غدا .. بدء تطبيق قانون الاستثمار الأجنبي -
عمان: يبدأ غدًا تطبيق قانون استثمار رأس المال الأجنبي، والذي من المتوقع أن يكون له عديد من التأثيرات الإيجابية على بيئة الأعمال وتثبيت أقدام السلطنة على خارطة الاستثمار العالمية، حيث سيساهم القانون الجديد في توفير البيئة الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين وتهيئة الظروف الملائمة للاستثمار في ظل تنافس دول العالم لجذب الاستثمارات من خلال منح الحوافز والامتيازات والضمانات التي تساهم في استقرار الاستثمارات الأجنبية في السلطنة.
ومع الأهمية الكبيرة لهذا القانون الذي يواكب المعايير العالمية ويراعي التزامات السلطنة الدولية، يقدم الدكتور صالح بن حمد البراشدي أستاذ القانون التجاري المساعد بجامعة السلطان قابوس قراءة حول القانون وأهم ما يتضمنه من حوافز وضمانات لتسهيل وتشجيع الاستثمار في السلطنة،
إذ تتنافس الدول على جذب الاستثمارات الأجنبية كونها تعد رافدًا مهمًا لاقتصاداتها، ولذا تسعى لتحسين بيئاتها التشريعية، والاقتصادية، والسياسية، بغية وضع سياسات واضحة من شأنها جذب وتشجيع الاستثمار الأجنبي. فالمستثمرون -في العادة- وخلال تحليل خططهم الاستثمارية يقيمون مدى فاعلية وجودة البيئة التشريعية وذلك قبل اختيار وجهة استثمارهم، على اعتبار أن جودة القوانين واللوائح في الدولة المستضيفة، ومدى انعكاس هذه الجودة في تنفيذها قد تكون مؤشرا قويا على توفر مناخ جيد في بيئة الأعمال.
وفي محاولة لتشجيع الاستثمار في السلطنة، صدرت مؤخرًا عدة قوانين تضم في طياتها حزمة من الحوافز والضمانات التي بلا شك ستؤدي إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للسلطنة كونها توفر بيئة لجذب الاستثمار.
ومن تلك القوانين الشركات التجارية والشراكة بين القطاعين العام والخاص والتخصيص واستثمار رأس المال الأجنبي، وقانون الإفلاس الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 53/ 2019، والذي بمقتضاه أصبح لدى المستثمر الحق في طلب إعادة هيكلة مشروعه الاستثماري في حالة تعثره نتيجة أزمة اقتصادية، وتتم إعادة الهيكلة عبر لجنة مشكلة من الخبراء المختصين يتولون إعداد خطة تساعد المستثمر على خروجه من مرحلة الاضطراب المالي والإداري.
وتضمن قانون استثمار رأس المال الأجنبي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 50/ 2019، حوافز وضمانات يمكن إيجازها في الآتي:
حوافز المشروع الاستثماري
تضمن قانون استثمار رأس المال الأجنبي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 50/ 2019 عددا من الحوافز لتشجيع الاستثمار الأجنبي، من أبرزها أن المشروع الاستثماري الذي يقيمه المستثمر الأجنبي سواءً بمفرده أو بمشاركة آخرين في السلطنة سيتمتع بجميع المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتع بها المشروع الوطني وفقًا للقوانين المعمول بها في السلطنة، بل والأكثر من ذلك قد يُمنح بقرار من مجلس الوزراء بناءً على توصية من وزير التجارة والصناعة معاملة تفضيلية تفوق تلك الممنوحة للمستثمر الوطني شريطة أن يتم منح المعاملة التفضيلية نفسها للمستثمر العماني في الدولة التي ينتمي إليها المستثمر الأجنبي.
ومن ضمن حزمة الحوافز التي تم تضمينها في القانون الجديد هي إمكانية تخصيص الأراضي والعقارات اللازمة للمشروع الاستثماري بطريق الإيجار لمدة طويلة أو بمنح حق الانتفاع بها (دون التقيد بأحكام المرسوم السلطاني الخاص بتنظيم الانتفاع بأراضي السلطنة وقانون الأراضي)، وفي هذا الشأن أتاح القانون لوزير التجارة والصناعة وضع القواعد والأحكام الناظمة لهذا الأمر في اللائحة التنفيذية للقانون وذلك بعد التنسيق مع الجهات المعنيّة في هذا الشأن.
ولم يكتفِ المشرع بالنص على إمكانية التأجير أو منح حق الانتفاع، بل ألزم الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات بالتنسيق مع الجهات المختصة من أجل توفير الخدمات العامة من مياه وكهرباء وغاز وصرف صحي وطرق عامة واتصالات وغيرها من الخدمات إلى حدود المشروع. كما وفر القانون هنا ضمانة للمستثمر الأجنبي مفادها عدم جواز إنهاء عقدي الانتفاع أو الإيجار في حالة تخصيص الأراضي والعقارات إلاّ وفقًا للحالات المقررة قانونًا، أو بحكم قضائي.
الجديد أيضا في القانون الحالي هو منح المشروع الاستثماري – بذاته أو عن طريق الغير- ميزة استيراد ما يحتاج إليه في إنشائه أو التوسع فيه أو تشغيله من مستلزمات الإنتاج والمواد والآلات وقطع الغيار ووسائل النقل المناسبة لطبيعة نشاطه دون حاجة إلى قيده في سجل المستوردين. ولكن المشرع في هذه الحالة لم يترك الباب مفتوحا على مصراعيه بل أناط لوزارة التجارة والصناعة أو الجهات ذات العلاقة بتحديد احتياجات المشروع الاستثماري وذلك بناءً على طلب المستثمر الأجنبي، وفي هذا الشأن أجاز القانون للائحة أن تحدد –بعد موافقة مجلس الوزراء- الضريبة الجمركية على الآلات والأجهزة والمعدات والآليات والمكائن ومدخلات الإنتاج المستوردة للمشروع، أو توسعته أو تطويره، وأي رسوم أخرى تكون مستحقة على الواردات اللازمة لأغراض المشروع الاستثماري.
ومن باب تشجيع المستثمرين الأجانب على إقامة مشروعات استراتيجية تسهم في تحقيق التنمية في أنشطة المرافق العامة، أعطى القانون لمجلس الوزراء صلاحية منح المشروع الاستثماري موافقة واحدة على إقامة المشروع الاستثماري وتشغيله وإدارته بما في ذلك تراخيص البناء والقوى العاملة، وتكون هذه الموافقة نافذة بذاتها دون حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر بشأنها، وذلك دون إخلال بحق الجهات المختصة في الإشراف والمتابعة للتأكد من التزام المشروع الاستثماري بالقوانين المعمول بها في السلطنة.
ضمانات المشروع الاستثماري
إن تخوف المستثمر الأجنبي من قيام الدول المستضيفة بإجراءات معينة من شأنها تعريض النشاط الاستثماري لخطر داهم يقف في مقدمة المعوقات التي تمنع جذب وتشجيع الاستثمار، ومن أجل ذلك تضمن قانون استثمار رأس المال الأجنبي عددًا من الضمانات التي من شأنها إتاحة ضمانات كافية للمستثمر الأجنبي من أجل تشجيعه على الاستثمار في السلطنة، حيث حظر القانون مصادرة أي مشروع استثماري إلاّ بحكم قضائي، ولا الحجز على أمواله أو تجميدها أو التحفظ أو فرض الحراسة عليها إلاّ بحكم قضائي.
ومن الضمانات الواردة في القانون أيضا عدم جواز نزع ملكية المشروع الاستثماري إلا للمنفعة العامة طبقًا لقانون نزع الملكية للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل يقدر وقت نزع الملكية، ويجب دفع التعويض المستحق دون تأخير.
وكفل القانون الحق للمستثمر الأجنبي للقيام بجميع التحويلات الخاصة بالمشروع الاستثماري من وإلى خارج السلطنة، وتشمل تحويلات الأرباح، وحصيلة بيع أو تصفية كل أو بعض المشروع الاستثماري، والتعويض الحاصل عليه نتيجة نزع ملكية المشروع الاستثماري للمنفعة العامة، وقيمة أقساط القروض أو التمويل التي تحصل عليها المشروع الاستثماري من الخارج، وأي تحويلات للاستيراد والتصدير مرتبطة بنشاط المشروع الاستثماري، وأي مستحقات خارجية لإيجار آليات أو عقود تقديم خدمات في إطار عمل المشروع، بالإضافة إلى ذلك تم منح المستثمر الأجنبي الحق في نقل ملكية المشروع الاستثماري كليًا أو جزئيًا إلى مستثمر أجنبي آخر، أو عماني، أو التنازل عنه لشريكه في حالة المشاركة، أو الاندماج، أو الاستحواذ، أو تغيير الشكل القانوني، وفي هذه الحالات لا تتغيّر معاملة المشروع الاستثماري، شريطة أن يواصل المستثمر الجديد العمل في المشروع الاستثماري، ويحل محل المستثمر السابق في الحقوق والالتزامات. ومن بين أبرز الضمانات التي كفلها قانون استثمار رأس المال الأجنبي هي طمأنة المستثمر الأجنبي إلى عدم قدرة الجهات المختصة إلغاء الموافقة أو الترخيص الصادر للمشروع الاستثماري إلا بقرار مسبب بعد إنذاره كتابة بالمخالفة المنسوبة إليه وسماع وجهة نظره، وإعطائه مهلة لا تزيد عن ٣٠ يومًا من تاريخ إنذاره لإزالة أسباب المخالفة.
وفي جميع الأحوال يجب أخذ موافقة وزارة التجارة والصناعة قبل إلغاء الموافقة، أو الترخيص، أو التصريح، بل كفل القـــــانون للمستثمر حق التظلم من القرارات التي تصدر في حقه وذلك أمام لجنة محايدة يتم إنشاؤها لهذا الغرض والتي يترأسها مستشار من محكمة القضاء الإداري يرشحه رئيس المحكمــة، وعضــــــوية قــــــــاضٍ من محكمة ابتدائية يرشحه رئيس مجلس الشؤون الإدارية للقضاء، وواحد من ذوي الخبرة ترشحه غرفة تجارة وصناعة عمان.
وإن لم يرتضِ المستثمر الأجنبي بالقرار الصادر من اللجنة، فلديه خيار الالتجاء للقضاء، وفي هذا الشأن أعطى القانون القضايا الخاصة بالمشروعات الاستثمارية صفة الاستعجال عند نظرها أمام المحاكم. بل ومن باب توفير ضمانة أكبر للمستثمر الأجنبي أتاح القانون للأطراف خيار تسوية النزاع عن طريق الالتجاء للتحكيم إن اتفقت إرادة الأطراف على ذلك.