أجمعوا على ضرورة الجهد والمثابرة ووضع خطة متكاملة للحفظ -
حاورهم: سالم الحسيني -
قراءة القرآن الكريم وحفظه والعمل به من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله عزّ وجلّ، وجاءت الأحاديث النبوية الشريفة لتدلل على ذلك الفضل فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ قالوا من هم يا رسولَ اللهِ قال أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه). وجاء عنه صلى الله عليه وسلم: «مثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ). ومن فضائل حفظ القرآن الكريم في الدنيا أن يُصبح صاحبه رفيع القدر والمكانة، والقرآن يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ...). وحافظ القرآن الكريم يرتقي في الجنة بمقدار حفظه من كتاب الله، وكلما ازداد حفظه ازداد رفعةً في درجات الجنة، فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُقالُ لصاحبِ القُرآنِ يومَ القيامةِ اقرَأْ وارْقَ ورتِّلْ كما كُنْتَ تُرتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَك عندَ آخِرِ آيةٍ كُنْتَ تقرَؤُها).. ملحق إشراقات حاور عددا من حفظة القرآن الكريم ممن شاركوا هذا العام في مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم الـ29 من مختلف الشرائح والأعمار للتعرف عليهم عن قرب ولمعرفة حياتهم مع القرآن الكريم، وكيف استطاعوا الوصول إلى هذه المنزلة الرفيعة، وما هو مقدار الجهد الذي يبذلونه حتى وصلوا إلى هذه الدرجة السامية، وما هي طرائقهم في الحفظ، وما الذي يجب على المرء أن يعمله حتى يكتب له التوفيق والسداد ويحظى بهذا الفضل العظيم.. وقد أجمعوا جميعا على أن من عاش مع القرآن عاش سعيداً قوياً مطمئناً وعاش وقلبه مُعَلَّق بالله عز وجل، يجد البركة في كل شيء ويحس بمعية الله له في كل حالاته وان الحياة بمعية القرآن الكريم.. هي حياة في عالم ملائكي.
- محمد بن درويش الشقصي أكرمه الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن كاملا، وقد حصل هذا العام على المركز الأول في المستوى الأول بمسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم يحدثنا عن مشواره مع القرآن الكريم وطريقة الحفظ التي يتبعها وعن شعوره أيضا وهو يتسنم ذرى هذه المسابقة المباركة حيث يقول: حقيقةً هذا الفوز اعتبره شرفا عظيما لي ولا شك في أن الكثير من الناس يطمح للفوز في هذه المسابقة ولكنه يحتاج إلى مثابرة وجهد وكل ذلك بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، وهذا الفوز لا شك يمثل لي شخصياً انتقالة كبيرة في حياتي وجعلني اهتم كثيرا بالقرآن ولله الحمد، وقد عملت جهدي حتى أتمكن من حفظ كتاب الله تعالى كاملا وذلك بتوفيق من الله سبحانه وتعالى لي، ولا شك أن ذلك يحتاج إلى الكثير من الجهد والكثير من المذاكرة المستمرة للقرآن الكريم، وقد اتبعت ذلك عدة خطوات لأتوصل إلى هذا المستوى المشرف، فقد بدأ مشواري في هذه المسابقة مع حفظ 12 جزءا وثم ١٨ جزءًا انتقلت إلى مستوى ٢٤ جزءًا وأنا في كل مستوى أعمل جداول مكثفة جدًا في مراجعة وتثبيت المحفوظ والحمد لله ذلك سهل لي طريق الوصول إلى مستوى القرآن كاملا، وقبل دخولي لمنافسات المسابقة بدأت أولا مراجعة ثلاثة أجزاء فقط في اليوم لمدة عشرين يومًا ثم انتقلت من ثلاثة أجزاء إلى خمسة أجزاء أي أختم القرآن في ستة أيام ثم ضاعفت الجهد إلى مراجعة ستة أجزاء في اليوم إلى أن وصلت أختم في اليوم الواحد ١٠ أجزاء في اليوم أي أختم القرآن في ثلاثة أيام وهذا يحتاج إلى تضحية كبيرة وحرمان النفس من المحبوبات والبعد عن الكثير من المغريات، ومن خلال هذا الجدول المبارك لا أنسى فضل الأستاذ القارئ سعيد بن مسلم المحيجري الذي بصّرني به وشجعني بالاستمرار على ذلك النهج. وأضاف: من أراد الفوز في هذه المسابقة وغيرها من المسابقات عليه أن يضحي بالمحبوبات وعليه أن يحرم نفسه قليلا من الهاتف ومن المحبوبات الأخرى المتعلقة به وكذلك عليه أن يبتعد قليلا عن أصدقائه المقربين وفي بعض الأحيان عن أهله ثم بعد ذلك يعمل جداول مكثفة ويزور الأساتذة والمشايخ ويجتهد في سماع المقاطع القرآنية من الإنترنت، فحقيقة فوزي بالمسابقة هو توفيق من الله قبل كل شيء، فالفوز لا يعتمد على جهد الشخص فحسب، فهناك من يجتهد أكثر من هذا لكنه لا يوفق ثم إن المسابقة ليست سهلة بل صعبة جدًا جدًا وتحتاج إلى جهد كبير. وعن شعوره مع القرآن الكريم وكيف يعيشه أجواءه قال: الحمد لله العيش مع القرآن شعور لا يوصف فهو حياة في العالم الملائكي، والأعراض عن هذا الكتاب العزيز حاله كما قال الله تعالى: «ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا» فالبعد عن القرآن الكريم هي حياة الضنك وحياة التعب ليست بها شيء من الراحة، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا)، وكذلك في آية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى: (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس)، فهذا الكتاب هو بمثابة الروح للجسد، وهو بلا روح جثة هامدة لا قيمة ولا فائدة منه، والقرآن الكريم هو غذاء هذه الروح، فالذي يعيش مع القرآن يجد كرامات في الدنيا قبل الآخرة كما قال صلى الله عليه وسلم: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة)، فالذي يعيش مع القرآن ويتلوه حق تلاوته ويقيم حدوده يكون مع السفرة الكرام البررة اي الملائكة الكرام الأخيار، فمن منا يتخيل نفسه أن يعيش مع الملائكة الأخيار، وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لقارئ القرآن الكريم يوم القيامة: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها).. يقول بعض المفسرون آخر آية كنت تقرأها أي تحفظها فمن يتخيل وريان نفسه أنه قدر ما يحفظ من القرآن يرتقي بذلك درجات في الجنة، مشيرا إلى أن قصص أهل القرآن وكرامات أهل القرآن كثيرة جدًا فهم مقدمون في جميع مجالات الحياة ومحبوبون عن الناس ومحترمون ومكرمون والراحة والسعادة التي يعيشها أهل القرآن والكرامات التي يجدونها لا يشعر بها إلا أهل القرآن أنفسهم. أما سعيد بن عبدالله الحبسي فهو يحفظ من القرآن الكريم أكثره، وقد حاز هذا العام على المركز الأول في المستوى الثالث في هذه المسابقة والمقرر له حفظ ثمانية عشـر جزءا متتاليا مع التجويد يحدثنا عن حياته مع القرآن الكريم فيقول: الإنسان بفطرته يفرح بأي فوز يُكتب له في مجالات الخير.. وليس هناك ما هو أعلى منزلة في الخير من تعلم كتاب الله جلّ جلاله، فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا الخيرية الحقيقية بقوله: (خيركم من تعلم القرآن وعلّمه) فَفِطريا فرحت بالفوز ولكن مع رجاء أن يجعلني الله ممن كان من المُخلِصين.. وهذا الفوز يُمثّل حافزاً وتشجيعاً لي على مواصلة مسيري في المراجعة والحفظ، وإذا أحيانا الله سوف أشارك في المستوى الثاني بإذن الله وتوفيقه. ■ هناك من يتمنى الفوز في هذه المسابقة لكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الجهد والمثابرة.. كيف استطاع سعيد الحبسي الحصول على هذا المركز المشرف؟ وما هي الخطوات التي اتبعها في الحفظ؟ هذا الفوز أولاً وآخراً من الله وحده، فهو وحده الذي وفقني وأنعم علي بإحسان التلاوة وإتقانه وكذلك تيسير الحفظ والمراجعة، فأنا في الحقيقة لم أجلس إلى شيخ يعلمني التلاوة، إلا لما كنت صغيرًا كنت أتعلم عند أحد معلمي القرآن، ولكن آن ذاك لم أُحسن التلاوة جيداً، إنما أحسنته وأتقنته فيما بعد، عبر سماعي المتواصل لقارئ من القرّاء المتميزين المجيدين، ألا وهو فضيلة الشيخ سعد الغامدي - حفظه الله وأكرمه ـ، فأحببته وأحببت تلاواته، فكنت أستمع إليه كثيرا بكل حب، وأتلذذ بسماع تلاواته، فمنه بتوفيق الله تعلّمت التلاوة الصحيحة.. أما الحفظ للمسابقة فقد كنت حافظاً لبعض السور كمقاطع متفرقة، ولكن اجتهدت وبالتعاون مع زوجتي الغالية التي كانت تساندني وتعينني في مراجعة المحفوظ إلى أن أتممنا التصفيات النهائية، ولا أنسى فضل والدي الحبيبين علَيّ، فهما دائما يشجعانني على الخير ويحثانني عليه، ويضمانني بين أحضان دعواتهما الطيبة..