لما مصطفى دعدوش - lama-daw@hotmail.com - لعل السبب في الكثير من الأحداث و الواقع المحيط بنا هو جهلنا بما هو هام جداً فينا و استبصاره لتغييره فينا . يكمن الخير الوافر في داخل ذاك الكهف البعيد في أعماقنا , العميق في دواخلنا و الظاهر جداً أثره في حياتنا , و هو ( الشعور بالمسؤولية ) حيث أنّه مفتاح التغيير في النفس و الداخل و الخارج بالتأكيد و قد يظن البعض أن حس المسؤولية حس داخلي وجداني فقط , و لكن إن نظرنا إلى الأمر بعمق قليلاً سنجد أنّ المسؤولية كلمة دقيقة عميقة تشمل صلاح كل شيء في حياتنا و واقعنا في ما يخّصنا كأفراد و في مجتمعنا كواقع مجتمعي كبير . في نظرة واسعة و جليّة يعتبر الإنسان الكائن المسؤول عن كل ما بداخله و خارجه فهو كما قال الله تعالى : “إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا “ “ كن مسؤولاً “ عبارة قد نسمعها كثيراً و تطرق مسامعنا لتدق معاني المسؤولية و الأهمية و نشعر بالانتباه أن شيئاً هاما ً قد يحدث أو سيحدث . إن لم تكن مسؤولاً عن نفسك و مشاعرك و قيمك , فستكون غالبا إنساناً تابعاً ضعيفاً لا قيمة لك في معيار قيم الحياة الفعالة . “ كن مسؤولاً “ هي أن تكون على درجة من الوعي و الإدراك لتعقد مع نفسك اتفاقاً تفتح به أفق وعيك و تدرك أنّه حان الوقت لبدء عهد جديد تأخذها به إلى عالم من الأفكار المبدعة و الأحداث الرائعة . كم من فكرة من هنا و هناك , من أقاصي البلاد و أباعد الأشخاص جابت بك الوديان و فعلت بك الكثير , كم من فكرة وضعتك في الأرض و كم من فكرة رفعتك للسماء . هل تدري لماذا تعاني أحياناً من بعض الصراعات و النزاعات و الفشل و الحزن في هذه الحياة ؟ هل تدري لم تشعر أنك مقيّد و لا تريد فعل شيء ؟ نعم بالتأكيد , لأنّك رهين هذا الدوار و الدائرة المغلقة التي حبست نفسك فيها و نجاتك عندما تخرج من هذه الدائرة المقيتة إلى دائرة المسؤولية و العمل و السعي , عندما تستبدل هذه الأفكار السوداوية عن الحياة و العمل و الناس و البنزين و قلة الوفاء و ندرة الأصدقاء و جفاء الحظ , ستجد أنّك تفك قيودك بنفسك , بأفكارك و سيغادرك الأرق و القلق و الحزن و الأسى إلى غير عودة . إنها حقا مسؤوليتك تجاه ربك , تجاه نفسك , تجاه روحك , تجاه عقلك , تجاه أهلك و مجتمعك . أنت مسؤول عن تلك الأفكار التي قد تدمر أو تحيي عالمك , قد تذلكّ و قد ترفعك ,مسؤول عن تلك الأفكار التي ستأخذك إلى ذاك الواقع الذي طالما طمحت أن تعيشه و تمنيته في أحلامك أنت مسؤول عن عينك و ما تبصر من نقص أو فيض في نعم الله تعالى و كرمه . أنت مسؤول عن صفائه و نقائه و النور الذي يقع فيه فيجعله محط تجليات الله سبحانه . أنت مسؤول عن تحررك من حزنك و همك و ضعفك أنت مسؤول عن نجاحك في الدنيا و فلاحك في الآخرة أنت مسؤول عن رزقك و حرمانك و عطائك , و شرك و خيرك , و حرامك و حلالك . أنت مسؤول أن تقدم الخير في هذه الحياة كما قدٌم لك من قبل , فالحياة يد تأخذ و أيادِ تعطي . أنت مسؤول عن سعادتك التي تسعى إليها , فهي قربك و بجانبك فهي مسؤوليتك , لن يقدمها لك أحدٌ سواك . فلنبدأ حياة جديدة تحييها الأفكار البناءة المعمّرة بالمسؤولية , فما عمرت الحضارات و ما تسابقت الأمم إلا لما أدركت هذا السر و عملت به و أعطته حقه من التزام و جهد و مثابرة و عزيمة لنصبح بها أصحاب أثر في هذا العالم , نترك أثراً , نحمل طفلاً , نرفع همّة , و نحيي أمّة