إسرائيل ترحب وتتهم المنظمة بإطالة أمد النزاع - عواصم – وكالات -كررت الرئاسة الفلسطينية أمس التنديد والتحذير من عواقب قرار واشنطن وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينية (أونروا) فيما أكدت اللجان الشعبية التي تدير مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة أن القرار يستهدف القضية الفلسطينية ككل. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة إن "القرار الأمريكي هو جزء من مسلسل القرارات والتوجهات الأمريكية المعادية للشعب الفلسطيني والمتمثلة بموقفها المرفوض من القدس، مرورا بمحاولاتها فصل غزة عن الضفة الغربية، وانتهاء بقرارها قطع كل المساعدات عن الأونروا". وقال ابو ردينة في بيان إن خطاب الرئيس محمود عباس  أمام الجمعية العامة للامم المتحدة هذا الشهر "سيتعرض لموضوع اللاجئين لأهميته تماما كقضية القدس". واضاف أن "هذا القرار الأمريكي لا يخدم السلام، بل يعزز الارهاب في المنطقة، وهو بمثابة اعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني". وكان السفير الفلسطيني في واشنطن حسام زملط اعتبر أن قطع المعونة عن الأونروا "يعني تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها ومسؤولياتها الدولية". وأضاف زملط في تصريح لوكالة فرانس برس إنه "من خلال تبنّيها أكثر الروايات الإسرائيلية تطرفاً حول كل القضايا، بما في ذلك حقوق أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، فإن الإدارة الأمريكية فقدت دورها كصانع للسلام، وهي لا تلحق الضرر بوضع هش أساساً فحسب بل بآفاق السلام المستقبلي في الشرق الأوسط". وقال المدير التنفيذي للجان الشعبية محمود مبارك لوكالة فرانس برس : إن  القرار الأمريكي "لا يستهدف الوكالة فقط، وإنما يستهدف القضية الفلسطينية". وأضاف أن "جوهر القضية الفلسطينية كلها القدس واللاجئون، وإذا انتهت قضية القدس واللاجئين انتهت القضية الفلسطينية، لذلك نحن نعلم تماما أننا نتعرض لمؤامرة دولية". وفيما حذر من "انعكاسات خطيرة جدا لهذا القرار"، أشار إلى أن المكتب التنفيذي الممثل لهذه اللجان دعا إلى اجتماع عاجل الثلاثاء "لبحث تداعيات القرار الأمريكي". وأعلنت الإدارة الأمريكية الجمعة وقف مساهماتها في تمويل الأونروا، متّهمة الوكالة الأممية بأنها "منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه". وفي الضفة الغربية 19 مخيما للاجئين الفلسطينيين يسكنها حوالي 500 الف لاجئ. وتتلقى المخيمات الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية وفي الشتات مساعداتها من الأونروا، وتديرها لجان شعبية يتم تشكيلها بالتنسيق بين أهالي المخيمات وإدارة الأونروا. وإثر صدور القرار الأمريكي قال أمين سر اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في بيان "نحن نرفض ونستنكر هذا القرار الأمريكي جملة وتفصيلاً، فلا يحقّ للولايات المتحدة الأمريكية إلغاء وكالة الأونروا التي تشكلت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة". ودعا عريقات دول العالم إلى "رفض هذا القرار، وتوفير كلّ ما هو ممكن من دعم لوكالة الأونروا ، إلى حين حلّ قضية اللاجئين من جميع جوانبها كما نص قرار" إنشاء الوكالة الأممية. من جهته، أكد وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بوقف الدعم المالي بشكل كامل عن وكالة "الأونروا" لن يؤدي أبدا إلى تفكيكها وتهميش ملف اللاجئين الفلسطينيين كما يتأمل الرئيس ترامب وإدارته. وأضاف المالكي، في بيان صحفي، أنه "على العكس، سيؤدي هذا القرار إلى ردود فعل قوية من العديد من الدول التي لن تقبل بسياسة البلطجة الأمريكية حيال ملف اللاجئين الفلسطينيين ووكالة "الأونروا"، وستتحرك لحماية تلك الوكالة والذود عنها من اعتداءات ترامب وإدارته.وأشار إلى أن ردود الفعل المباشرة من وزير الخارجية الألماني ومن ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي وغيرهما من المسؤولين، هي أكبر إثبات أن المجتمع الدولي لن يخذل الوكالة واللاجئين، وسوف ينبري من جديد في مواجهة عمل الإدارة الأمريكية من جديد في سياستها الحمقاء التي تظهر الجهل مع الحقد تجاه القضية الفلسطينية ومكوناتها الأساسية وفي مقدمتها ملف اللاجئين. وشدد المالكي على أن دولة فلسطين ستعمل على التنسيق الوثيق مع المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة بشكل رئيسي لحماية هذه الوكالة وحماية الدور الريادي الذي تقوم به منذ نشأتها في توفير الدعم للاجئين الفلسطينيين حتى تحقيق حق العودة أو التوصل لاتفاق مقبول بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وفق مبادرة السلام العربية. وأكد أن وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بتعليمات واضحة من الرئيس محمود عباس ستستمر في بذل الجهود لمواجهة تداعيات سياسة البلطجة الأمريكية بخصوص وكالة "الأونروا" وانعكاساتها على ملايين اللاجئين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم، وسيكون هناك العديد من المساعي المشتركة خلال الأيام والأسابيع المقبلة لضمان استمرارية عمل الوكالة في تقديم خدماتها لملايين اللاجئين الفلسطينيين دون أي تخفيض أو تراجع. وشدد وزير الخارجية والمغتربين على أن المهمة الأولى للوزارة هي في كيفية مواجهة السياسة الأمريكية وحماية مكتسبات القضية الفلسطينية، بما فيها ملفات الحل النهائي وتحديدا اللاجئين، والاستيطان، والقدس، والحدود، والأمن، والمياه. وأشار إلى أن الأيام والأسابيع المقبلة ستشهد تحركا مكثفا ليس فقط فلسطينيا وأردنيا، وإنما أيضا عربيا وإسبانيا وأوروبيا وأمميا، لصالح حماية وكالة "الأونروا" والعمل على حث عديد الدول للإسراع في تغطية العجز الذي خلفه تواطؤ الإدارة الأمريكية مع سياسة الاحتلال "الابرتهايد" الإسرائيلية، وتحديدا وقف أمريكا تمويل موازنة "الأونروا". ووصفت عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي القرار بأنه "متهور وغير إنساني". وأضافت في بيان باسم اللجنة التنفيذية أن "هذا القرار هو خطوة مجحفة تستهدف الشريحة الأكثر ضعفاً في المجتمع الفلسطيني وتعرض حياة أكثر من خمسة ملايين لاجئ ما زالوا يعانون من التشرد المتكرر والحرمان". ووصفت عشراوي الأونروا بانها "شريان حياة بالنسبة للاجئين المقيمين في 58 مخيماً في فلسطين المحتلة ولبنان والأردن وسوريا". وقالت إن "اللاجئين هم الضحايا الفعليون الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم وأمنهم وأرضهم نتيجة لإقامة دولة إسرائيل وها هم اليوم ومرة أخرى يقعون ضحية لقرارات ومخططات الإدارة الأمريكية التي لا تتوانى عن دعم الاحتلال العسكري الإسرائيلي وتوفر له الغطاء اللازم للافلات من العقاب والمساءلة والمحاسبة". وطالبت عشراوي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وتقديم الدعم للأنروا. بدوره ، استنكر الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط أمسالقرار الامريكي بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ووصفه بأنه "يفتقر للمسؤولية" . وقال ابو الغيط في بيان ان القرار الذي صدر عن البيت الابيض "يفتقر للمسئولية والحس الإنساني والأخلاقي". وتابع أن واشنطن ستتحمل المسؤولية "عما سيلحقه هذا القرار من أضرار كبيرة بنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني يعتمدون في معيشتهم اليومية على ما تقدمه الوكالة من خدمات". وأوضح ابو الغيط في البيان ان تبعات القرار "السلبية لن تقتصر على اللاجئين أنفسهم، وإنما ستمتد إلى الدول العربية المُضيفة لهم، والتي ينوء كاهلها بما تتحمله من أعباء فوق الطاقة". ومن جهتها نددت الأونروا بالقرار، رافضة الانتقادات الأمريكية الموجهة إليها، بحسب ما أفاد المتحدث باسمها. وكتب المتحدث باسم الأونروا كريس غونيس على تويتر أن الوكالة "تعرب عن أسفها العميق وخيبة أملها لإعلان الولايات المتحدة أنها ستتوقف عن توفير التمويل للوكالة بعد عقود من الدعم السياسي والمالي الثابت". انعكاسات خطيرة وقال أبو محمد حويلة (45 عاماً) من مخيم جباليا شمال القطاع وهو أب لتسعة أبناء، إن "وقف المساعدات سيؤثر بشكل كبير على أولادنا ، سيحرم آلاف الطلاب من الذهاب إلى المدرسة" ووصف القرار الأمريكي بأنه "مجحف وظالم". وأضاف "الناس ليس لديها المال لشراء الكتب واحتياجات المدرسة". وقال هشام ساق الله (55 عاما) إن القرار "سيدمر مستقبل عدد كبير من الطلاب ويرميهم في الشارع ويحرمهم من أهم حق من حقوق الإنسان، إنه نوع من الابتزاز السياسي والضغط على الشعب الفلسطيني". وقال هيو لولات الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن القرار الأمريكي وسيلة تسعى من خلالها واشنطن "بصورة منفردة إلى رفع مسألة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات". لكنه أضاف أن "الإجراءات الأمريكية خطيرة ولن تنجح"، مشيراً إلى أن لبنان والأردن لن يكون بامكانهما تقديم مساعدات مالية للاجئين. وظهرت بعض المبادرات لتأمين التمويل بعد القرار الأمريكي إذ أعلنت برلين عن زيادة كبيرة في مساهمة ألمانيا في الأونروا ودعت شركاءها الأوروبيين إلى الاقتداء بها. في المقابل ، سارعت إسرائيل إلى الترحيب بالقرار ، متهمة المنظمة التي تقدم الدعم لنحو خمسة ملايين فلسطيني بإطالة أمد النزاع في الشرق الأوسط. واتهمت إسرائيل والولايات المتحدة الوكالة التي تأسست قبل 70 عاما بتكريس فكرة أن العديد من الفلسطينيين هم لاجئون ويملكون حق العودة إلى المناطق التي هربوا أو أخرجوا منها خلال حرب العام 1948 التي رافقت إقامة دولة إسرائيل. وعلق مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو طلب عدم الكشف عن هويته على القرار بقوله إن "إسرائيل تدعم التحرك الأمريكي". وأضاف أن "تكريس وضع اللاجئين الفلسطينيين هو من بين المشاكل التي تطيل أمد النزاع".    وقال المسؤول في مكتب نتانياهو "سيكون من الجيد تخصيص الأموال لعناصر أخرى تستخدمها بشكل مناسب لصالح السكان، بدلا من ترسيخ فكرة أنهم لاجئون". وتقدم الأونروا الدعم حاليا لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني مسجل وتوفر التعليم لـ526  ألف طفل في الأراضي الفلسطينية وفي المخيمات في سوريا ولبنان والأردن.