التعمين واهتمام الحكومة

21 يونيو 2021
21 يونيو 2021

سالم بن سيف العبدلي - كاتب ومحلل اقتصادي

قضية الباحثين عن عمل أصبحت الشغل الشاغل للحكومة ونالت اهتماما كبيرا من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - ولاحظنا خلال الفترة الأخيرة حراكًا واسعًا وعلى جميع المستويات حيث أعلنت وزارة العمل عن توفر مجموعة من فرص العمل في مختلف المؤسسات المدنية والعسكرية، كما أن القطاع الخاص بادر بالإعلان عن وظائف كثيرة وعن فرص تدريب مقرونة بالتشغيل.

وكل ما نتمناه أن يستمر هذا الحراك ولا يتوقف وأن يسفر عن نتائج حقيقية وواقعية وبالتالي تشغيل جميع الباحثين عن العمل والذين بعضهم ينتظر منذ سنوات للحصول على وظيفة، هذا الحراك ينبغي أن يتواصل ولن يتوقف على أن يتعاون الجميع في هذه القضية والتي تعتبر محورية ورئيسية وتشكل أولية قصوى قبل كل شيء حتى لو اقتضى الأمر إلى تأخير بعض المشروعات غير الضرورية من أجل توفير مبالغ ودرجات وظيفية.

وأثناء ترؤس صاحب الجلالة السلطان المعظم - أيده الله - لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي أكّد على أنّ ملف تشغيل المواطنين الباحثين عن عمل يُعتبر أولوية وطنية قصوى ويأتي في أعلى سلم أولويات عمل الحكومة حيث شدد على أهمية بذل المزيد من الجهود لمساعدة الباحثين عن عمل للحصول على الوظيفة أو المهنة المناسبة في مختلف القطاعات، مع أهمية تكامل الجهود المبذولة من مختلف قطاعات الدولة وتعاونها في هذا الشأن وترجمتها على أرض الواقع من أجل إتاحة الفرصة للشباب للمساهمة في مسيرة البناء والتنمية.

إطلاق البرنامج الوطني للتشغيل والذي باركه جلالة السلطان، والذي يُعد من أهم البرامج الوطنية المنبثقة عن «رؤية عُمان 2040» وحسب المسؤولين بوزارة العمل فإن البرنامج سيعمل على إيجاد حلول مستدامة لتوفير وظائف في كافة قطاعات الدولة (المدنية والعسكرية والأمنية) وشركات القطاع الخاص، كما سيقوم بتحليل البيانات الخاصة بالباحثين عن عمل حتى دخولهم إلى سوق العمل، وإيجاد الحلول التي تعمل على سد الفجوة المعرفية والمهارية التي يتطلبها سوق العمل لضمان جاهزية الباحثين عن عمل للتوظيف الفوري، ونأمل أن لا يكون هذا البرنامج نسخة مكررة للمركز الوطني للتشغيل والذي لم يستمر طويلًا ولم تكن أهدافه واضحه ولم يحقق المطلوب.

كل مرحلة من مراحل الزمن تتطلب مهارات وإمكانيات بشرية تختلف عن المرحلة السابقة فالتخصص الذي كان صالحا قبل عشر سنوات لم يعد اليوم مقبولا بل إن العديد من الوظائف والمهن بدأت تختفي وتحل محلها وظائف أخرى تتواكب مع مقتضيات العصر ومع الاحتياجات الجديدة من الوظائف والأعمال.

وأكد جلالة السلطان - حفظه الله - على أهمية التعليم بمستوياته وأنواعه المختلفة ورفع مستوى جودة التعليم المدرسي ومواءمة مخرجات النظام التعليمي لمتطلبات سوق العمل من خلال تنويع المسارات التعليمية وفق ما أكّدته «رؤية عُمان 2040» حيث وجّه - أبقاه الله - بضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحليل الاحتياجات والمتطلبات الضرورية لتطبيق التعليم التقني والمهني في التعليم ما بعد الأساسي بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل واحتياجاته المستقبلية والمهارات الأساسية للوظائف والمهن المختلفة، فسوق العمل الآن وفي المستقبل يتطلب تخصصات محددة ومهارات تخصصية ينبغي التركيز عليها وصقل مهارات الشباب وتأهيلهم لسوق العمل. ينبغي خلال الفترة القادمة تغيير مساقات التعليم والمناهج وتوفير بيئة دراسية مناسبة تشمل المعينات والوسائل التي تساعد الطلبة على تعلم المهن والعلوم التقنية والمهنية وصقل المهارات كما أن الجامعات ينبغي عليها أن تتحول من التعليم التقليدي إلى التعليم الحديث والمعتمد على البحث والتقصي والاستنباط بحيث تخرّج شبابا جاهزين لسوق العمل.