الوقف خيري أو أهلي والمنجز أو المضاف - نزوى - سيف العبري وأحمد الكندي - استعرضت الدورة التثقيفية لوكلاء الأوقاف التي نظمتها إدارة الأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة الداخلية صباح أمس بقاعة جامع السلطان قابوس بنزوى عددا من الموضوعات المهمة المتعلقة بضرورة الاهتمام بالوقف وأنواع الوقف وشروطه، والتصرفات الجائزة والممنوعات لوكيل الوقف، والعقوبات التي تطبق على كل من يتطاول على الوقف، بحضور سعادة الشيخ حمد بن سالم الأغبري والي نزوى، وحضور وكلاء الأوقاف بولايات ونيابات محافظة الداخلية، وعدد من موظفي الأوقاف بالداخلية. وألقى أحمد بن سعيد الريامي مدير إدارة الأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة الداخلية كلمة ترحيبية بسعادة الشيخ والي نزوى والحضور، وأشار إلى أن هذا اللقاء يجمع وجوها نيّرة محبة للخير دفعت بنفسها من أجل الحفاظ على الأوقاف بشتى أنواعها، وتهدف الدورة التدريبية للتعرف على ماهية الأوقاف والتشريعات المنظمة لها من خلال الرعاية والاهتمام بها، وما للوقف من أهمية، مع التأكيد على أهمية تضافر الجهود معا لحماية الوقف وضرورة الاهتمام به باعتباره يخدم الجميع في المجتمع. وتحدث في الدورة كل من محمد بن هلال بن حمد الرواحي رئيس قسم التشريع والعقود، وأحمد بن سعيد بن مبارك الكلباني الباحث القانوني بالدائرة القانونية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وأوضح محمد الرواحي الوقف بلغة أنه الوقف مصدر من وقف وقوفا خلاف الجلوس، ووقف الأرض حبسها، وشرعا يعني تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة. وينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليهم إلى قسمين، هما الأول الوقف الخيري وهو ما جعله الواقف ابتداءً على جهة من جهات البر من غير تحديد أشخاص معينين كالوقف المخصص للفقراء أو الأيتام أو العجزة أو المستشفيات أو المساجد وغيرها، أما النوع الثاني فهو الوقف الأهلي وهو ما جعل ابتداءً على أشخاص معينين سواءً كان بأسمائهم أو بصفاتهم كالأولاد أو أولاد الأولاد وسواءً كانوا من الأقارب والأرحام أو من غيرهم، وبعضهم أضاف قسما ثالثا وهو الوقف الخيري الأهلي وهو ما جمع الوقفين. وينقسم الوقف باعتبار نفاذه إلى قسمين الأول، الوقف المنجز هو الذي تدل صيغته على نفاذه في الحال، وذلك كأن يقول أشهدكم بأني وقفت الدار الفلانية من هذه اللحظة، والثاني هو الوقف المضاف وهو المؤجل نفاذه إلى ما بعد الموت، أما شروط الوقف أن يكون الوقف مالا متقوما قابلا للانتفاع، وأن يكون الوقف مملوكا للواقف ملكا تاما، وأن يكون الوقف معلوما من قبل المالك علما نافيا للجهالة عند إنشاء الوقف، وفي وقف المسجد يشترط أيضا أن يكون مفرزا عند إنشاء الوقف، وشروط الموقوف عليها أن تكون جهة بر، وأن يكون الوقف عليها مباحا شرعا، كذلك شروط الواقف أن يكون أهلا للتبرع ويقصد هنا توافر أهلية الوقف في الواقف فينبغي أن يكون عاقلا لا مجنونا أو معتوها، وأن يكون بالغا فلا يصح وقف الصبي. وأن لا يكون محجورا عليه لسفه أو غفلة، وأن تكون إرادته صحيحة خالية من العيوب عند إنشاء الوقف وهو ما يعبر بشرط الاختيار، فلا يصح وقف المكره، وألا يكون الواقف مدينا وهذا رأي جمهور الفقهاء. إثبات الوقف الجديد وقال: إن إثبات الوقف الجديد أن يتقدم الواقف بطلب إلى دائرة الأوقاف بالوزارة أو الإدارة بحسب الأحوال، ويتقدم الواقف بأوراق الوقف للمحكمة المختصة لإثبات الوقف والحصول على الصك الشرعي بذلك، ثم يعتمد الطلب والصك الشرعي من وكيل الوزارة، بعد ذلك تتولى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مخاطبة وزارة الإسكان لتخطيط أرض الوقف واستخراج سند ملكية لها، بعدها يودع أصل سند الملكية بالوزارة لتسجيله في السجل المعد لذلك والاحتفاظ به، موضحا في حديثه طريقة تعيين وكيل الوقف عن طريق الوزارة، وفق المادة (6) من اللائحة التنفيذية لقانون الأوقاف وذلك بترشيح وتزكية كتابية من أهالي المنطقة التي تقع في دائرتها أعيان الوقف تقدم لدائرة الأوقاف بالوزارة أو للإدارة بحسب الأحوال ثم تحال الأوراق إلى الكاتب بالعدل لإصدار وكالة شرعية بتعيين الوكيل، ومن شروط وكيل الوقف، الإسلام وذلك لأن الوقف ولاية ولا ولاية لكافر على مسلم، والعقل فلا يصح أن يتولى الوقف مجنون، والبلوغ فلا تصح تولية الوقف لصغير، والعدالة هي المحافظة الدينية على اجتناب الكبائر وتوقي الصغائر وأداء الأمانة وحسن المعاملة، فلا تصح تولية الوقف لفاسق أو خائن للأمانة، والعلم وهي الفقه والدراية والإلمام بالمسائل التي تخص الوقف وتتمثل واجبات وكيل الوقف، في عمارة الوقف بأن يقوم بأعمال الترميم والصيانة حفظا لعين الوقف من الخراب والهلاك، وتنفيذ شروط الواقف فلا يجوز مخالفة شروطه أو إهمالها ويجب الالتزام بها إلا في أحوال مخصوصة تقدم بيانها. التصرفات الجائزة والممنوعة وتحدث الرواحي حول التصرفات الجائزة والممنوعات للوكيل، فله أن يؤجر الأعيان الموقوفة ولو على الموقوف عليهم، وأن يصرف الأجرة التي يحصلها في مصارفها على حسب ما اشترطه الواقف، كذلك زراعة أراضي الوقف أو بنائها وعمارتها. أما التصرفات الممنوعة على الوكيل، فتتضمن التلبس بشبهة المحاباة كأن يؤجر عين الوقف لنفسه أو لولده لما في ذلك من التهمة وقد نص قانون المعاملات المدنية على ذلك صراحة حيث جاء في المادة (٥٩٨) «لا يجوز للوكيل أن يستأجر الوقف لنفسه أو يؤجره لأصوله أو فروعه ولو بأجر المثل إلا بإذن المحكمة»، ويمنع عليه الاستدانة على الوقف ليكون السداد من ريع الوقف إلا في حال الضرورة، وذلك لما فيه من تعريض الريع للحجر لمصلحة الدائنين، كما يمنع من رهن الوقف لما يؤدي إليه من ضياع العين الموقوفة، وإعارة الوقف إلا للموقوف عليهم، والإسكان في أعيان الوقف دون أجرة، أو بأقل من أجرة المثل، كذلك هناك ما يتعلق بمسؤولية الوكيل ومحاسبته، فقد أكد قانون الأوقاف هذه المسؤولية على الوكيل حيث جاء في المادة (20) «يكون الوكيل أمينا على الوقف، ويتولى إدارته وعمارته وإصلاحه والمحافظة عليه ويسأل عن ذلك وعن إهماله أو تقصيره نحو الوقف وريعه»، كما يفترض عليه عمل سجل للإيرادات وآخر للمصروفات يدون فيهما إيرادات ومصروفات الوقف والرصيد الحالي، وتكون هذه السجلات موحدة تتولى الوزارة إعدادها وطباعتها وتوزيعها على كافة الوكلاء، كما يلتزم الوكيل بفتح ملف خاص بالوقف تحفظ فيه جميع المستندات المتعلقة بالوقف من إيرادات ومصروفات كعقود الإيجار والفواتير الدالة على الصرف وغيرها، كما نصت عليه المادة (7) من اللائحة التنفيذية لقانون الأوقاف، وتتولى دائرة الأوقاف مراجعة أعمال الوكيل والنظر في مشروعيتها وحسن إدارته لأعيان الوقف ومحاسبته أيضا. الإجارة عقد تمليك المنفعة وتحدث محمد الرواحي عن إجارة الوقف والإجارة هي عقد تمليك المنفعة في الحال بعوض، وجاء تعريف الإجارة في قانون المعاملات المدنية العماني في المادة (516) بالآتي: «الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء عوض معلوم»، وبين قانون المعاملات المدنية في المادة (597) أن «وكيل الوقف له ولاية إيجاره» ونجد أن هذه المادة أعطت الوكيل ولاية إيجار أموال الأوقاف التي هي تحت وكالته، وبذلك يكون رأيه مقدما على رأي الوزارة في عملية الإيجار ما لم يؤد ذلك إلى الإضرار بمال الوقف أو بخس حقه. وفي حالة تعدد وكلاء الوقف إذا كانت وكالة الوقف لاثنين فصاعدا فليس لأحدهم أن ينفرد برأيه في عملية الإيجار بل لا بد من التوافق بينهم أو اعتماد غالبية الآراء، بالنسبة لاستئجار وكيل الوقف لمال الوقف، فقد ذهب قانون المعاملات المدنية العماني إلى أنه «لا يجوز للوكيل أن يستأجر الوقف لنفسه أو يؤجره لأصوله أو فروعه ولو بأجر المثل إلا بإذن المحكمة» المادة (598) وفي الحقيقة لقد أحسن المشرع في سلوك هذا المسلك لأن هذه المادة تعد أداة حماية لمال الوقف كي لا يستغل الوكلاء أمر الأوقاف لمنفعتهم الشخصية أو لمصالح أقربائهم حتى لا يفتح باب استغلال أموال الأوقاف من قبل الوكلاء ضعفاء النفوس والذين في الأصل ألقيت على عاتقهم حماية هذا المال والذود عنه، ويحق لوكيل الوقف أن يطلب زيادة الأجرة من المستأجر في حالات نظمها القانون، ومنها مضي ثلاث سنوات من ابتداء العقد أو من تاريخ آخر زيادة متعاقد عليها. العقوبات بحق المخالفين بعد ذلك تم تناول موضوع العقوبات، فوفق المادة (٥٢) من قانون الأوقاف، لا يجوز تملك الأوقاف بوضع اليد أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم أو التصرف فيها، ويعاقب كل من يخالف ذلك أو يتعدى على الممتلكات الوقفية بالسجن مدة لا تتجاوز سنة، وبغرامة لا تزيد عن (١٠٠٠) ألف ريال عماني، وبينت المادة رقم (53) أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من باشر نشاطا للمؤسسة قبل إشهارها، أو باشر نشاطا للمؤسسة يخالف الغرض الذي أنشئت من أجله، أو أنفق أموالا فيما لا يحقق هذا الغرض أو ضارب بها، أو أسهم في تمويل جماعات إرهابية، أو ترتب عليها غسل الأموال، أو سمح لغير أعضاء مجلس إدارة المؤسسة الاشتراك في إدارتها.