تلعب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومجالات ريادة الأعمال دوراً ملحوظاً في دفع اقتصاديات العديد من الدول في العالم اليوم، عبر مساهمتها الفاعلة في ترقية الصناعات الجديدة والأكثر حداثة والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات العصرية الحديثة، لاسيما أن هذا النوع من المؤسسات يرتبط بشكل عام بالشباب والجيل الصاعد الذين يمتلكون القدرة الأوضح على التقاطع مع مستجدات الحياة العصرية وما يتحرك به العصر الإنساني الجديد من معطيات على كافة الأصعدة. على مستوى البلدان العربية برغم سعة المساحات لهذه الدول وتوفر الإمكانيات الكبيرة سواء الموارد الطبيعية أو البشرية، مع وجود سوق كبيرة من حيث عدد السكان الذي يصل إلى أكثر مئات الملايين من البشر، إلا أن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا يزال في بواكيره ويعاني الكثير من الإشكاليات المتعلقة، أولا، بالاعتراف بدور هذا القطاع في حد ذاته، بالإضافة إلى سيطرة الشركات الكبيرة وذات الطابع العائلي كذلك هيمنة الأنظمة والرؤى التقليدية للاقتصاديات الوطنية، إذ لا تبدو ثمة نظرة في كثير من الدول باتجاه تعزيز الآفاق الجديدة للعصر الراهن بالاستفادة من التجارب الإنسانية الرائدة في هذا المجال. من هنا فالحوار والتثاقف حول تطوير التعاون بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلدان العربية لرواد الأعمال يأخذ دوره الإيجابي ويتموضع في صميم الأهداف المستقبلية والمهمة التي بإمكانها أن تحقق التطلعات في سبيل بناء اقتصاديات أكثر عصرية واندماجاً مع الحياة المعاصرة، بالتخلص من الأشكال الكلاسيكية والروتينية للإنتاج والعمل وإدارة المؤسسات وغيرها من المفاهيم في هذا الباب المتعلقة بمفهوم الإنتاج في حد ذاته، وتحريره من التصورات القديمة التي تربطه فقط بالقدرات الرأسمالية أو التكثيف في العمل دون تغيير نوعي، أو بذل الجهد فحسب، لأن العالم اليوم قد عمل على قلب الكثير من المفاهيم بالفعل، وهو ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار. هنا يمكن الإشارة إلى أعمال الملتقى العربي الخامس لرواد الاعمال المنعقد تحت شعار «الاستثمار والطاقة المتجددة»، ضمن فعاليات مهرجان صلالة السياحي، ولا بد أن مثل هذه الفعاليات لها دور إيجابي وملحوظ على المدى القريب أو البعيد في تشكيل رؤى جديدة وتعاون فاعل في بناء القدرات والعمل على صياغة العديد من تصورات الإنتاج الجديد بما يدفع الحياة والاقتصاديات الوطنية وعلى مستوى البلدان العربية باتجاه ما هو أفضل. إن الحديث عن المستقبل دون ربط ذلك بالفكر الفاعل والجديد والمشاركة في تفعيل الأفكار فعلياً باتجاه التحقق على أرض الواقع، لو لم يحدث كل ذلك لما استطعنا أن نصل إلى آفاق جديدة مرتقبة، وفي مقابل ذلك يبقى الإصرار على الأهداف مع اتباع التحفيز والإيمان بالقدرات وأن منظومات الاقتصاد في نهاية الأمر هي انعكاسات وتجليات للمجتمعات وحراكها باتجاه بناء الحياة الأرحب في كافة المجالات، ولن يتحقق ذلك كما يقال بجرة قلم، بل عبر المزيد من مضاعفة الجهود والمضي إلى الأمام بكل ثقة واقتدار مصحوب بالعمل بالجاد.