في زاوية مقالات كتب محمود مرداوي مقالًا بعنوان: إلى أين وكيف المخرج؟، جاء فيه: كل التحالفات التي عقدتها المعسكرات من أجل ضمان تغيير المشهد وإحداث الصدمة الإيجابية لصالحها بعد الاندماج لم تغير في المعطيات وتُعدل في المؤشرات ونتائج الاستطلاعات على صعيد الأحزاب الصغيرة التي تكتلت لم تحصل أكثر مما كانت تحصل عليه وهي منفردة، والأحزاب الكبيرة لم تغير من مزاج الشعب تجاهها باستثناء مقعد لصالح الليكود وحماية الأحزاب الصغيرة من عدم تجاوز الحسم، فضمنت بقاءها، لكن لم تنه حالة الفراغ السياسي الذي ساهمت وتسببت فيه من خلال التكتل والفوز وتشكيل حكومة لصالح معسكر من المعسكرين. لكن الاستطلاعات لا تشي بذلك، وما زالت تراوح مكانها، نظرياً في عالم الأرقام تمنح ليبرمان مفتاحاً صدئا ولم يفتح به باباً عملياً، فتعهد بعدم إجراء انتخابات ثالثة، لكنه جزء منها، والاستطلاعات تؤشر لتراجع حظوظه وانعدام الثقة به على الرغم من تصريحاته. لقاء هذه النتائج التي أثبتت أن الحزبية السياسية في دولة الاحتلال تحولت إلى صنمية شبه ثابتة، فلم تعد العوامل الداخلية تشكل رافعة أو مخرجاً، وكأن الآية «إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون» صدقت فيهم. نتانياهو لن يحقق 61 مقعداً وفق الاستطلاعات تحميه وتخرجه مما سيلاقيه، وخيارات الخروج أصبحت معلقة بليبرمان مرهونةً فيه، إما أن يقبل بالعرب الشركاء وهو يُخونهم ويشك فيهم، أو يقبل بالمتدينين الذين لا يقرون بيهودية كل من ينتخبونه، أو أن نتانياهو يحزم أمتعته ويذهب بقدميه إلى السجن، ويبدو هذا مستحيلاً. إذن العامل الخارجي الموضوعي سيغري نتانياهو واليمين على أمل أن يُحدث الصدمة الإيجابية على قاعدة ما هو أكبر مؤثر يغطي على ما هو أقل، فلربما التصعيد على إحدى الجبهات، هذا المرة يصبح عكس كل المرات السابقة مجازفة خطرة لكنها الورقة غير المستخدمة من قبل. فما الذي يمنع شخصية بمواصفات نتانياهو وبناءً على تاريخه وسلوكه؟ تجربة نتانياهو حافلة وثبت أنه اتخذ قرارات صعبة، وحاول مراراً أن يوظف عوامل أخرى لصالح مصالح ودوافع شخصية. هذا التقدير لا يعني أن دولة الاحتلال دولة موز، والمؤسسة العسكرية والأمنية فيها طوع إرادة المستوى العسكري أوتوماتيكياً بشكل مجرد بعيداً عن البعد المهني وبما يتوافق مع الخطط الاستراتيجية التي تخدم ازدهار الكيان واستقرار أمن المشروع الصهيوني برمته. نعم لن يكون نتانياهو مطلق اليدين، لكنه لن يغمض العينين، سيبحث في كل الآفاق، لن يتردد في ولوج أي مدخل يُمكّنه من البقاء والنجاة. فيا روح ما بعدك روح.