نوافذ :ماذا لو كان لسعيد أخت؟

23 يونيو 2021
23 يونيو 2021

بشرى خلفان

تابعت آخر مقابلة للمفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد، التي أجراها معه تشارلز جلاس، الكاتب والناشر المتخصص في شؤون الشرق الأوسط.

كان سعيد كعادته ورغم مرضه، رصينا، صادقا وعميقا في حواره، الذي دار حول مرضه ومواقفه، ومشاريعه، والكتابة، والقضية الفلسطينية، وبتعريجات مهمة على تاريخه الشخصي.

تاريخه الشخصي تحديدا أثار فضولي، فرغم أني سبق واطلعت على كتابه/ سيرته الذاتية خارج المكان، ولأني كثيرة النسيان، أصابني الفضول حول نشأته في مصر، فعدت بشكل سريع وخاطف إلى سيرته على صفحة الويكيبيديا، لأجد أن لسعيد 4 أخوات، أكبرهن روزماري سعيد زحلان، ولأن البحث باب يفضي إلى باب، ولأن الفضول غالب على طبعي، تقت لمعرفة روزماري سعيد زحلان أكثر.

فوجدت أن روزماري سعيد زحلان ولدت في العشرين من أغسطس ١٩٣٧، وتوفيت في العاشر من مايو ٢٠٠٦، وهي مؤرخة مختصة بتاريخ الخليج العربي.

وتعتبر كتبها في تأريخ دول الخليج من أهم ما كتب في هذا المجال، ولها في ذلك مؤلفات عدة، أبرزها هو «تكوين دول الخليج الحديثة: الكويت، البحرين، قطر، دولة الإمارات العربية المتحدة وعمان»، وكان آخر ما كتبت هو «فلسطين ودول الخليج العلاقات الفعلية».

بالإضافة إلى ذلك، كانت روز ماري أحد رعاة حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني في بريطانيا، بل وأسست مع زوجها عالم الفيزياء الفلسطيني طوني زحلان حملة لإقامة مكتبة غزة وذلك لتوفير الكتب للفلسطينيين.

لا يوجد الكثير عن روزماري سعيد زحلان على الشبكة، ولربما كان هذا طبيعيا لمرأة آثرت العمل في صمت، لكن ما أثارني فعلا أن اسم أخيها إدوارد سعيد، كان دائما يأتي مباشرة بعد اسمها وتاريخ ميلادها ومهنتها.

هذه الملاحظة، ذكرتني بتساؤل لفيرجينا وولف في كتابها «غرفة تخص المرء وحده»، تساؤل حول ماذا لو كان لشكسبير أخت؟! هل كانت ستنال مثل حظوظه في التعليم والشهرة؟

هذا التساؤل ينتمي إلى القرن السادس عشر الذي عاش شكسبير فيه، لكنه كان سيكون في غير محله في القرن العشرين، فقد حصلت روزماري سعيد زحلان على تعليم عال بالطبع، ودرست علوم الموسيقى بجامعة برين ماور في بانسيلفينيا، وكانت عازفة ماهرة على البيانو، ولم تتوقف عن العزف إلا إثر إصابتها في حادث سير.

ثم عادت وأكملت دراستها في القاهرة، ونالت الدكتوراه عن أطروحة حول طريق البحر الأحمر إلى الهند في القرن التاسع عشر، من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، وكتبت مقالات ودراسات كثيرة، لصالح مجلات مرموقة مثل الفايننشال تايمز، والمجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط، وأيضا ساهمت في كتابة موسوعة الإسلام، ونشرت الكثير من الدراسات المهمة، حول التنافس الأمريكي البريطاني في الخليج، والأثر الاقتصادي والاجتماعي للامتيازات النفطية، كما أنها كانت ناقدة صارمة للضغط الاستعماري على المنطقة.

نعم كان لسعيد أخت، وكانت عالمة، مؤرخة، وأكاديمية، سياسية، وناشطة في الدفاع عن القضية الفلسطينية، لكنها كانت تعرف، وفي السطر الأول من سيرتها، كأخت لإدوارد سعيد.