إكسون موبيل تراهن على الغاز المسال في الصين - سنغافورة - لندن (رويترز) - ارتفعت أسعار النفط أمس بفعل إشارات على زيادة الطلب في الصين، ثاني أكبر مستهلك للخام في العالم، على الرغم من أن الأسعار تتجه إلى الهبوط للأسبوع الثاني وسط مخاوف بشأن الحرب التجارية المستمرة بين الصين والولايات المتحدة. وجرى تداول العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت عند 79.61 دولار للبرميل بارتفاع 32 سنتا، أو ما يعادل 0.4 بالمائة، عن الإغلاق السابق. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 26 سنتا، أو 0.4 بالمائة، إلى 68.91 دولار للبرميل. وعلى أساس أسبوعي، انخفض برنت واحدا بالمائة، بينما نزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3.4 بالمائة، ليصبح الخامان على مسار التراجع للأسبوع الثاني على التوالي. وقفزت مخزونات الخام الأمريكية 6.5 مليون برميل في الأسبوع الماضي، وللأسبوع الرابع على التوالي، بنحو ثلاثة أمثال الأحجام التي كان المحللون يتوقعونها وفقا لما ذكرته إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأربعاء. وأظهرت وثيقة داخلية لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أن المنظمة تواجه صعوبة في ضخ المزيد من النفط في السوق بعدما وافقت في يونيو على زيادة الإمدادات، حيث بدد هبوط الإنتاج في إيران وفنزويلا وأنجولا أثر ارتفاع الإنتاج السعودي. وأظهرت الوثيقة الداخلية، التي جرى إعدادها بمقر المنظمة في فيينا من أجل اجتماع لجنة فنية، أن الدول الأعضاء باستثناء نيجيريا وليبيا والكونغو ضخت كمية إضافية قدرها 428 ألف برميل يوميا في سبتمبر مقارنة مع مايو . وضخت الدول غير الأعضاء في أوبك التي تتعاون مع المنظمة كميات إضافية قدرها 296 ألف برميل يوميا منذ مايو، وفقا لما أظهرته الوثيقة. إكسون تراهن على الغاز في الصين وسط حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين، تدير أكبر شركة مدرجة للنفط والغاز في العالم أعينها صوب بكين في الوقت الذي تتطلع فيه معظم الشركات الأمريكية إلى مناطق أخرى لتفادي مخاطر الرسوم الجمركية. تضع إكسون موبيل رهانات كبيرة على طلب الصين المتنامي من الغاز الطبيعي المسال، في محاولة لربط مشروعات إنتاج بمليارات الدولارات في أنحاء العالم بأول منفذ لها للتخزين والتوزيع في البر الرئيسي بالصين. وتتحرك استراتيجية إكسون موبيل في مجال الغاز على مسارين، أولهما زيادة إنتاج الغاز الفائق التبريد في أماكن مثل بابوا غينيا الجديدة وموزمبيق، بينما يتمثل الثاني في خلق طلب على تلك الإمدادات في الصين من خلال فتح الشركة أول مركز للاستيراد والتخزين هناك، بحسب ما قاله أحد مديري إكسون ومصادر مطلعة على خطط الشركة. وقال المدير، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث عن المشروع، :إن هذا المزيج «سيضمن لنا منفذا مستقرا لكثير من غازنا الطبيعي المسال لعشرات السنين»، مضيفا: أن بناء قائمة من الزبائن الصينيين يأتي في مقدمة أهداف الشركة هذا العام. وتابع: «يرتفع طلب الصين على الغاز الطبيعي بوتيرة سريعة حقيقة، حيث تزيد الواردات بنسبة تفوق عشرة في المائة سنويا في الوقت الحاضر بسبب برنامج الحكومة للتغويز والزيادة السريعة في الطلب الصناعي، بما في ذلك البتروكيماويات». وامتنع متحدث باسم إكسون موبيل عن إيصال رويترز بمسؤول تنفيذي لمناقشة استثمارات الشركة في مجال الغاز الطبيعي المسال بالصين. ولهذه الاستراتيجية التي استغرق إعدادها سنوات فائدة إضافية، حيث تساعد إكسون على تجنب حرب تجارية عالمية. ذلك أن مشروعات إكسون الضخمة بقطاع الغاز الطبيعي المسال في بابوا غينيا الجديدة وموزمبيق لن تقع تحت طائلة الرسوم البالغة عشرة في المائة التي فرضتها الصين على الغاز الأمريكي في إطار الحرب التجارية بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبكين. وقال جيسون فير، رئيس إدارة معلومات الأعمال لدى بوتين آند بارتنرز التي تتبع مبيعات الغاز الطبيعي المسال: إن الصفقة تظهر «علامات على أن الصين مستعدة للسماح بالاستثمار الأجنبي في مجالات كانت تعتبرها في الماضي استراتيجية». وإكسون من بين شركات أمريكية كبرى تمضي قدما في أنشطتها في الصين رغم النزاع التجاري، وليست وحدها في ذلك. فشركات صناعة السيارات الأمريكية والأوروبية تعمل على فتح أو توسعة مصانع في الصين لتجنب رسوم ضخمة وتكلفة النقل. واستحوذت تسلا هذا الشهر على موقع في شنغهاي لإنشاء مجمع لتصنيع السيارات والبطاريات. وتتيح مشروعات الغاز المسال التابعة لإكسون في آسيا وأفريقيا وفورات في التكلفة مقارنة مع صادرات الشركات الأمريكية المنافسة التي تواجه رسوما ونفقات أكبر في النقل، في حين أن دعم الصين للمشروع يدحض شكاوى إدارة ترامب من أسواق الصين المغلقة. مخاطر الحرب التجارية ظهر دارين وودز الرئيس التنفيذي لإكسون موبيل في وسائل الإعلام الحكومية وهو يجري محادثات مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانج الشهر الماضي، بعد أيام من الإعلان عن صدور الموافقات المحلية لمرفأ الغاز الطبيعي المسال ومشروع ضخم للكيماويات في إقليم قوانغدونغ. ومنذ أن أصبح رئيسا تنفيذيا لإكسون العالم الماضي، يدفع وودز الشركة للإقدام على مخاطر أكبر، بما في ذلك في عمليات تجارة الطاقة. ويبدو أن توقيت خطوته في مجال الغاز الطبيعي المسال حيوي. ففي العام القادم، ستصبح الصين أكبر مستورد للغاز الطبيعي في العالم، ومن المتوقع أن تزيد وارداتها من الغاز الطبيعي المسال 70 في المائة بحلول 2020 مقارنة مع 38.1 مليون طن العام الماضي، وفقا لتقديرات سي.آي.إيه إنرجي للاستشارات في بكين. ولم تعلن إكسون بعد عن اسم شريكها في مرفأ الاستيراد. وقالت شركة الطاقة التي تديرها الدولة قوانغدونغ يوديان جروب على موقعها الإلكتروني إنها ستنضم إلى المشروع. وبي.بي هي شركة النفط الأجنبية الكبرى الأخرى الوحيدة التي تملك حصة في مرفأ صيني للغاز الطبيعي المسال. ولم تستجب يوديان لطلب بالتعقيب. غير أن الرهانات التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات لا تزال تواجه مخاطر جراء النزاع التجاري الصيني الأمريكي. فقد توعدت الصين بالرد على أي رسوم أمريكية جديدة تفرضها إدارة ترامب، التي اتهمت بكين في الآونة الأخيرة بالتدخل في انتخابات نوفمبر ومحاولة تجنيد أمريكيين للتجسس لصالحها. لكن لم تتضح بعد طبيعة هذا الرد، وما إذا كان سيشكل خطرا على اتفاقيات مثل صفقة إكسون في الصين. وبالإضافة إلى مرفأ الغاز الطبيعي المسال، نالت إكسون الموافقة على أول مصنع كيماويات مملوك لها بالكامل في الصين، لتصبح إحدى شركتين أجنبيتين نالتا الموافقة على تشغيل مثل تلك المصانع بدون شريك محلي. والشركة الأجنبية الثانية هي باسف الألمانية. وتبلغ تكلفة بناء المرفأ ومصنع الكيماويات نحو تسعة مليارات دولار، بحسب تقديرات آي.إتش.إس ماركت للاستشارات. مشروعات جديدة بدأت الصين في 2017 برنامجا ضخما لتحويل ملايين المنازل والمصانع إلى استخدام الغاز الطبيعي للكهرباء والتدفئة بدلا من الفحم، في خطوة ترمي إلى الحد من تلوث الهواء في المدن. وأحيا ذلك قطاع الغاز الطبيعي المسال الذي عانى من هبوط الأسعار في الفترة من 2014 إلى 2017، وهو ما دفع شركات الطاقة إلى التخلي عن مشروعات الإسالة. لكن مع صعود أسعار الغاز الطبيعي المسال هذا العام، عمد منتجون كبار إلى تعزيز الاستثمارات. فبالإضافة إلى إكسون، أعطت رويال داتش شل الضوء الأخضر لمشروع غاز طبيعي مسال في كندا بقيمة 31 مليار دولار سيصدر الوقود بصفة رئيسية إلى الصين. وتتكيف إكسون ومنتجون آخرون للغاز الطبيعي المسال أيضا مع التغير في ممارسات المشترين. ففي الماضي، كانت عقود التوريد الطويلة الأجل تهيمن على الغاز الطبيعي المسال، خصوصا تلك المبرمة مع المشترين في اليابان وكوريا الجنوبية، إذ تمتد تلك العقود لعشرات السنين ويتفق فيها البائع والمشتري على كميات شهرية ثابتة بآلية سعرية محددة. لكن هذا الوضع تغير لأسباب من بينها أن المستوردين في الصين إما يطلبون مزيدا من المرونة في العقود أو يشترون ببساطة الغاز الطبيعي المسال من السوق الفورية عند الحاجة. ويدفع هذا التحول المنتجين إلى التجارة في إمدادات جديدة من الغاز الطبيعي المسال، وإعطاء مرافئ الاستيراد دورا أكبر في تعزيز المشتريات الفورية.