في زيارة دولة -

بلجراد - (أ ف ب): بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس زيارة دولة إلى صربيا حليفته الكبرى في البلقان التي يتمتع فيها بشعبية كبرى حيث يحظى باستقبال حافل يتخلله عرض يقام على شرفه.
وكتب على إحدى اللافتات العديدة التي انتشرت في أرجاء المدينة وعليها أعلام روسية وصربية «أهلا بسيادة الرئيس بوتين، الصديق العزيز».
وهبطت طائرة بوتين في مطار نيكولا تيسلا في بلجراد بعد الساعة 12:00 ت غ، واستقبله في المطار الرئيس الصربي الكسندر فوتشيتش.
وفي الأيام الأخيرة انتشر بيع القمصان والكؤوس والكتب التي تحمل صورة بوتين، بينما أضيئت نافورة في وسط بلغراد بألوان العلم الروسي الأحمر والأبيض والأزرق.
ومع أن صربيا تتطلع للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أنها أبقت على علاقات وثيقة مع روسيا، «الأخ الأكبر السلافي الأرثوذكسي»، حيث يتشارك شعبا البلدين بجذورهما السلافية.
إلا أن المحللة الاقتصادية الصربية بيليانا ستيبانوفيتش تعتبر أن العلاقة هي «عاطفية أكثر منها منطقية».
وطبقا لاستطلاع أجرته الحكومة الصربية في 2017 فإن ربع السكان يعتقدون أن روسيا هي أكبر دولة مانحة لبلادهم، بينما تقول النسبة ذاتها أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر جهة مانحة.
وفي الحقيقة فإن 75% من الهبات تأتي من الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء فيه، بينما لا تصل نسبة الهبات الروسية إلى 9%. كما أن الاستثمارات المباشرة والتجارة الغربية أكبر من الروسية.
إلا أن ما يزيد من تأييد الصرب لروسيا هو دعمها الثابت لمسألة كوسوفو، الاقليم الصربي السابق الذي انفصل في حرب 1998-1999.
ولم تقبل روسيا أبدا استقلال كوسوفو الذي رفضته روسيا كذلك واستخدمت حق النقض الذي تملكه في الأمم المتحدة لإفشال أحلام كوسوفو بالانضمام إلى المنظمة الدولية.
وفي المقابل ترفض بلجراد الانضمام إلى العقوبات التجارية الدولية التي فرضت على روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية. ويمكن أحيانا مشاهدة عبارة «كوسوفو هي صربيا، والقرم هي روسيا» في الشوارع الصربية.
إدراكا منه لتعلق الشعب الصربي بروسيا، دأب فوتشيتش على التأكيد على علاقته ببوتين.
والاثنين وصف تفاصيل زيارته الأخيرة إلى موسكو في مقابلة مع تلفزيون «بنك» الموالي للحكومة، وقال «عندما ذهبت إلى منزله (بوتين) لأقدم له أيقونة (دينية)، استقبلني عند الساعة 10:45 مساء، وكنا لوحدنا وكان يعزف البيانو». ويواجه فوتشيتش انتقادات بأن حكمه يزداد سلطوية.
إلا أن الاستقبال الحافل لبوتين لا يمكن أن يخفي النكسات التي منيت بها روسيا مؤخراً في البلقان، حيث يستعرض الغرب عضلاته.
ولم تتمكن موسكو من منع مونتينغرو من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي في 2017، وهو الهدف الذي تقترب مقدونيا من تحقيقه.
وفي حال نجاح مقدونيا فإن جميع الدول المجاورة لصربيا، التي لا تتطلع إلى الانضمام إلى الحلف، ستكون في نطاق الحلف باستثناء البوسنة بسبب تصويت سكانها الصرب.
وقبل وصوله اتهم بوتين الغرب بـ«زعزعة استقرار» البلقان من خلال جهوده لتوسيع الحلف العسكري، وهو الاتهام الذي توجهه له الولايات المتحدة.
وقال ماكسيم ساموروكوف، محلل الشؤون الروسية في معهد كارنيغي انداومنت للسلام الدولي، إن بوتين يزور صربيا لأسباب أهمها السعي إلى تعزيز «المكانية السياسية» وإظهار «وجود النفوذ الروسي في جميع أنحاء العالم».
إلا أنه قال إن منطقة «البلقان ليست لها أهمية كبيرة» ولا تمثل «أولوية للسياسة الخارجية الروسية».
إلا أن لروسيا بعض المصالح في المنطقة، إذ تستورد صربيا ثلثي كميات الغاز الطبيعي والنفط الخام من روسيا، بينما تمتلك شركة غازبروم الروسية العملاقة شركة النفط الصربية «إن آي اس».
وبحسب المحللة ستيبانوفيتش فإن روسيا «لم تستخدم هذه الميزة بعد.. ولكن احتمال التأثير لا يزال ماثلا» لأن صربيا «لا يمكنها أن تتحمل توقف شحنات» الغاز والنفط.