كتبت - عهود الجيلانية - أكد عبدالله بن حمود الرقادي مدير عام تقنية المعلومات بوزارة الصحة أن تجربة توظيف الوزارة للذكاء الاصطناعي في الكشف عن سرطان الثدي حققت نتائج إيجابية تمثلت في دقة تشخيص الحالات التي وصلت إلى نسبة 96%، وانخفضت المدة الزمنية حيث تم التشخيص خلال دقائق معدودة مقارنة بالتشخيص اليدوي بالإضافة إلى تخفيض التكلفة المالية على الحكومة التي تتكبدها في علاج الحالات المتأخرة. وأشار إلى إمكانية إنشاء وحدة مركزية بالسلطنة مستقبلا مختصة بإعداد التقارير دون الحاجة إلى كوادر بشرية متخصصة ومعالجة قضية شح الكوادر في هذا المجال، ومن جانب آخر أكد أن الوزارة تعكف حاليا على إنهاء المرحلة الثانية من بوابة الملف الوطني الصحي الإلكتروني (نهر الشفاء) وتطبيق الهاتف الذكي لهذا النظام وتطوير البوابة الصحية الإلكترونية وإضافة العديد من الخدمات الإلكترونية والأنظمة المرتبطة للوصول إلى بيئة رقمية خالية من التعاملات الورقية. وقال الرقادي في حوار مع «عمان»: إن الذكاء الاصطناعي يعد من التقنيات التي أصبحت الأكثر انتشارا بين مثيلاتها من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة فقد درج استخدامه في يومنا هذا في العديد من القطاعات وبينها القطاع الطبي الذي يساعد فيه الذكاء الاصطناعي من تحليل البيانات الطبية المعقدة وتقريب الاستنتاجات دون الحاجة لتدخل الإنسان بشكل مباشر من خلال استخدام الخوارزميات والبرامج المتخصصة، ولعل أبرز الأهداف من تطبيق الذكاء الاصطناعي هو تحليل العلاقة بين أساليب العلاج أو الوقاية ونتائج المريض، وبرامج الذكاء الاصطناعي تم تطويرها وتدريبها وتطبيقها في عدة مجالات طبية منها تلك المتعلقة بعمليات التشخيص وتطوير البروتوكولات العلاجية والأدوية ومراقبة المرضى والعناية بهم. وعن توظيف الذكاء الاصطناعي بالوزارة في الكشف عن سرطان الثدي، قال الرقادي: لما لهذه التقنية من أهمية في تحسين الخدمات الصحية فقد قامت الوزارة بالتعاون مع وزارة التقنية والاتصالات في دراسة إمكانية تطبيق وتجربة الذكاء الاصطناعي وبعد عدة مناقشات مع المختصين تبين إمكانية تجربة تطبيق النظام للكشف عن سرطان الثدي. وقد جاء اختيار سرطان الثدي لعدة أسباب حيث إنه يعد الأكثر شيوعا في العالم، إذ يصل نسبة إجمالي الحالات المشخصة عالميا بسرطان الثدي حوالي 11.6%، ويقدر عدد الحالات الجديدة سنويا 2.17 مليون حاليا بعام 2020م بواقع امرأة بين كل 8 نساء معرضة للإصابة بسرطان الثدي. وفي السلطنة يعد سرطان الثدي بين أكثر السرطانات شيوعا بنسبة 24.48%، ويتوقع أن يصل عدد الحالات بحلول عام 2040م إلى 975 حالة سنويا، بينما يتم تشخيص أكثر من 200 حالة جديدة سنويا في الوقت الراهن ومعدل الإصابة هو 26.9 لكل 100 ألف امرأة، وخلال السنوات الماضية ارتفعت نسبة الإصابة بسرطان الثدي إلى أكثر من 315%. وأضاف المدير العام: بموجب هذه المؤشرات تم الاتفاق على عمل تجربة الذكاء الاصطناعي في هذا المجال لتحسين الخدمة الصحية المقدمة للمرضى وسرعة الكشف عن هذا السرطان بحيث يتم تقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب مما يخفض الكلفة العلاجية ويحسن من جودة العمل الصحي. وفي هذا الإطار تم تشكيل فريق عمل من وزارة التقنية والاتصالات ومن وزارة الصحة وبمشاركة الشركة المنفذة باستخدام برنامج الذكاء الاصطناعي. وقد قام فريق العمل بانتقاء 151 حالة تمت دراستها مسبقا بالطريقة التقليدية بعد موافقة لجنة البحث الأخلاقي وتمت إزالة البيانات الشخصية لهذه الحالات حتى لا يتم التعرف عليها وحفظًا للسرية والخصوصية وكانت الحالات العشوائية للمرضى خلال الأعوام من 2012 إلى 2018م وكان الهدف الرئيسي للتجربة هو التحقق من دقة التشخيص التي يقوم بها الذكاء الاصطناعي وسرعته ومقارنته بالتشخيص البصري من خلال مراجعة فريق العمل لهذه الحالات ونتائجها. . نتائج إيجابية وعن جدوى تطبيق المشروع والفئة المستهدفة، ذكر الرقادي أن الأهمية تتمثل في الرغبة إلى تحقيق معدلات إيجابية في الكشف المبكر عن حالات سرطان الثدي بالسلطنة وتقليل عدد الإصابات، بالإضافة إلى السعي نحو تقليل الوقت والجهد في الوصول للنتائج والتقارير وسرعتها، الأمر الذي سيقلل التكلفة المالية على الحكومة من حيث علاج الحالات المتأخرة في الكشف عنها، كما يمكن مستقبلا إنشاء وحدة مركزية بالسلطنة تقوم بإعداد التقارير دون الحاجة لوجود أطباء مختصين بكل المؤسسات الصحية لا سيما مع شح الكوادر الطبية المتخصصة في هذا المجال. ويستهدف هذا المشروع كافة المرضى من النساء بالسلطنة والوصول إلى استمرار الحملات الوطنية للكشف المبكر عن سرطان الثدي. وعن مدى نجاح ودقة نتائج التجربة، أفاد الرقادي بقوله: أكدت النتائج على دقة تشخيص الحالات التي وصلت إلى نسبة 96%، وانخفضت المدة الزمنية حيث تم التشخيص خلال دقائق معدودة مقارنة بالتشخيص اليدوي، كما قام الذكاء الاصطناعي بتحليل الصور وكشف الخلل وإمكانية إبداء الرأي وهذا ما يسمى التعليم العميق (Deep Learning)، وأسفرت النتائج إلى أن الذكاء الاصطناعي يتعلم من تحليل تشخيص الحالات حسب كل المتغيرات المكتشفة مثلا تكلسات وتكتل مع تغير في شكل الثدي الذي يعتبر ورما سرطانيا، ومع تطبيق الذكاء الاصطناعي يمكن مضاعفة تشخيص الحالات السنوية إلى ضعف العدد من حيث إن مسارات العمل اليدوية تتطلب وجود طبيبين مختصين لعمل التقارير الطبية للأشعة والتأكيد عليها، فمع وجود تطبيق الذكاء الاصطناعي يمكن الاستغناء عن طبيب واحد بحيث يقوم الذكاء الاصطناعي بعمل الطبيب الأول، أما الطبيب الثاني فهو من يقوم بالمصادقة على ما قام به الذكاء الاصطناعي من عرض للنتائج. إجراءات تكاملية وعن خطوات العمل التنفيذية، قامت المديرية العامة لتقنية المعلومات من أجل الوصول إلى بيئة تفاعلية وتكاملية بربط أنظمة الأشعة الرقمية والذكاء الاصطناعي ونظام الشفاء، بحيث يقلل الوقت وإظهار النتائج بشكل آلي وديناميكي لمستخدمي نظام الشفاء، بحيث قامت المديرية بمجموعة من الإجراءات أهمها إنشاء منصة مركزية للأشعة وبرنامج الذكاء الاصطناعي، كما تم عمل التعديلات اللازمة بنظام الشفاء بما يتواكب مع الربط والتكامل وإظهار النتائج، وتحسين البنية الأساسية ورفع كفاءة خطوط الشبكة الحكومية بالتعاون مع وزارة التقنية والاتصالات، ناهيك عن تدريب المستخدمين وتشغيل النظام بالمستشفيات. وأكد الرقادي أن تقديم خدمة الذكاء الاصطناعي في المستشفيات الخمسة المختارة (المستشفى السلطاني ومستشفيات خولة والبريمي وإبراء والسلطان قابوس بصلالة) خلال المرحلة الأولى لتطبيق النظام بها جاء لعدة أسباب منها أن المستشفيات تتميز بوجود نظام الأشعة الرقمية (PACS)، وتم اختبار البرنامج على بيئات مختلفة وأنظمة باكس مختلفة، وتم قياس البعد الجغرافي وسرعة خطوط الربط الشبكي بين المؤسسات الصحية والتواجد المركزي لنظام الأشعة المركزية، كما تم ربط البرنامج وتكامله مع نظام الشفاء والأشعة الرقمية، وسيتم بعد عام من قياس الأثر والنتائج والتحديات ومدى زيادة التطبيق في مستشفيات أخرى في الأعوام القادمة. وتحدث الرقادي عن المرحلة المقبلة فقال: تسعى الوزارة إلى الاستفادة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وستستمر في تجربة هذه التقنيات منها على سبيل الذكر لا الحصر: تجربة الذكاء الاصطناعي في الكشف عن أشعة الصدر وغيرها من الأمراض، أستخدام روبوت الدردشة (chatbot) في المجالين الصحي والإحصائي. كما تعكف الوزارة على الانتهاء وتدشين المرحلة الثانية من بوابة الملف الوطني الصحي الإلكتروني (نهر الشفاء) وتطبيق الهاتف الذكي لهذا النظام، وكذلك الانتهاء وتدشين بوابة الملف الصحي الشخصي وتطبيق الهاتف الذكي لهذه البوابة، كما سيتم العمل خلال العام القادم على تطوير البوابة الصحية الإلكترونية وإضافة العديد من الخدمات الإلكترونية والأنظمة المرتبطة للوصول إلى بيئة رقمية خالية من التعاملات الورقية. يذكر أن وزارة الصحة أنشأت خلال الفترة الماضية العديد من الأنظمة والبرامج التي تخدم المنظومة الصحية الإلكترونية بواسطة موظفيها وباستخدام تقنيات وبرمجيات مفتوحة المصدر منها نظام أمان للتبليغ عن الحالات الطارئة والأحداث بالمؤسسات الصحية، نظام فحص اللياقة الطبية، نظام فحص الحجاج، نظام بدائل المعني بتسجيل كافة أصول الوزارة من المشروعات والأراضي وبدائل الاستثمار، نظام متابعة المطالبات المالية (eClaim)، نظام أجيال المعني بتسجيل جميع بلاغات المواليد والوفيات على مستوى السلطنة وتم ربطه مع شرطة عمان السلطانية وسيتم ربطه مع المركز الوطني للإحصاء، والنظام الوطني للتبرع بالدم.