جاسم النبهان: دور الفنان الرئيسي هو مشاركته لهموم مجتمعه وبث الرسالة السامية - تغطية - عامر بن عبدالله الانصاري - «خيارات في زمن الحرب»، قصة مأساوية تسرد حكاية عائلة «عربي» الذي يرعى بكنفه زوجته «خالدة»، حالها كحال بقية العائلات التي تعيش ويلات الحرب. بهذه القصة انطلقت أولى عروض مسرح الكبار ضمن فعاليات مهرجان الدن العربي أمس الأول الأحد في أحضان كلية الخليج. «عربي»، الذي أدى شخصيته الفنان عبدالحكيم الصالحي، يقدم حلولا للبقاء حيا في مواجهة الحرب، وتواجهه زوجته «خالدة»، التي قامت بتأدية شخصيتها الفنانة زهى قادر، برفض الحلول المرة التي لا يجد منها «عربي» بُدا للبقاء حيا حتى يأتيه الموت بصاروخ مدمر، أو برصاص ميليشيات، أو ببراميل المتفجرات، أو غير ذلك. تبدأ العائلة بخيار من خيارات الحرب وتعيشه لأيام متعددة إلى أن ينفد الصبر، ليرجعان إلى نقطة البداية لاتخاذ خيار آخر من خيارات الحرب. يبدأ الخيار الأول، بأن يقوم «عربي» بالبحث عن لقمة ليسد بها رمقه ورمق زوجته، فلا يجد إلا أشلاء الجثث، فيقوم باختيار الأيادي المبتورة الأكثر نظارة، فقام بسلخها وتقطيعها وتجهيزها لزوجته «خالدة» لتقوم بإعداد وجبة من اللحم الطري. ترفض «خالدة» هذا الطعام، لتقدم لزوجها وجبة من الدجاج والأرز جلبتها من «ام سليمان» جارتها التي تعمل في المعسكرات بين الجنود، تغسل لهم، وتطبخ، وتعد لهم المشروبات، وفي أثناء تقوم بإحياء الحفلات الليلية. يستغرب «عربي» من الطعام، معتقدا أن لحم الأيادي المبتورة هو ما يأكله، لكن «خالدة» تخبره بقصة الطعام، وتبادره بتردد بـأن المكان الذي تعمل فيه «أم سليمان» بحاجة إلى فتيات جديدات للعمل، بعد جدال ومواقف قاسية يوافق «عربي» على هذا الخيار المر شريطة أن يعمل في ذات المعسكر خادما للجنود في المعسكر، ويذوقان كلاهما أشد أنواع الذل والمهانة فيقرران العودة إلى نقطة البداية لتجربة خيار آخر. الخيار الثاني، ينضم «عربي» إلى الميليشيات الإرهابية، يقتل كل من يخالفه وجهة النظر والمذهب والعرق والتفكير، يعود محملا بالغنائم على حساب الدم والعشرة والجيرة، وترفض «خالدة» ما جلبه عربي من خيرات، متمنية الموت على أن تعيش عيشة المجرمين والقاتلين. وبين أخذ وجذب، يقصف صاروخا المنزل، وتطير «خالدة» فرحا استبشارا بالموت على أرض وطنها، مستبشرة بالموت الذي يخلصها وزوجها من الذلة والمهانة، تضحك بصوت عالٍ «أهلا بالموت أهلا بالخلاص»، إلا أن الصاروخ يفجر جزءا من المنزل دون آخر، ليواصلان الحياة. الخيار الثالث، يرجع «عربي» إلى البيت، مبشرا زوجته بأن تحمل أمتعتها الضرورية، وأن قافلة تنتظرهما للهجرة إلى بلد آخر أكثر أمانا، تستقبل «خالدة» البشارة بألم ورفض مخاطبة «عربي»: «ألا تغضب، اغضب يا عربي». الخيار الرابع، يغضب «عربي»، مؤمنا بأن الغضب هو الخلاص من الذل والخوف، فخيار المقاومة والعيش أحرارا في بلدهم أفضل الحلول. العمل المسرحي، والذي نغصه خلل في هندسة الصوت، من تأليف الكاتب بدر الحمداني، ومن إخراج حسين العلوي، وتمثيل عبدالحكيم الصالحي، وزهى قادر، وكل من محمد الرقادي، وقحطان الحسني، ويعرب الرقادي الذين قاموا بتأدية دور الجنود وأدوار أخرى مثل ضحايا الإرهاب. وتولى مهام الديكور يوسف البادي، ومهام الإضاءة الزميل طاهر الحراصي، وكان المخرج المنفذ عبدالواحد الهنائي. الخلل الصوتي وتعقيبا على الخلل الصوتي قال الفنان عبدالحكيم الصالحي: «حصل عطل فني في الصوت أثناء تقديم العمل المسرحي، وهو خلل طارئ ربما كان بسبب إعدادات الصوت لحفل الافتتاح الذي سبق العرض المسرحي وهي بطبيعة الحال إعدادات تختلف عن اعدادات العرض المسرحي، لأننا قد قدمنا (بروفات) أمس، وكان كل شيء على ما يرام، ولكن الجمهور اليوم صرخ منبها إيانا بالصوت، وهذا حقيقة ما خرَّب العرض، وبلا شك أن المسرحية قوتها في الحوارات والنص جبار ، وأعتذر مرة أخرى للجمهور لهذا الخلل الفني، ويمكن القول أن 75 % من المسرحية قد ذهب سدى للأسف، واكثر ما احزنني هو الجمهور حقيقة، كما ان عنصر التلوين مطلوب في العمل، وهنا بقينا على نبرة صوت مرتفعة قدر الإمكان حتى يسمع الجمهور. دور الفنان وحول العرض التقينا بالفنان الكويتي القدير جاسم النبهان، فقال: «في زمن الحرب نحن بحاجة إلى توظيف الحب والتواصل بيننا، حبنا لحبة الرمل وحبنا إلى الشجرة هذا ما يجعلنا قريبين من الوطن وانسانه، والعمل جسد لنا هذا الحب وأوصل رسالة لنا بأن أرض الوطن غالية لا تساومها أية خيارات، هذا من ناحية العمل، ومن ناحية الملتقى والمهرجان فنحن بحاجة إلى مثل تلك التجمعات، لأنها مهمة في تلاقح أفكار كل فنان يحمل هم مجتمعه فيجتمعون لتعزيز هذا الفكر وتعزيز قيمة الرسالة الفنية التي تنعكس إيجايا على كل المستويات، وليس الفنان الصاعد على خشبة المسرح فحسب، بل حتى الفنان الكاتب، والفنان المخرج، وغيرهم، وهذا هو دور الفنان». مسرح مشرف وبدوره قال الفنان الكويتي عبدالعزيز النصار: «مثل هذه المهرجانات لها أهمية في إبراز الانطباع الأول في أي دولة، لأن الانطباع الأول يظهر في الفن في كل مجالات، وبالنسبة للعرض شاهدنا اليوم عرضا ممتعا، وهو عرض يشرف ويعكس المستوى القوي للمسرحي العماني حيث تم تقديمه بمهارة عالية وإتقان، وبالرجوع إلى الاعلام العمانية، أرى أن هناك تطورا رهيبا في المسرح العماني، ورأيت عرض في دولة الكويت قبل فترة بعنوان (لقمة عيش)، واليوم أشاهد هذا العرض، وحقيقة المسرح العماني في تطور ملحوظ ومشهود، وبالتوفيق دائما وأبدا». رجل فقير وكان قد سبق عرض مسرح الكبار «خيارات في زمن الحرب» عرض آخر ضمن عروض مسرح الشارع، وكان بعنوان «رجل فقير» وهو عرض بنتومايم «المسرح الصامت»، من تقديم فريق «ناشئة الشارقة» من دولة الامارات العربية المتحدة، وتم اعداد العمل ضمن برنامج في الإيماء، ويحكي قصة رجل فقير يتنقر بصورة مهرج في الطرقات العامة، ويهدف من خلال تقمصه شخصية المهرج إلى بيع معروضاته من أدوات منزلية وغيرها من الحاجيات، وأثناء نومه يحلم بأنه رئيس لعصابة سرقة، إلى أن تقبض عليه الشرطة، ويصحوا من ذلك الحلم شاكرا الله على أن ما كان فيه مجرد حلم، وما زال يحلم ويرتجي الرزق الحلال.