يحرص على تقديم البرامج الهادفة المرتبطة بالهوية العمانية -
حاوره - فهد الزهيمي -
جئت إلى عُمان في عام 1989م في وقت تزامن مع نهاية شهر رمضان آنذاك، هكذا كانت أولى كلمات المذيع البريطاني آدم كول بإذاعة عمان أف أم الانجليزية لملحق «مرايا»، وتابع حديثه: كنت قبلها أعمل في أبوظبي بالإمارات العربية المتّحدة الشقيقة، حيث تواصل معي أحد الأصدقاء التنفيذيين في فنندق نوفوتيل أن هنالك فرصة عمل في فرع الفندق في السلطنة للقيام بعروض موسيقية في الفندق لفرقتي الموسيقية التي كنت أشرف عليها، ولم أكن أعرف الكثير عن عُمان لكني قبلت الفرصة وارتأيت الخضوع للتجربة، فأرسل الفندق لي شاحنة يقودها أحد العُمانيين من موظفي الفندق، والذي أصبح بعدها أحد الأصدقاء والمعارف حتى اليوم، حيث عدنا في هذه الشاحنة التي حملت كافة القطع الموسيقية والمعدّات اللازمة لأداء مهمتي الجديدة ثم دخلنا إلى السلطنة، وشعرت منذ الوهلة الأولى بالفارق الكبير والفرادة التي تتمتّع بها عُمان عن سائر أنحاء المنطقة، وكانت الرحلة طويلة لكن ما عزّز شعوري هذا هو وقوفنا في أحد المحطّات في طريقنا للمبيت للراحة لبضع ساعات في الهواء الطلق، لنواصل المسير نحو مسقط في اليوم الثاني ولأكتشف المزيد عن هذه البلاد الجميلة، وكان هذا الانطباع الأول الذي لا زلت أحمله وأعتزّ به حتى اليوم.
- كيف تصف العمل في راديو إذاعة عمان؟ وما هي أبرز القضايا اليومية التي تناقشها مع الناس؟
طيلة مشوار عملي في مختلف المجالات لم أحظ بعمل من قبل مثل عملي في إذاعة سلطنة عُمان الإنجليزية، وهذا العمل الذي أحبّه كثيرا كان بالنسبة لي التجربة الأولى في مجال الإذاعة أتاحت لي تقديم برامج تصل لشريحة كبيرة من المستمعين، وحظيت بالتعاون والتعامل مع الكثير من الزملاء الذين ساهموا معي في إخراج الكثير من البرامج الإذاعية التي ستظل في ذاكرتي على الدوام والإذاعة تشهد تطورا مستمرا، وقد اكتسبت الكثير منذ بداياتي فيها، وما أشهده اليوم أيضا هو تواجد العديد من الشباب المبدعين الذين يتطلّعون لتقديم ما لديهم من طاقات ومهارات في العمل الإذاعي وهو ما يجعل القافلة تسير بلا توقّف لتقديم كل ما هو جديد ومواكب في السلطنة. أما بالنسبة للمواضيع التي نتطرّق لها، فدائما نصبوا لتقديم ما يهمّ المستمع في الإطار المحلّي سواء على مستوى الشؤون الثقافية والعامة، وتغطية المناسبات الوطنية والدينية، ونهدف دوما إلى أن يكون محور الإعداد مرتكزا على السلطنة ويعزّز التطور الحثيث الذي تستضيفه، وقد تولّدت لدي قناعة أن العمل الإذاعي يجب أن يسلك هذا المسلك ليكون مكمّلا ومواكبا لما يحدث في الواقع من تطوّرات، لكي يكون جمهور المستمعين في تفاعل دائم وليكون ما يتلقّونه من برامج هادفة مرتبطا ارتباطا وثيقا بهويتهم.
- تواصلت مع الناس بشكل يومي في مختلف الجوانب والجهات، هل أضاف لك الكثير حول طبيعة الحياة في عمان؟
مثل ما أسلفت، فقد ساهمت الصبغة المحلية التي تتمتع بها برامج الإذاعة في صنع الكثير فمن خلال تواصلي اليومي مع شريحة كبيرة من الناس منهم القائمون على شتّى المؤسسات الرسمية لعقد لقاءات إذاعية حيّة تصل للجمهور الناطق بالإنجليزية، أو تغطية الفعاليات والأحداث المحليّة بأسلوب يحتفي بالثقافة العمانية الأصيلة، واستضافة الشباب لعرض مشاريعهم وليستفيد أقرانهم من تجاربهم، ساهم ذلك في تعريفي شخصيا بالثقافة المحليّة وتقريبي منها أكثر وأكثر لأنقل ما أكتسبه من انطباعات وما أستقيه من تجارب لجمهور المستمعين.
- تحب السفر، صف لنا عمان ليس كموظف في الراديو، وإنما من شخص سافر ورأى عمان من مختلف الجوانب؟
أحبّ السفر كثيرا، حيث أترحّل إلى بلدي الأول المملكة المتّحدة، وإلى دول آسيا وأوروبا تطلّعا لاستكشاف الطبيعة والاستماع إلى التنوّع الموسيقي الذي تمتّع به كلّ وجهة أذهب لها، لكن من اللحظة التي أسافر فيها خارج عُمان ينتابني الشوق الكبير للعودة، بعد السنوات التي قضيتها فيها أجد فيها سكون القلب والراحة والطمأنينة، وهو الشعور نفسه الذي ينتابني حالما تطأ رجلي أرضها بعد عودتي من أي جولة قصيرة خارج السلطنة، ومشاعر السكينة والأمن والأمان الذي تحفل به عُمان هي تماما ما يخالجني عندما أرى ملامح السلطنة من جبال وسواحل وزرقة ماء تكتمل رويدا رويدا وأنا أحدّق من نافذة الطائرة وأشهد اكتمالها أمام مرأى عينيّ.
- أهم محطات حياتك في السلطنة، في مختلف المجالات؟
حظيت بالكثير من الفرص في السلطنة منذ أن قدمت لها، حيث عملت في مجال الموسيقى وقطاع الترفيه لسنوات عديدة، ومن ثم واصلت مشواري كمعلّم للموسيقى لثماني سنوات في المدرسة الأمريكية في مسقط، ومن ثم المدرسة البريطانية لسنوات عديدة أخرى، واستطعت بفضل تواصلي المستمر مع مختلف المؤسسات والأفراد المبدعين أن نقدّم عروضا ترفيهية فنيّة، ومن ثمّ حظيت بالعمل الإذاعي الذي أعتبره ثمرة اهتمامي الكبير بالموسيقى والصوت منذ أن كنت صغيرا، هذا موجز محطّاتي منذ قدومي للسلطنة والتي لن أنساها خاصة وأنها مثّلت لي تحدّيا وتجربة شخصية أعتزّ بها كثيرا.
- ما هو انطباعك حول الاستثمار في عمان، وهل تنصح الآخرين من البلدان الأجنبية بالقدوم إلى عمان والاطلاع على جوانب الاستثمار؟
أعتقد أن هنالك الكثير من الفرص الاستثمارية في السلطنة خاصة في مجال السياحة والترفيه والفنّ، وهنالك الكثير من الكفاءات العُمانية الشبابية التي يمكن دعمها ماديا للقيام بأنشطة وأعمال تجارية ابتكارية تنهل من أفكارهم وإبداعاتهم، بحيث يتم توظيفيها في قطاعات تحفّز الاقتصاد بشتى المجالات، ومنها المشغولات اليدوية والحرفية التي تشتهر بها السلطنة والأنشطة الفنية والإبداعية المتعلّقة بالفنون البصرية والرقمية والصوتية والمرئية والموسيقية والمسموعة وغيرها، وهو توجّه جديد لمسته من كثير من الشباب والشابات في السلطنة.
كما أعتقد أن المعطيات الفريدة التي تمتلكها السلطنة بدءا بالكوادر البشرية ومرورا بالمقومات السياحية وانتهاء بالفكر المنفتح الذي يتمتّع به من يعيش في عمان من مواطن أو مقيم هي عناصر مشجّعة للاستثمار والإسهام في عجلة التطوير القائمة.
- بعد مرور العديد من السنوات على تواجدك في السلطنة، هل لديك كلمة توجهها للعمانيين او الوافدين وغيره؟
من أكثر العناصر المهمّة والمكوّنات الاجتماعية التي لمستها ولا زلت أعيشها في السلطنة هي أواصر التسامح والطيبة والانفتاح والتعايش وحبّ التعرّف على مختلف الثقافات بين الناس، وهي ميزة أجدها جديرة بالاحتفاء من قبل كلّ من يقيم ويعيش على هذه الأرض. السلطنة شهدت وتشهد تطورات مستمرة وحثيثة منذ أول وهلة قدمت إليها، لكن هذه السمات الأصيلة خالدة وثابتة.