في عام 1889 ولد الأديب والناقد المصري طه حسين، حين بلغ الرابعة من عمره أصابه الرمد وفقد البصر؛ ولأن أهله لم يأخذوه إلى الطبيب واعتمدوا على دواء شعبي، فقد طه حسين نظره للأبد، ولكنه تعلم العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم وحفظه في وقت قصير مقارنة بأقرانه. في عام 1902 دخل طه الأزهر للدراسة الدينية، وقضى فيها أربع سنوات، لكنه شعر أنها أربعين عاما بسبب الرتابة ونمطية المناهج، وفي عام 1908 انتسب إلى الجامعة المصرية، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا، وعدداً من اللغات الشرقية كالحبشية والعبرية والسريانية، مع استمراره على حضور دروس الأزهر والمشاركة في ندواته اللغوية والدينية والإسلامية. وفي عام 1914، نال شهادة الدكتوراه، وكان موضوع الأطروحة هو: “ذكرى أبي العلاء” والتي أثارت ضجة اتهم فيها بالمروق والزندقة والخروج على مبادئ الدين الحنيف. وفي العام نفسه، ابتُعث إلى مونبلييه بفرنسا، لمتابعة التخصص، فدرس في جامعتها الفرنسية وآدابها، وعلم النفس والتاريخ الحديث. وعاد إلى مصر في عام 1915، وأثار الجدال حول تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية، فحرم من المنحة المعطاة له لتغطية نفقات دراسته في الخارج، لكن السلطان حسين كامل حال دون تطبيق القرار، فعاد طه إلى فرنسا من جديد عام 1918 لمتابعة دراسته، ولكن في العاصمة باريس هذه المرة فدرس في جامعتها مختلف الاتجاهات العلمية في علم الاجتماع والتاريخ اليوناني والروماني والتاريخ الحديث وأعد خلالها أطروحة الدكتوراه الثانية وعنوانها: “الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون”، إضافة إلى دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني، والنجاح فيه بدرجة الامتياز. وخلال هذه الأعوام تزوج من سوزان بريسو الفرنسية السويسرية التي أحبها كثيرا، وكما يقال: “خلف كل رجل عظيم امرأة” فقد ساعدته بريسو على الإطلاع أكثر على الفرنسية واللاتينية، فتمكن من الثقافة الغربية، كما قرأت عليه الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تمت كتابتها بطريقة برايل حتى تساعده على القراءة بنفسه، ومما قاله فيها: إنه “منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم”. أما الأبناء فقد كان له اثنان هما: أمينة ومؤنس.أما الإنجازات، فقد حاز طه حسين على مناصب وجوائز شتى، منها تمثيل مصر في مؤتمر الحضارة المسيحية الإسلامية في مدينة فلورنسا بإيطاليا سنة 1960، وانتخابه عضوا في المجلس الهندي المصري الثقافي، والإشراف على معهد الدراسات العربية العليا، واختياره عضوا محكما في الهيئة الأدبية الطليانية والسويسرية، كما رشحته الحكومة المصرية لنيل جائزة نوبل. وفي سنة 1964 منحته جامعة الجزائر الدكتوراه الفخرية، ومنحته كذلك جامعة بالرمو بصقلية الإيطالية، سنة 1965 أيضا دكتواره فخرية، وفي ذات السنة حصد طه حسين قلادة النيل، إضافة إلى رئاسة مجمع اللغة العربية، وفي عام 1968 منحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراه الفخرية، وفي سنة 1971 رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربي، ورشح من جديد لنيل جائزة نوبل، وأقامت منظمة اليونيسكو الدولية في اورجواي حفلاً تكريمياً أدبياً قل نظيره. كما كان وزيرا للتربية والتعليم في مصر. وتنوعت مؤلفاته بين كتب نقدية وفكرية وأدبية منها: دعاء الكروان، وجنة الحيوان، والأيام، وما وراء النهر، والمعذبون في الأرض، وحديث الأربعاء، والحب الضائع، وجنة الشوق، وألوان، وحافظ وشوقي، وحديث المساء، وفي الشعر الجاهلي، وفي الأدب الجاهلي، ومع المتنبي، والوعد الحق وغيرها. وقد توفي طه حسين في الـ 28 أكتوبر 1973م عن عمر ناهز 84 عام.(ويكيبيديا بتصرف)