المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي  - رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة - ظهرت الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تسعينات القرن العشرين في العديد من دول المنطقة، ويزداد الطلب في الوقت الحالي على هذا النوع من الأعمال نظرا لعدم كفاية الاستثمارات الحكومية في الدول، والطلب المتزايد على مشاريع البنية الأساسية. ويتمحور مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص حول استثمار التعاون بين هذين القطاعين بهدف استخدام مشترك للموارد وتحقيق الشفافية، مع الأخذ بعين الاعتبار إنجاز أهداف الأطراف المعنية جميعها بالطريقة الأمثل. وتعد الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي تعاقد طويل الأمد في معظم الأحيان ما بين الدولة وشركات القطاع الخاص، وتهدف إلى تنفيذ مشروعات ضخمة لتطوير البنى الأساسية تحتاج إلى تمويل كبير، وتعني أن تتحمل الدولة مسؤولية الحفاظ على حقوق المواطن وضمان وصول الخدمة إليه بالسعر والجودة المطلوبين، وتعني كذلك مراقبة تنفيذ المشروع المشترك في مرحلتيه التأسيسية والتشغيلية من قبل الدولة. وتتيح الشراكة إمكانية تمويل المشاريع والاستفادة من التكنولوجيا والابتكارات الحديثة لدى القطاع الخاص وتقديم خدمات حكومية أفضل من خلال تعزيز الكفاءة، وتعزز الشراكة القدرة على التحكم بالموارد المالية المتاحة من خلال تحديد التكاليف الحالية والمستقبلية للمشاريع وتوفر الشراكة للقطاع الخاص المحلي فرصة المشاركة في تنفيذ مشاريع مشتركة مع الشركات الدولية وإبرام عقود فرعية لمختلف الوظائف المساندة، مما يسهم في تطوير قدراتها. تعتبر الشراكة وسيلة لزيادة مشاركة القطاع الخاص تدريجيا في توفير الخدمات الحكومية بشكل مسؤول. وتساهم الشراكة في الاستغلال الأمثل للموارد العامة المحدودة بما أن العديد من المشاريع تعتمد على إنفاق رأسمالي مباشر من القطاع الخاص فهي يمكن استغلالها في الأوقات التي يتوقف أو يتعرض فيها رأس المال العام لقيود (إما بسبب سقوف الإنفاق العام، أو دورة الموازنة). وتولي القطاع الخاص مهام ومسؤولية التصميم والإنشاء حافز له لإنجاز المشاريع وتسليمها خلال فترة زمنية قصيرة. كما يتم تحميل المخاطر للطرف الأكثر قدرة على إدارتها بأقل التكاليف، ويستطيع القطاع الخاص أحيانا تأمين إيرادات إضافية للمشروع من جهات أخرى لتغطية التكلفة المترتبة على القطاع العام لتنفيذ المشروع. أما قانون التخصيص فهو يتعلق بحالة انتقال الملكية من المؤسسات الحكومية (القطاع العام) إلى القطاع الخاص. في واقع الأمر تحدد جوهر عملية التخصيص بوصفها مجموعة من السياسات المتكاملة، التي تستهدف الاعتماد الأكبر على آليات السوق، ودور القطاع الخاص والمنافسة، من أجل تحقيق الأهداف التنموية. ولا تقتصر عملية الخصخصة على فكرة بيع وحدات القطاع العام إلى القطاع الخاص، وإنما هي عملية أوسع نطاقا من ذلك وأعمق مضمونا، حيث تتضمن تحويل ملكية بعض وحدات القطاع العام إلى القطاع الخاص، من أجل الترشيد الاقتصادي ورفع الكفاءة، ثم تنشيط نطاق المنافسة، ثم إلغاء قيام القطاع العام ببعض الأنشطة غير الملائمة له. وإسناد عملية إنتاج الخدمات إلى القطاع الخاص لتحقيق خفض في تكلفة المنتج. وبالتالي يسعى قانون التخصيص بشكل أو بآخر إلى رفع مستوى الكفاءة الاقتصادية لإدارة الأموال داخل الدولة، وتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة، فيما يتعلق بالدعم الذي تقدمه الدولة للشركات العامة وتعويض خسائرها. وتوسيع قاعدة الملكية، والحصول على زيادة في الإنتاج والتصدير وتحسين الجودة، بالإضافة توفر حصيلة لدى الدولة من بيع الوحدات العامة، تستطيع أن تواجه بها عجز الموازنة العامة. من جانب آخر يأتي قانون رأس المال الأجنبي في إطار مساعي السلطنة لتنمية البيئة الاستثمارية الاقتصادية لديها بما يضمن تحقيق أقصى فائدة للمستثمرين الأجانب والمحليين ويعود على اقتصادها بمزيد من النمو، وبما يسهم في تحوُّلها إلى مركز جذب عالمي للاستثمارات الأجنبية. ويتضمَّن القانون العديد من الحوافز الاستثمارية، ويجوز لمجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير، منح مشروعات الاستثمار حوافز ومزايا، بالإضافة إلى ما هو منصوص عليه في هذا القانون. كما يهدف القانون إلى إيجاد فرص عمل ومواءمتها مع الموارد البشرية في السلطنة، وتشجيع وترويج وحماية الاستثمار الأجنبي في السلطنة بما يكفل توفير البيئة الاستثمارية الملائمة وضمان مساهمته في الفعلية في تنمية الاقتصاد الوطني، إضافة إلى نقل التكنولوجيا والنفاذ للأسواق للوصول إلى الموردين والأسواق العالمية. وتناول القانون عددا من الأحكام المهمة فيما يتعلق بتنظيم وتنمية وتطوير وتشجيع الاستثمار في السلطنة، ويتوقع أن ينجح قانون الاستثمار الجديد في جعل المزيد من الاستثمارات الأجنبية تتدفق إلى السلطنة خلال الفترة المقبلة، وأن العوامل التي تشجع المستثمرين الأجانب على إقامة مشاريعهم متوفرة في السلطنة؛ فاقتصادها ينمو بشكل جيد، وحققت في السنوات الأخيرة مراتب متقدمة في المؤشرات الاقتصادية، التي من أهمها التنافسية العالمية، والمرونة، وريادة الأعمال، وتطور البنية الأساسية. إن جذب الاستثمار الأجنبي وتعزيزه والحفاظ عليه يعد أمرا معقدا فيمكن للمستثمرين الأجانب توفير فرص عمل، واستقدام رأس المال والتكنولوجيا، ونقل المعرفة، ومساعدة الشركات المحلية على التكامل مع سلاسل القيمة المضافة العالمية، ودفع النمو الاقتصادي بصورة عامة. غير أن هذه الفوائد المحتملة لا تتحقق من تلقاء نفسها، وهي أيضا ليست مضمونة، ويتطلب جهدا كبيرا في تبسيط الإجراءات وإزالة المعوقات ويجب ألا يقتصر تركيز الإصلاح التنظيمي على القوانين المحلية، ولكن ينبغي أن يسعى أيضا لتحقيق الترابط بين هذه القوانين واتفاقيات الاستثمار الدولية التي تحكم على نحو متزايد الإنتاج على المستويين المحلي والدولي. وبالرغم من أهمية قانون رأس المال الأجنبي إلا أنه ومن الضروري أن تتجاوز استراتيجية سياسات الاستثمار مسألة جذب الاستثمارات المبدئية فهذا مجرد جزء ضئيل من الأمر برمته. وتأتي الفوائد الحقيقية التي تتحقق للدولة في مرحلة تالية في العلاقة، عندما ننجح في الاحتفاظ بالاستثمار وبناء علاقات قوية مع أنشطة الأعمال المحلية. من جانب آخر، وفيما يتعلق بقانون الإفلاس فيعد الإفلاس هو إعلان الشركة أنها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها أمام الدائنين، وحينها تقوم الشركة بتصفية كل أملاكها وحساباتها البنكية لتسدد أكبر قدر ممكن من هذه الالتزامات ثم تخرج من سوق العمل. وفي الشركات يحدث الإفلاس بالاقتراض لعدم توافر السيولة الكافية مع إمكانية تسديد هذه الالتزامات في موعدها المحدد عندما تبدأ مرحلة جني العوائد، لكن عندما لا يكون العائد المتوقع كافيا بحيث يغطي التزامات الشركة، تضطر الأخيرة إلى تصفية بعض من أملاكها لتسديد تلك الالتزامات، فإذا لم تكف تلك الأملاك للتسديد، تعلن الشركة حينئذ إفلاسها. ويهدف قانون الإفلاس يهدف إلى حماية الدائنين من تصرفات المدين الذي اضطربت أحواله وذلك بمنعه من الإضرار بهم وكذلك حماية الدائنين بعضهم من بعض، ذلك لأنه من الطبيعي أن يسعى كل دائن منهم إلى استيفاء حقوقه حتى ولو أدى ذلك الأمر إلى الإضرار بالدائنين الآخرين، إلا أن المشرع لو توقع ذلك لتدخل بنصوص تشريعية لحماية الدائنين جميعا، هذه الحماية تتصف بالمساواة بينهم وعدم تفضيل أي منهم على الآخر وذلك لمنع التسابق فيما بينهم. وإذا كان الهدف من إشهار إفلاس المدين تمكين الدائنين من الحصول على حقوقهم أو على القدر الممكن منها وذلك برفع يد المدين العاجز عن دفع ديونه عن إدارة أمواله والتصرف فيها، واعتبارها محجوزة لصالح جميع الدائنين العاديين الذين يوضعون في صف واحد على قدم المساواة بلا تفضيل فيهما بينهم. وعملية توزيع أموال المدين فيما بين جماعة الدائنين تقسم قسمة غرماء؛ أي بنسبة حق كل منهم، ويتولى هذه المهمة شخص تعينه المحكمة وتراقب أعماله يسمى مدير التفليسة. وتبنى القانون مجموعة من الإجراءات التي تركز على إعادة تنظيم المديونية بدلا من الإجراءات المعتادة لإغلاق الشركات وتصفيتها بما يتيح للطرف المتعثر العودة إلى سوق العمل مجددا بما يمكنه من معالجة التزاماته المالية والوفاء بها. وبحسب تقارير سابقة للبنك الدولي، فإن دول المنطقة تحتاج لنحو ثلاثة أعوام ونصف العام لتصفية شركة متعثرة بكلفة تصل إلى 14% من قيمة الشركة، بينما تحتاج نظيراتها من البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى عام وسبعة أشهر فقط، بكلفة تعادل 8.4% من قيمة الشركة. وفيما لا يستعيد الدائنون بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر من 30% من أموالهم، فإن هذه النسبة ترتفع في بلدان «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» إلى 70%.