونا فلا أسهل من انتظام هذه الجهود عبر أمسيات تفاعلية و مساحات حوارية يمكنها خدمة فكرة التكامل الجمالي المسوق للمكان .

كيف لا ، ولكل جزء من هذه الأرض تاريخ وآثار ومعطيات لا يمكن إغفالها ؟

- فئة المؤثرين اجتماعيا ، وتوظيف تأثيرهم لصالح التسويق للمكان عبر مشاركة معرفية توزع بين أكبر عدد من المتلقين في العالم الرقمي المفتوح الذي يؤدي إلى تفاعل واقعي مأمول في قلب المكان .

- المؤسسات الحكومية المعنية بالسياحة والثقافة والاقتصاد خصوصا واستقطاب مؤسسات القطاع الخاص وذكاء تواصلها مع كل الفئات السابقة وصولا لمشاركة مجتمعية عامة ننهض بها جميعا وصولا لمشاركة عادلة للسياحة تمكن هذا القطاع من المشاركة الفاعلة لدفع عجلة التنمية ودعم اقتصادها ، فضلا عن الجدوى الثقافية والاجتماعية المتحققة يقينا .

لا يمكن إنكار جهود مؤسسية وفردية تبذل بإخلاص هنا وهناك ، كل وفق اختصاصه ومكانه ، ولكن نحن أحوج ما نكون لتكامل هذه الجهود و ربطها عبر حلقات وصل لا انفصام لها، لأن " المُنبتّ لا أرضا قطع ولا ظَهْرا أبقى " ولأن في تكاملها توفير للجهد والوقت ، وصولا لمشاركة حقيقية تؤمن بالتكامل سبيلا للنهوض و دربا لغدٍ أفضل .