حالة إنسانية يشعر بها الجميع - كتبت - رحاب الهندي  - الغيرة شعور خفي يتغلغل في الأعماق دون أن يشعر بها صاحبها، وقد تنشأ لعقدة نقص أحيانا، أو لشعور الشخص بأنه هو الأفضل من غيره، أو لأنه يشعر في داخله أن ما يتمناه قد حصل عليه غيره. والغيرة إحساس يبدأ مع الإنسان منذ طفولته، وتقل أو تكثر مع العمر، كما أن للغيرة أنواعها، فهناك غيرة الأصدقاء، أو غيرة الجيران، وغيرة الأخوة أو الأقرباء، وغيرة المرأة من أو على الرجل أو بالعكس. لكننا هنا سوف نبحث عن إجابة سؤال: هل يغار الرجل من المرأة بشكل خاص لنجاحها في الدراسة أو العمل؟ حتى لا نغرق في فضفضة لا نحتاجها رغم أن الكثيرين الذين التقينا بهم تحدثوا عن الغيرة الفضفاضة، فآثرنا اختصار حديث غيرة الرجل من المرأة لنكتشف جميعا إجابات تحدث بها البعض . سعاد المحرزية (مدرسة لغة إنجليزية) ضحكت قائلة: الغيرة موجودة بالتأكيد عند كل الناس ولها مواقف متعددة، منها الغريب ومنها الطريف، ومنها الذي يقتل صاحبها أو يسبب في فشله في الحياة، وأقول هنا تحديدا عن غيرة الرجل من المرأة: نعم نعم هناك بعض الرجال يغارون لدرجة المرض من نجاح أخته أو زوجته. وطبعا الغيرة من الزوجة قد تثمر انفصالا، وهذه حالات حدثت بالفعل لكن لم يقال عن السبب الرئيسي للانفصال ألا وهو الغيرة، فيتحجج الرجل بإهمال زوجته له وعدم إحساسها بمتطلباته لأنها مهتمة بدراستها أو عملها، لكن السبب الرئيسي هو الغيرة، فمازال بعض الرجال يتحكم في دواخلهم العقل الذكوري، فكيف لهذا العقل أن يتحمل نجاح أنثى تخصه وتحت جناحه؟ لكن لا يمكن أن ننكر أيضا مواقف بعض الرجال في تشجيع أخواتهم أو بناتهم أو زوجاتهم للوصول للنجاح. غيرة الرجل حقيقة واقعية الدكتورة الكاتبة فاطمة الشيدية تحدثت قائلة:غيرة الرجل من نجاح المرأة في العمل والحياة حقيقة واقعية في هذا العصر، فالرجل في النهاية إنسان، والمرأة كذلك، والغيرة بينهما قائمة بلا شك، غير أن الأمر دائما يصلح النظر إليه من زاويتين؛ الصواب والخطأ، والقبح والجمال، فكما يوجد الرجل الذي يغار من المرأة ويحاول أن يزج لها العثرات في مشوارها، هناك الرجل السند زوجا أو أبا أو أخا، يمد لها يد العون ويساعدها على تخطي الحواجز وتجاوز العثرات». والغيرة حالة طبيعية جدا للإنسان، هذا الكائن الغريب المتقلّب في أمزجته، وفي معاييره وأحكامه، رجلا كان أو امرأة، لذا فبعض هذا الرجل يغار من النجاحات سواء من الرجل أو من المرأة، ولكن ربما تظهر أشياء (غير مقبولة أخلاقيا) في غيرته من المرأة، حيث أن الغيرة قد تدفعه إلى تحطيمها (وهو القادر، وهي القابلة لذلك)، فإذا كان ممن له سلطة عليها، -لأنه لا يزال يملك عصا المجتمع ويدير دفته- يحاول قمعها بكل السبل والوسائل، ويثنيها عما هي ذاهبة إليه من نجاحات، تارة بالقمع، وأخرى بجعلها تصدق أنها أقل من مستوى الإبداع، والكثير من النساء صدقن الرجل، وتراجعن عن مشوار إبداعي كان يمكن أن ينتهي بالتفوق العظيم. وإن كانت المرأة ممن لا يملك سلطة عليها يحاول التشكيك في إبداعها، والتقليل منه وتحجيمه لأقصى درجة حتى قد ينسبه لرجل آخر، فيجعلها مستكتبة وهذا حصل مع الكثير من المبدعات، بل قد يصل الأمر لذاتها فيدخلها دائرة التشكيك الإنساني والأخلاقي وغير ذلك، وقد يكون للأمر زاوية أخرى في الضرر حيث يقدمها مبدعة عظيمة، شريطة أن يدخلها ضمن دوائره الخاصة. إن غيرة الرجل من المرأة المبدعة والمتفوقة تدفعه للظلم، والقهر، لأنه كائن قوي، ويتحرك من دوائر القوة التي يملك زمامها، وضمن حيزها الواسع، وقد تكون هذه الغيرة في مجتمعات العمل الوظيفية أكثر بروزا وحدة، للتنافس المادي والصعود السلمي المرغوب، لهذا تتخذ الغيرة شكلا غير أخلاقي، فيتفشى الكذب والغيبة والنميمة والحسد والحقد، والظلم كنتيجة فيما بعد. والأمر قد يكون من رجل أو من امرأة، وبذات الحدة والملابسات، أو بشكل أقسى وأعنف من المرأة للمرأة أحيانا! أما عني شخصيا فربما ثمة من يغار من نجاحاتي (الأمر لا يخلو) ولكن لم أتعرض كمبدعة لحالة ظلم بينة والحمد لله، ربما لأنني كحالة نفسية لا أميل للمواجهة والتحدي، بل أكتب من منطقة عزلة خاصة، تساعدني على الكتابة وتحميني من شراسة الآخر، كما أنني لا أملك طموحا تنافسيا شرسا في التدرج الوظيفي، أو حتى في الظهور والسطوع الإبداعي والإعلامي، لذا جنبني هذا ولا يزال الكثير من الحروب الوهمية الشرسة، والتدافعات اللآدمية النفعية التافهة، كما أنني والحمد لله أجد من الدعم الأسري والإيمان بما أكتب من الطرفين الذكوري والأنثوي بنفس الدرجة، ما يساعدني على الاستمرار والتقدم. فقدان الثقة بالذات سليمان المصلحي ( مصور) تحدث قائلا: كثيرة هي الأقوال والحكم عن الغيرة ،وقد يكون بعضها أكثر التصاقا بحالة غيرة الرجل من المرأة، وهي حالة موجودة في أي مجتمع إنساني، وخاصة عندنا نحن الشعوب الشرقية، فهناك قول لسليمان الحكيم: حين تدخل الغيرة تخرج الحقيقة من الرأس، لأن الرجل لا يمكن أن يعترف بغيرته. وهناك قول للكاتبة أجاثا كريستي تشرح فيه عن أنواع الغيرة، لكن سأقول لكم ما يتطابق مع الموضوع بقولها : «والرجل الضعيف هو من لا يتحسس لمشاعر امرأته، ويقول ويفعل ما يحلو له دون أن يعطى أدنى اهتمام لكرامتها» أحمد المسافر ( طالب علم نفس ) تحدث قائلا: هناك بحث دراسي للرابطة الأمريكية لعلم النفس، تقول: إن العديد من الرجال يغارون من نجاح زوجاتهم أوأخواتهم، خاصة عندما يكون هذا في المجال الذي هم يفشلون فيه. وأوضحت الدراسة، أن الرجال يشعرون بفقدان الثقة في الذات عندما تتفوق شريكاتهم في المجالات الاجتماعية أوالفكرية، بينما لا يحدث هذا لدى النساء. وأضاف إنه على نقيض الرجال، فإن النساء يشعرن بارتياح أكثر في علاقاتهن حين يفكرن في تألق أزواجهن. أخيرا الغيرة موجودة هذا ما أكده الجميع، لكنها غيرة مكبوتة غير واضحه للعيان، لكن من يقرأ داخل النفس البشرية يكتشف أنها تعيش في داخل بعض الرجال ضد زوجاتهم . ِ