واشنطن - (أ ف ب): أغرق الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب امس الأربعاء الولايات المتحدة في المجهول عبر إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية فيما لا يزال فرز الأصوات مستمرا (حتى صياغة الخبر)، ما استدعى هجوما مضادا على الفور من منافسه جو بايدن الذي يبدو في وضع متقدم عليه للفوز. وبات شبح الأيام الطويلة من عدم اليقين وحصول معارك قضائية حامية يخيم حاليا على أكبر قوة في العالم تشهد أساسا أزمات صحية واقتصادية واجتماعية كبرى. وقال ترامب في كلمة مقتضبة في البيت الأبيض "بصراحة، فزنا في الانتخابات" متحدثا عن "تزوير" لكن بدون تقديم أي دليل ملموس على ذلك وطالب بشكل مبهم جدا "بوقف (فرز) كل الأصوات"، مؤكدا أنه يعتزم اللجوء الى المحكمة العليا. وإعلان ترامب فوزه بشكل سابق لأوانه عند الساعة 02:20 بالتوقيت المحلي (07:20 ت غ) يعتبر أمرا غير مسبوق لرئيس أمريكي فيما لا تزال الولايات تقوم بفرز الاصوات. وصوت اكثر من مئة مليون ناخب، وهو رقم قياسي، قبل اليوم الانتخابي بسبب المخاوف من ازدحام في مكاتب الاقتراع في أوج انتشار فيروس كورونا المستجد. ويعتقد ان معظم الديموقراطيين ادلوا باصواتهم في البريد، اكثر مما فعل مناصرو ترامب. وقال كريس والاس الصحفي في فوكس نيوز "إنه وضع قابل للإشتعال للغاية، ولقد رمى الرئيس الشرارة لتو". وندد معسكر بايدن بتصريحات "فاضحة" وغير مسبوقة صادرة عن الرئيس. وقال فريق الحملة الانتخابية الديموقراطية "انها محاولة متعمدة لحرمان المواطنين الأمريكيين من حقوقهم الديموقراطية"، مؤكدا انه مستعد "لمعركة" قضائية" في حال لجأ ترامب الى المحكمة العليا. وكان بايدن صرح في وقت سابق انه على الطريق الصحيح للفوز داعيا الأمريكيين الى التحلي بالصبر. وأضاف بايدن أمام مناصريه الذين تجمعوا في معقله ويلمينغتون في ديلاوير "حافظوا على ايمانكم، سنفوز!". وقال "نعتقد اننا على الطريق الصحيح للفوز بهذه الانتخابات". في عدة ولايات حاسمة، لا تزال نتيجة السباق غير محسومة. لكن الشيء المؤكد ان موجة المد الديموقراطي التي كان يأمل بها البعض في معسكر بايدن لتحقيق انتصارات تاريخية في كارولاينا الشمالية او تكساس لم تتحقق. بايدن ينتزع أريزونا واحتفظ الرئيس الجمهوري بفلوريدا التي سبق ان فاز فيها عام 2016 مكذبا نتائج استطلاعات الرأي، كما فاز في اوهايو التي فاز فيها منذ العام 1964 كل المرشحين الذين وصلوا الى الرئاسة. وفاز أيضا في تكساس المعقل الجمهوري الذي كان يبدو في أحد الاوقات مهددا. لكن الطريق للفوز بولاية ثانية يبقى صعبا، لا يزال يتعين عليه الفوز بالقسم الاكبر من الولايات الاساسية الاخرى التي ساهمت في فوزه المفاجىء عام 2016. السيناريوهات مختلفة بالنسبة لبايدن لتحقيق النصر. وقد فاز المرشح الديموقراطي في أريزونا، المعقل السابق للمحافظين، وأول ولاية تنتقل من معسكر الى آخر في هذه الانتخابات مقارنة مع العام 2016. وطريق بايدن الى البيت الابيض يمر عبر الشمال الصناعي للبلاد. ولا يزال عليه الفوز بولايتين على الاقل من الولايات الثلاث المتنازع عليها في الشمال الصناعي (بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن) التي سبق ان فاز فيها الملياردير الامريكي قبل اربع سنوات. لكن في هذه الولايات فرز الاصوات قد يستمر حتى اليوم او حتى لعدة ايام لا سيما بسبب المستوى القياسي للتصويت عبر البريد. ويحتاج المرشح إلى 270 صوتا من أصوات كبار الناخبين للفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية من اصل 538. وحتى هذه المرحلة نال الرئيس الرئيس المنتهية ولايته 213 من أصوات كبار الناخبين فيما نال بايدن 238. وعبرت ألمانيا عن قلقها "من وضع متفجر جدا" في الولايات المتحدة كما أعلنت وزيرة الدفاع. وكما كان متوقعا الى حد كبير، احتفظ الديموقراطيون بالسيطرة على مجلس النواب، امام مصير مجلس الشيوخ الذي لا يزال يسيطر عليه الجمهوريون يبقى غير معروف. وبدون مفاجآت كبرى، فاز المرشحان بسرعة بالولايات التي كان من المتوقع ان يفوزا فيها. فقد صوتت انديانا وكنتاكي والاباما وايداهو وتينيسي بين ولايات اخرى لصالح دونالد ترامب فيما اعطت كاليفورنيا وفرجينيا ونيويورك وكولورادو وديلاوير أصواتها لبايدن. رفض ترامب بعد حملة أكثر تحفظا من حملة ترامب، زار بايدن الثلاثاء في يوم الانتخابات ولاية بنسلفانيا الرئيسية التي ولد فيها وتوجه الى المكان الذي أمضى فيه طفولته. وكتب على جدران منزل في سكرانتون أمضى فيه طفولته "من هذا المنزل، الى البيت الأبيض باذن الله". وفي كل انحاء الولايات المتحدة، كان الدافع الاساسي للديموقراطيين الذين توجهوا الى الاقتراع، هو رفضهم للرئيس المنتهية ولايته. وقالت روزانا ارتياغا لورينزا (37 عاما) التي جاءت مع ابنها هنري لحضور السهرة الانتخابية حيث تحدث بايدن في ويلمينغتون "نريد مستقبلا أفضل لبلادنا". في المقابل قال الامريكي المتحدر من هندوراس روبرتو مونتيسينوس والبالغ من العمر 71 عاما انه صوت لصالح دونالد ترامب في ميامي قائلا "الوباء ليس ذنبه، من يقول ذلك جاهل". وفي مؤشر واضح إلى القلق الناجم عن الاقتراع، حصّنت متاجر عدة في مدن كبيرة منها واشنطن ولوس انجليس ونيويورك واجهاتها تحسبا لأعمال عنف قد تلي الانتخابات. وأمام برج ترامب الشهير، انتشرت تعزيزات أمنية مع متاريس وعدد كبير من عناصر الشرطة. "أميركا أولا" طوال الحملة الانتخابية، بدت الولايات المتحدة بصورة بلد منقسم إلى معسكرين متخاصمين انقطعت سبل التواصل بينهما. فعلى مدى أشهر، لوّح دونالد ترامب بخطر وصول "يسار راديكالي" إلى السلطة عازم على تحويل أكبر اقتصاد في العالم إلى "فنزويلا على نطاق واسع". وقال الثلاثاء لمحطة "فوكس نيوز"، "في حال فوزهم سيتغير بلدنا إلى غير رجعة". ويكثّف الديموقراطيون وفي مقدّمهم جو بايدن وباراك أوباما، تحذيراتهم من العواقب التي قد تكون مدمرة للمؤسسات الديموقراطية في حال فوز ترامب بولاية ثانية. والمرشحان للانتخابات على طرفي نقيض. فمن جهة المرشح الجمهوري ملياردير من نيويورك وقطب عقارات سابق انتقل من تقديم برنامج لتلفزيون الواقع ليقتحم المعترك السياسي برسالة شعبوية تقوم على أساس "أمريكا أولا"، ولا يزال يصرّ على أنه "دخيل" على السياسة رغم أنه أمضى أربع سنوات في البيت الابيض. من جهة أخرى، المرشّح الديموقراطي بايدن مخضرم في السياسة متحدّر من الطبقة الوسطى. وقد أمضى 36 عاما عضواً في مجلس الشيوخ وثماني سنوات نائباً لأوباما، وهو يعد ببلسمة جراح للولايات المتحدة إذا فاز في "المعركة من أجل روح امريكا".