أسهم في صناعة أرشيف ضخم للصور بجامعة السلطان قابوس - كتب : عامر بن عبدالله الأنصاري - عرفت المصور القدير صغرون الحمادي في عام 2010 أو 2011 تقريبا، حينما كنت حديث عهد بالعاصمة مسقط، قادمًا إليه للعمل، كانت تلك المعرفة في مهرجان مسقط في حديقة القرم الطبيعية قبل أن يُنقل إلى حديقة العامرات، كنت أرى في التصوير هواية جميلة تحتاج إلى الممارسة والمعرفة بأساسيات التصوير حتى يبنى عليها إنتاج فني احترافي، فكنت أوجه النظر إلى مجموعة من المصورين الذي يشكلون مجموعة متقاربة تجمعهم العدسة فلا ينظرون إلى الجمال المحيط إلا من خلالها، ومن بينهم المصور صغرون الحمادي والمصور عبدالرحمن الهنائي، والمصور خالد المعولي، والمصور عامر التوبي وغيرهم ممن يحملون عتاد التصوير. لم أتمالك نفسي من سؤال تلك المجموعة عن مجال التصوير وأساسياته، فكان الجميع مرحبًا بالتساؤلات التي تبدر مني ومن غيري، والمصور صغرون الحمادي من أوائل المجيبين عن الأسئلة التي كانت لا تنقطع، من سؤال إلى سؤال، لأتلقى الإجابة بعد الإجابة بصدر رحب ومعلومات وافية، كانت تلك البداية التي عرفت من خلالها المصور صغرون الحمادي، وكانت خير معرفة به. صغرون الحمادي الذي يرقد في المستشفى حاليا -أثناء كتابة هذه الأسطر- له العديد من الإسهامات في مجال التصوير الضوئي، فهو مصور ضوئي بجامعة السلطان قابوس، بدأ فيها العمل منذ عام 1992 تقريبا، ومن حينها يحمل كاميرته وملحقاتها إلى اليوم، ليؤسس أرشيفا ضخما للصور، بمثابة كنز تاريخي سيحفظ اليوم للأجيال القادمة، فلا يكاد يكون هناك محفل في الجامعة إلا وكان صغرون واقفًا ينظر إلى الحفل من زاوية مصور محترف يوثق تلك اللحظة، ومن أبرز تلك المحافل احتفالات التخرج، لذلك فجمع كبير من خريجي جامعة السلطان قابوس يكنون لصغرون عبارات الشكر والعرفان لتوثيقه لحظة استلام شهادات التخرج، تلك اللحظة الفارقة في حياة الإنسان، إلى جانب مصوري الجامعة الآخرين، لذلك فصغرون الحمادي محبوب لدى أجيال تخرجت من الجامعة وتبوأت مناصب متعددة في السلطنة، فليس من الغريب أن يشغل صغرون الناس بما حل به من عارض صحي جعل هواتف أسرته والمقربين منه لا تهدأ من كثرة السؤال عنه للاطمئنان عليه، وكذلك الحال بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي التي ضجت بعبارات الدعاء للمولى أن يمن الله عليه بفضله وشفائه. تاريخ حافل بالتصوير تواصلت «عمان» مع المصور القدير عبدالرحمن الهنائي، وهو من المقربين من المصور صغرون الحمادي، وقد طمأننا بداية عن صحة الحمادي وأنه قد حادثه بعد خروجه من العناية المركزة، وقال الهنائي: «صغرون الحمادي مصور جامعة السلطان قابوس رجل محب لعمله، وعاشق للتصوير، ليس من المبالغة إن قلنا أنه يشتغل 24 ساعة في اليوم، وأحيانا يخرج من الجامعة في وقت متأخر من الليل ليصل إلى بيته في السويق في حدود الساعة 1:30 بعد منتصف الليل، وتجده الساعة 8 صباحا في اليوم التالي في الجامعة، يعتبر الجامعة بيته الثاني ويقدم له من فيض عطائه، بل وحتى في إجازاته السنوية تراه في الجامعة حاملا كاميرته وكأنه في يوم عمل طبيعي». وتابع: «علاقتي بصغرون الحمادي بدأت منذ عام 1992 بجامعة السلطان قابوس، بدأ صغرون الحمادي كمصور تلفزيوني بداية تعيينه بالجامعة، ولكن الجامعة كانت تتبع نظام الانتقال بين الأقسام، وحينما انتقل إلى قسم التصوير الفوتوغرافي وجد نفسه فيه، لينضم إلى القسم إلى هذا اليوم، وصغرون درس في بريطانيا ضمن مجموعة من الفنيين بعثتهم الجامعة للدراسة، فهو متخصص في المجال، ولا يمكن حصر صغرون في نطاق محدد، فإلى جانب التصوير الصحفي، هو كذلك مصور المستشفى الجامعي، لذلك يحمل بطاقتين، الأولى للجامعة والثانية للمستشفى الجامعي، ولن تجد أحدا يفعل ذلك بأن يُحَمِّل نفسه أكثر من عمله إلا شخص محب لمهنته مثل صغرون الحمادي». واسترسل قائلا: «بعيدا عن العمل في الجامعة، يجمعني بصغرون عشق التصوير، لذلك نخرج في رحلات ومحافل بعيدة عن مجال العمل في الجامعة، مثلا مهرجان مسقط وغيرها من المحافل والوجهات، وذلك في الإجازات الأسبوعية، فعلا صغرون عاشق للتصوير ويتضح ذلك أمام الجميع». واختتم الهنائي: «عُرف عن صغرون أنه خدوم جدا، لا يرد كل من يسأله، حتى في حالة طلب منه أحد صورة ما، فهو من يسعى للبحث عنها في أرشيف الجامعة الضخم، دون كلل أو ملل، لذلك تجد صغرون الحمادي محاطًا بالمحبين له وهم كثر على كافة المستويات، المسؤولون الكبار والمواطنون على حد سواء، وهنا أذكر موقفا جميلا حينما كنت في زيارة له -ولم يسمح لي بالدخول لرؤيته- أوصيت أحدا من الكادر الطبي أن يهتم بصغرون، فأخبرني أن صغرون لا يحتاج إلى توصية فهو يعرفه جيدا وقد صوره في حفل التخرج، لذلك ليس بمستغرب أن يدعو الكثير لصغرون بالصحة والعافية، وهذه بركة من الله أن وضع له القبول في الأرض نتيجة حسن أعماله وحسن سيرته». ميدان الجامعة أما هلال البادي نائب مدير دائرة التواصل والإعلام بجامعة السلطان قابوس فقال عن صغرون: «أنا وزملائي في جامعة السلطان قابوس قريبون جدا من المصور صغرون الحمادي، هو شخص مخلص جدا لعمله، ولا يتذمر أبدًا، يستمر بالعمل حتى وقت متأخر من الليل لفرز الصور والاشتغال عليها، ونجده الأول دائما في أي أمر يتعلق بالتصوير، وليس بغريب أن يتعرض للعارض الصحي -جلطة- وهو في الجامعة في الفترة الليلية، إذ إن صغرون يعد الجامعة بيته ويقضي فيها جُلَّ وقته». وتابع البادي: «المطمئن أن صغورن في تحسن مستمر، بعد أن أجريت له عملية استمرت لأربع ساعات، ولله الحمد والمنة ونتطلع قريبًا إلى عودته إلى طبيعته من جديد». كسب ود الجميع فيما قال المصور خالد المعولي، وهو صديق مقرب لصغرون: «صغرون الحمادي، هو المصور الذي كسب ود الجميع بتواضعه وابتسامته الرائعة الذي يضحي ليقدم جل ما لديه للآخرين، المهتم بمن حوله والمعروف عنه سمو الخلق، كانت معرفتي به في ٢٠٠٧م في جامعة السلطان قابوس حيث وجدت كنزا من الإبداع في مجال التصوير الضوئي المحب لتصوير حياة الناس، فهو أحد كواكب المصورين المبدعين وأبرزهم، الذي يشار إليه بالبنان لنشاطه في جامعة السلطان قابوس ليقضى يومه كاملا في أرجاء الجامعة، كنا ننطلق معا ونقطع آلاف الأميال لنرتقي ونلتقط أجمل الصور من ولايات ومحافظات السلطنة وجميع الفعاليات فهو خير صديق بمجرد الحديث معه تدخل في عالم من المرح، تعلمت الكثير منه في مجال التصوير لكونه واحدا من المصورين ذوي المكانة المرموقة بحكم عمله في هذا المجال، المصور الذي يراعي الجميع كان يتخذ زاوية بعيدة عن الآخرين أثناء التصوير لكي لا يكون عائقا للمصورين وهذا يدل على حبه للغير». صغرون الحمادي، النشيط في عمله، المعطاء في مهنته، قد بلغتنا أصوات رُفعت لك بالدعاء، وعبارات تمنت لك الشفاء، وما كان في أسرار الناس من خاص الأمنيات أكبر، صغرون الحمادي، عُد قريبا إلى هوايتك وشغفك، فمثلك لا يهزه عارض صحي، الكاميرا تنتظرك، والساحة أمامك، وجِّه نحوها عدستك.