تداول :أين شركات المساهمة العامة من الاستثمار في قطاع التعدين؟ «1-2»

28 أبريل 2021
28 أبريل 2021

سوف أبدأ مقال هذا الأسبوع من حوار معالي الوزير متقاعد يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية سابقا في برنامج ليل مسقط الأسبوع الماضي عندما تحدث عن النقلة الاقتصادية التي شهدتها ولاية يوتا الأمريكية في بداياتها الأولى عندما لم يكن أمام سكانها مجال لتأسيس اقتصادهم سوى الاستثمار في الجبال الموجودة بقربها، ودعوته للتفكير في الاستثمار في عدد من المجالات من بينها قطاع التعدين الذي يع] أحد القطاعات المستهدفة في الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) كما كان أيضا في الخطة الخمسية السابقة.

وعلى الرغم من الأهمية الاقتصادية لقطاع التعدين إلا أنه -من وجهة نظري- لم يحقق حتى الآن الأهداف المنشودة منه في دعم ميزانية الدولة، إذ لا تزال الأرقام متواضعة جدًا، ووفقًا لبيانات الحساب الختامي للدولة لعام 2019 بلغت إيرادات التعدين 10.8 مليون ريال عماني مقابل 13.4 مليون ريال عماني في عام 2018 وكانت الموازنة تتوقع أن يتمكن القطاع في عام 2019 من تحقيق إيرادات بـ20 مليون ريال عماني ولكنه لم يتمكن من ذلك.

وخلال العام الماضي بلغت مساهمة قطاع التعدين واستغلال المحاجر في الناتج المحلي الإجمالي 129.5 مليون ريال عماني مقابل 125.5 مليون ريال عماني في عام 2019 و144.8 مليون ريال عماني في عام 2018، وتبلغ نسبة مساهمة القطاع في إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية 0.5% وهي نسبة متدنية جدًا على الرغم من كثرة مواقع التعدين والكسارات التي لا يكاد يخلو جبل منها.

وإذا رجعنا إلى التصريحات الرسمية بشأن استراتيجية قطاع التعدين بعد ضم القطاع إلى وزارة الطاقة والمعادن والتحديات التي تواجه القطاع نجد الدكتور سالم بن علي المحروقي مستشار الوزير للمعادن يشير في حديث لإذاعة الشبيبة إلى أن «قطاع التعدين في السلطنة تسيطر عليه الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تتجاوز 95% من التراخيص التعدينية، فيما تشكل تراخيص الكسارات 66% من إجمالي التراخيص، ويشكل إنتاجها ما نسبته 70% من إجمالي المعادن المنتجة في السلطنة، موضحًا أن الوزارة تعمل على جذب كبار الشركات ذات الخبرات العالمية لجذب رؤوس الأموال من جانب، ونقل المعارف والخبرات من جانب آخر».

في ظل هذه التحديات والواقع المشار إليه والأرقام التي أشرنا إليها فإن التساؤل الذي يفرض نفسه: أين شركات المساهمة العامة من الاستثمار في هذا القطاع؟، فباستثناء شركة الكروم العمانية التي تم تأسيسها منذ سنوات عديدة لم نجد بعد ذلك شركات مساهمة عامة يتم تأسيسها لهذا الغرض بل وجدنا ازديادا في أعداد الشركات الخاصة التي يتم تأسيسها للعمل في هذا القطاع على الرغم من عدم تحقيقها أي مكاسب اقتصادية للدولة، متناسين أن قطاع التعدين أكبر من إنشاء كسارة لتنخر هذا الجبل أو ذاك من الجبال التي تضم كنوزا عظيمة علينا استثمارها بشكل صحيح، فالقطاع إذا حظي بالاهتمام سيكون مصدرًا حقيقيًا للدخل ومساهمًا رئيسيًا في الموازنة العامة للدولة من خلال الاستثمار المباشر في القطاع وكذلك من خلال الاستثمار غير المباشر بإنشاء مصانع تعتمد في منتجاتها على المواد الخام الموجودة في جبال عمان الغنية، ونظرًا لأن شركات المساهمة العامة تعد ذات إمكانيات عالية فإنها هي الأكثر قدرة على تفعيل استراتيجية قطاع التعدين خاصة أن المكاسب التي ستحققها الشركات لن تقتصر على فئة محدودة بل ستشمل جميع المستثمرين سواء الأفراد أو الشركات أو الصناديق الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى العائد الذي سترفد به الموازنة العامة للدولة والمساهمة بشكل أكبر في الناتج المحلي الإجمالي.

فهل تستطيع شركات المساهمة العامة أخذ زمام المبادرة وتأسيس شركات تحقق هذه الأهداف؟، هذا ما نتطلع إليه وما سوف نناقشه في المقال المقبل إن شاء الله.