إعداد: حمادة السعيد -
من الصفات التي تورث جنة الخلد وذكرها الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم، وحث عليها رسوله العظيم صلوات الله وسلامه عليه، ما رواه الإمام البخاري في صحيحه بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ».
ومن فضائل أسماء الله الحسنى ما قاله الشيخ أمين الأنصاري في كتابه «النور الأسنى في شرح أسماء الله الحُسْنَى»: أولاً: الأسماء الحسنى من أعظم أسباب دخول الجنة، وإن اللَّه يحب من أحب أسماءَه الحسنى.
ثانيًا: الأسماء الحسنى تعرِّفك باللَّه عزَّ وجلَّ: فعن أبي بن كعب رضي اللَّه عنه أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
ثالثًا: معرفة الأسماء الحسنى أصل عبادة الله تبارك وتعالى: قال أبو القاسم التيمي الأصبهاني في بيان أهمية معرفة الأسماء الحُسنى: قال بعض العلماء: أول فرض فرضه اللهُ على خلقه معرفته، فإذا عرَفه الناس عبدوه، وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} [محمد: 19]. فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها، فيعظموا اللَّه حقَّ عظمته. فمن عرف أنه حييُّ كريم قوي فيه رجاؤه وازداد فيه طمعه، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إن ربكم تبارك وتعالى حَييٌّ كريم يستحي مِن عبده إذا رفع يديه إليه أن يردَّهما صفرًا».
رابعًا: الأسماء الحسنى أعظم الأسباب لإجابة الدعاء: قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف : 180]. فدعاء الله بأسمائه الحسنى هو أعظم أسباب إجابة الدعوة وكشف البلوى، فإنه يرحم، لأنه الرحمن، الرحيم، ويغفر لأنه الغفور، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل اللَّه بأسمائه الحُسنى ويتوسل إليه بها.
خامسا: دعاء اللَّه بأسمائه الحسنى أعظم أسباب تفريج الكروب وزوال الهموم: فعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ما أصاب أحدًا قط همٌ ولا حزنٌ، فقال : اللهمَّ إني عبدك، ابن عبدك، ابن أَمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكُمك، عدلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألك بكل اسم هو لك، سميَّت به نفسك، أو علَّمته أحدًا من خلقِك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيبِ عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري ، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب اللَّه همَّه وحزنه وأبدل مكانه فرحًا». فقيل: يا رسول اللَّه، أفلا نتعلمها؟ فقال: «بلى ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها».
ويقول النجدي في كتابه «النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى»: إن أشرف العلوم هي العلوم الشرعية، وأشرف العلوم الشرعية هو العلم بأسماء اللَّه الحسنى، وصفاته العُلى، لتعلقها بأشرف من يمكن التعلم عنه، وهو اللَّه سبحانه وتعالى».
وعن معنى الإحصاء يقول ابن القيم في كتابه «بدائع الفوائد»: الإحصاء على ثلاث مراتب: المرتبة الأولى إحصاء ألفاظها وعددها، المرتبة الثانية فهم معانيها ومدلولها، المرتبة الثالثة دعاؤه بها، وهما مرتبتان إحداهما دعاء ثناء وعبادة، والثانية دعاء طلب ومسألة، فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وكذلك لا يسأل إلا بها.
وعن دلائل أسماء الله الحسنى يقول سعيد بن علي بن وهف القحطاني في كتابه «شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة»: أسماء الله كلها حسنى، وكلها تدل على الكمال المطلق والحمد المطلق، وكلها مشتقة من أوصافها ، فالوصف فيها لا ينافي العلمية، والعلمية لا تنافي الوصف ، ودلالتها ثلاثة أنواع: دلالة مطابقة إذا فسرنا الاسم بجميع مدلوله. ودلالة تضمن إذا فسرناه ببعض مدلوله. ودلالة التزام إذا استدللنا به على غيره من الأسماء التي يتوقف هذا الاسم عليها. فمثلاً (الرحمن) دلالته على الرحمة والذات دلالة مطابقة. وعلى أحدهما دلالة تضمن، لأنها داخلة في الضمن، ودلالته على الأسماء التي لاتوجد الرحمة إلا بثبوتها كالحياة ، والعلم، والإرادة والقدرة، ونحوها دلالة التزام.
وقال أبو عبد الله آل سعدي في «تفسير أسماء الله الحسنى»: إنّ العلم بالله، وأسمائه، وصفاته أشرف العلوم، وأجلها على الإطلاق لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه وتعالى بأسمائه، وصفاته وأفعاله، فالاشتغال بفهم هذا العلم اشتغال بأعلى المطالب، وحصوله للعبد من أشرف المواهب. كما إن معرفة الله تعالى تدعو إلى محبته، وخشيته، وخوفه، ورجائه، ومراقبته، وإخلاص العمل له، وهذا هو عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه الحسنى، والتفقه في معانيها. كذلك إن معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى مما يزيد الإيمان كما قال الشيّخ ابن سعدي رحمه الله: «إنّ الإيمان بأسماء الله الحسنى، ومعرفتها يتضمّن أنواع التوحيد الثلاثة، توحيد الربوبيّة، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء، والصفات، وهذه الأنواع هي رَوح الإيمان وروحه، وأصله وغايته فكلّما ازداد العبد معرفة بأسماء الله، وصفاته ازداد إيمانه، وقوي يقينه.