لندن ــ عمان - اقلاديوس إبراهيم: ما زال الجدل قائما حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وما يسيطر على الشارع البريطاني الآن هو مخاوف الخروج من دون اتفاق، مما سيؤدي إلى مضار كبيرة للاقتصاد البريطاني، وقد تحدث فوضى جراء ذلك، وهو ما تحاول بريطانيا حاليا فعله باتخاذ إجراءات استعدادية لمواجهة تلك الفوضى التي قد تحدث في فترة ما بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وقد أحدث هجوم بوريس جونسون على خطة تشيكرز انقساما في حزب المحافظين، وهدد البعض بالانسحاب من الحزب، كما اتهمه النقاد بأنه استخدم لغة “مثيرة للاشمئزاز” لصرف النظر عن حياته الخاصة. وبدأ خصوم ماي في مناقشة سحب الثقة منها بشكل علني، غير أنها عبرت عن استيائها؛ حيث الأمر لا يتعلق بمستقبلها السياسي بقدر ما يتعلق بمستقبل المواطنين والبلاد. وفي موضوع آخر يطالب الاتحاد العام للعمال البريطانيين برفع العطلة الأسبوعين من يومين إلى ثلاثة أيام دون تقليل الراتب، للاستفادة من الثروة الناتجة عن التكنولوجيا الحديثة التي خلقت المزيد من الثروة التي يجب أن ينال العمال نصيبا منها. وإلى ما يدور خلف الأبواب الموصدة للقصر الملكي، حيث جاء في كتاب “لعبة التاج: إليزابيث كاميلا، كيت، والعرش”، أشار فيه إلى غيرة وكراهية من جانب كاميلا زوجة الأمير تشارلز تجاه كيت زوجة الأمير ويليام، باعتبارها من مستوى متدن لا يليق بالعائلة المالكة، حسب زعمها، ففي السابق كانت السبب في طلاق الأمير تشارلز من الأميرة ديانا، وها هي تغار من زوجة ابن ديانا. ومن الغيرة إلى التجسس والعمالة، حيث اتهم زعيم حزب العمال السابق مايكل فوت بأنه كان عميلا للمخابرات السوفييتية كي.جي.بي بحسب مزاعم جهاز الاستخبارات البريطاني الخارجي أم 16 مقابل أجر يتقاضاه، لكن سياسيين بارزين في الحزب رفضوا هذه المزاعم، ومايكل فوت نفسه رفع قضية على صحيفة “صنداي تايمز” عام 1995 بسبب مثل هذا الادعاء وربحها في وقتها. ويتبقى الحديث عن ذكريات يوم 11 سبتمبر المشؤوم، فقبل 17 عاما اقتحم 19 شخصا و4 طائرات مدنية برجي التجارة العالمية بنيويورك والبنتاجون، وكانت هناك طائرة خامسة سرية تحوم فوق البيت الأبيض، وهي منطقة محظورة، ولكن كشفت صحيفة “ديلي ستار” أن هذه الطائرة هي طائرة تابعة للجيش وأطل عليها طائرة “يوم القيامة”، وهي مخصصة لحماية الرئيس. استعداد بريطانيا لمواجهة مخاطر ما بعد البريكست لا تزال آثار الانقسامات والفوضى التي أحدثها إعلان رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي في المقر الريفي لها “تشيكرز”، حول خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي تهيمن على المشهد السياسي البريطاني، بل وامتدت لتطال الوضع الاقتصادي مع تزايد التحذيرات من مخاطر الخروج من الاتحاد بدون التوصل إلى اتفاق. صحيفة “الاندبندانت” نشرت مقالا كتبه الوزير المكلف بشؤون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، اعترف فيه بأن خروج بريطانيا دون التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد سيزيد من “المخاطر والاضطرابات”، فضلا عن تأثر الشركات والصادرات التي تضررت بالفعل من الرسوم الجمركية. وفي تصريح لإذاعة “بي بي سي” قال وزير البريكست، دومينك رأب “إن إحدى تبعات احتمال الخروج من دون اتفاق هو أننا لن ندفع الأموال المتفق عليها في إطار اتفاق الخروج وهو 39 مليار جنيه استرليني (44 مليار يورو) المتفق عليها بين الطرفين، لكنه اعتبر أنه “من غير المحتمل” عدم التوصل إلى اتفاق، وأما إذا حدث فلن يكون بإمكان الاتحاد الأوروبي انتقاء عناصر المفاوضات التي تناسبه وخصوصا تسديد الفاتورة. كما حذر بنك إنجلترا المركزي من المخاطر المتزايدة التي سيتعرض لها الاقتصاد البريطاني إثر الخروج دون التوصل إلى اتفاق مع أوروبا، لا سيما مع ترقب الشركات التي أوقفت استثماراتها انتظارا لما سيحدث، وإن نوايا الاستثمار خلال السنة المقبلة تراجعت موضحا أن «المخاوف تتعلق بزيادة المشكلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي بعد الانسحاب». وبحسب تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» فإن حاكم بنك إنجلترا، مارك كارني، حذر الحكومة البريطانية من أن أسعار العقارات ستنهار بنسبة تتراوح بين 25 و35% في غضون ثلاث سنوات، ونسبة البطالة البالغة اليوم 4% سترتفع إلى أكثر من 10%، كما ستتعرقل حركة النقل الجوي بين المملكة المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي، في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، لكنه حرص على التأكيد أن «بنك إنجلترا مستعد بشكل جيد لما يمكن أن يحدث للاقتصاد، بما في ذلك مختلف النتائج المحتملة لبريكست”. وكشفت صحيفة “صنداي تايمز” أن الشرطة البريطانية تخطط لدعوة قوات الجيش للمساعدة في السيطرة على “الفوضى المدنية” التي قد تندلع حال الخروج من دون اتفاق، وذكرت الصحيفة استنادا إلى وثيقة سرية مسربة أعدها “مركز التنسيق الوطني للشرطة” أن قادتها وضعوا خططا للطوارئ في حال اندلاع فوضى في الشوارع جراء نقص السلع والمواد الغذائية والأدوية، وأن ضرورة دعوة الجيش للمساعدة احتمال قائم حقا خلال الأسابيع التالية لتنفيذ البريكست، وسيكون من الضروري وقف الإجازات بين قوات الأمن في البلاد أثناء تلك الفترة. وتحذر الوثيقة من طوابير مرورية في المنافذ ، مع شلل «غير مسبوق وشامل» لشبكة الطرق، كما أن المخاوف بشأن الإمدادات الطبية يمكن أن تغذي الاضطراب المدني، بينما يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار السلع إلى «احتجاج واسع النطاق». لكن وزارة الداخلية البريطانية رفضت التعليق على الوثيقة المسربة، وقال متحدث باسمها: «لا نريد أو نتوقع سيناريو عدم التوصل إلى اتفاق، ونحن على ثقة بأننا سنحصل على اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، ومن واجب أي حكومة مسؤولة أن تستعد لكل الاحتمالات، بما في ذلك السيناريو غير المحتمل بأن نصل إلى مارس 2019 دون اتفاق». وفي تطور لاحق نشرت صحيفة «الغارديان» مقالا كتبه باتريك وينتور أشار فيه إلى أن عددا من المؤيدين البارزين لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ومن بينهم رئيسا الوزراء البريطانيان السابقان جون ميجور وتوني بلير، يعملون مع عدد من الساسة مثل نيك كليغ ولورد ميندلسون في مهمة دبلوماسية موازية لإقناع القادة الأوروبيين بوقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ونشرت صحيفة «الأوبزيرفر» تقريرا قالت فيه: إن عمدة لندن، صادق خان، دعا لإجراء استفتاء جديد على عضوية بريطانيا في الاتحاد، منتقدا تعامل الحكومة مع مفاوضات الخروج من الاتحاد، معتبرا أن التهديد الذي يواجه الاقتصاد والمعيشة والوظائف كبيرا جدا، ما يقتضي إجراء تصويت شعبي على أي اتفاق حكومي يخص الخروج من الاتحاد.