- قوة الموسيقى التصويرية لا يدرك ماهيتها إلا من يمتلك الحس الفني، هل يرضي هذا المؤلف الموسيقي في المسلسلات؟ الموسيقي متحيز للموسيقى، خاصة المؤلف الموسيقي، لأنه ربما تواجد الملحن للاغاني والاختلاف بينهما واضح. لان المؤلف الموسيقي يغار على جملته الموسيقية وعلى ألحانه، ولكن الحس الفني وعلاقة الموسيقي بالعمل تحتاج الحس الموسيقي العالي. لهذا يجب أن يسعى للتلميح من خلال قراءة النص او مشاهدة المشاهد، ويجب أن يشعر أين المكان المناسب لوضع الموسيقى، وأيضا أي مقطوعة موسيقية لأننا نعمل على اكثر من مرحلة، المرحلة الأولى هي الحس الذي نرعاه منذ البداية إلى النهاية، ومن ثم اللحن أيضا يحتاج للحس الفني، وهو الأساس للتعبير عن الحكاية، ومن ثم وضعه على المسلسل متى يبدأ؟ كيف يتصاعد؟ وكيف يتفاعل مع المشهد؟ وهذه عملية أخرى من صناعة الموسيقى التصويرية. عموما المؤلف الموسيقي لا ترضيه الموسيقى التصويرية فقط أو لا تشبع طموحه ورغباته، لهذا نشأ نوعان من الموسيقى نعرفهما بمدرسة الموسيقى التصويرية، وهي الموسيقى فقط من اجل الموسيقى، وهي للتخيل لأنها بحد ذاتها مشهد مثل النصر لبيتهوفن، والموسيقى التصويرية من النوع الثاني مرتبطة بالمشهد، وهي نوع من التفريغ او النيجاتيف للمشهد نفسه، عندما نسمعها من غير المشهد غالبا تتذكر المشهد أو غموض السياق الموسيقي الخاص فيها يبقى غامضا، والأمر نسبي، وهذا يرضيني أن يحب الناس الموسيقى التصويرية التي أؤلفها، لأنها تعني أني نجحت في الموسيقى التصويرية الخاصة بالمسلسل.
تاريخ موسيقي في مسلسلات جعلتني ابحث عنك اكثر من مرة، هل استطيع القول موسيقى مسلسل طايع أجملها؟ بشكل آخر ربما هو اجملها لآنه احدث دراما قدمت لها الموسيقى التصويرية، ولآنه حديث جبلت معه ثلاثين سنة من الدراما، لهذا فرصته الموسيقية هي الأكبر، حيث استخدمت خبراتي الموسيقية كلها فيه، خاصة أن الموسيقى التصويرية في المسلسلات العربية مرت بمراحل مختلفة قبل أن تأخذ الطابع الشبيه بالموسيقى التصويرية في المسلسلات التركية الحديثة، أي طريقة تركيب الموسيقى التصويرية وصناعتها ونفس نوعها مختلف، وهذا التطور أكيد أوصلني إلى اتخاذ قرارات نوعية بالنسبة لقضايا معينة في صناعة الموسيقى من خبرتي. ومن التغيير الذي انتبه له أيضا أن الناس أصبحت تتذوق الموسيقى التصويرية بشكل افضل هذه الفترة عن السابق، كما أيام مسلسل» نهاية رجل شجاع»، أي بعد اكثر من عشرين سنة، وكل هذه السنين هي خبرات زادت درجة او اكثر او قفزات، كما اذكر حين اشتغلت دراما الملك فاروق او مسلسل ملوك الطوائف، والقفزة الموسيقية المختلفة عن الجوارح وآخوة التراب ومثل رسائل الحب والحرب، وكما اذكر ضفت على بعضها صوت الكمنجات وكنا نستخدمها من قبل للشارات فقط، والآن آصبحت الموسيقى التصويرية تقدم بأشكال مختلفة، كل فترة زمنية تفرض التغيير والتوليف، وهذا عندما نجمعه كسنين في عمل يمنحه صفة التمييز، وربما هذه المرة في مصر استخدمت السهل الممتنع، أي الجملة الموسيقية البسيطة التي تصل الى الناس.
كيف تصف المفردة الموسيقية التي تولد من مشهد في سيناريو تقرأه او تراه؟ العمل الموسيقي كالأسفنجة يمتص الحالة النفسية ويترجمها، أو قرين لأنها انعكاس للمشهد، وهي كالختم تماما، مثلا الحبر هو الموسيقى والمشهد هو النقش أو الذي يحدد الرسم، والجملة الموسيقية هي التجربة المباشرة مع المشهد. مثلا في مسلسل الجوارح عام 1994 لم تكن هذه التقنية في التسجيل موجودة، فجلست معهم خلال التصوير لأشعر بالأجواء التمثيلية، فولد المشهد الموسيقي أو اللحن الذي ولد معي في الغابات، وبقيت أغنيه من موقع التصوير وصولا للفندق وأنا أرددها كي لا أنساه، وهو اللحن الأصلي لمسلسل الجوارح، فالإحساس الذي التقطه أثناء تصوير المسلسل هو الطاقة المؤثرة العالية والكبيرة على نشأة الموسيقى التصويرية للمسلسل.
-ألا تظن أن موسيقى طارق الناصر جماليتها في الحوار السمعي والحسي الذي ينشأ بينها وبين المستمع، وكيف تخضعها لهذه المعايير؟ أعتقد أن المصداقية هي التي تمنح العمل جماليته في الحوار السمعي والحسي، وأنا منذ طفولتي اعشق السينما والحكايات، لهذا أقوم بعملي برغبة مني، أحيانا أتمنى أن يعطيني احدهم قصة لأؤلف منها موسيقى، وأتحرى الصدق في المشاعر الحالة المزاجية، ليولد العمل صادقا، أو أتحرى الصدق بالحالة النفسية والجسدية، لأني اخرج إلى مكان خارج من الضغط الذهني والعلاقة بين الموسيقي والمشهد كالحبل السري.
- المؤلف الموسيقي طارق الناصر في سيمفونية، ما هي؟ لا أعرف حقيقة، القالب الموسيقي هو السيمفونية، ربما لو أردت قولها هي الحب. ولا أنسى أي أغنية قمت بوضع موسيقاها، أهمها كانت» يا روح لا تحزني ويا قلب ظلك هني» واهم مقطع فيها احبه ذروته تكمن في الحب هو السر والعمر تذكار، وأتذكر أني لحنتها في سهولة وأريحية لهذا السيمفونية هي الحب .