تواجه هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» أزمة تهدد مصدر تمويلها الرئيسي، في الوقت الذي تتجه فيه حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون إلى عدم ملاحقة المواطنين الذين لا يدفعون الرسوم الإلزامية السنوية للهيئة. صحيفة «ديلي ميل» كشفت أن شبكة هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» التلفزيونية، تعاني من أزمة تحصيل رسوم لمجموعتها التلفزيونية، حيث تكشف الأرقام عن انخفاض مثير للقلق في عدد الأشخاص الذين يدفعون الرسوم، لدرجة إنه في بعض الأحيان وفي دوائر معينة لا يكون هناك أي تحصيل للرسوم. وأعلنت وزيرة الثقافة، نيكي مورغن أنها ستستطلع الآراء حول عدم تجريم التخلف عن الدفع، وإذا تمت الموافقة، سيدخل هذا الإجراء حيز التنفيذ في أبريل 2020. وطالبت الوزيرة الهيئة بالتأقلم، مشيرة إلى أن احتمال تغريم أو سجن من يتخلف عن سداد مبلغ الـ154.50 جنيها استرلينيا سنويا لم يعد قائما اليوم، لكنها أقرت بأن وقف الملاحقات سيؤدي «حتما» إلى خفض إيرادات المؤسسة. وبدورها، أعلنت ترايسي برابن المتحدثة باسم حزب العمال المعارض، أن «مستقبل» بي.بي.سي « مهدد فعلا من هذه الحكومة المحافظة». وأضافت :عدم تجريم التخلف عن سداد التعرفة الإلزامية سيحرم المؤسسة مبالغ مالية طائلة. وقاد التوجه السياسي «بي بي سي» إلى الدخول في صدام مع بوريس جونسون خلال الانتخابات العامة في ديسمبر الماضي، للدرجة التي رفض فيها جونسون الظهور في مقابلة خاصة على «بي بي سي» خلال الحملات الانتخابية، كما رفضت «بي بي سي» نشر كلمته يوم البريكست، لأن الحكومة أصرت على تصوير فيديو خاص بها بدلاً من السماح لوسائل الإعلام الدخول إلى دواننغ ستريت، بالإضافة إلى مقاطعة الوزراء برامج «بي بي سي» بدعوى انحيازها ضد الحكومة. وتقول التقارير الإعلامية إن الهجمة الحكومية على «بي بي سي» تأتي بعد الانتقادات التي وجّهها حزب المحافظين لتغطيتها للانتخابات العامة، حيث شهدت العلاقة بين «بي بي سي» وبوريس جونسون تدهوراً خاصاً بعد رفضه الظهور على شاشتها. ومما يزيد الضغوط على بي بي سي إعفاء من تجاوزوا 75 عاماً من «رخصة التلفزيون» وهو ما أحدث عجزاً بقيمة 250 مليون جنيه استرليني في ميزانية الهيئة. وقالت صحيفة «صنداي تايمز» إن داوننج ستريت تعهد بإلغاء رسوم ترخيص التلفزيون، وتحويلها إلى نظام الاشتراكات، بالإضافة إلى إمكانية اجبار بي بي سي على تقليص معظم محطاتها الإذاعية وبيعها. وفي خطة من شأنها تغيير وجه البث البريطاني، أصر كبار مساعدي رئيس الوزراء على أنهم «لا يُخدعون» بشأن تغيير نموذج تمويل هيئة الإذاعة البريطانية و«تشذيب» وصولها إلى منازل الناس. وسيشمل المخطط الذي يتم وضعه في الحكومة على إلغاء رسوم الترخيص واستبدالها بنموذج اشتراك، وإجبار بي بي سي على بيع الغالبية العظمى من محطاتها الإذاعية الـ61 مع حماية راديو 3 وراديو 4، وتقليل عدد الشركات الوطنية التابعة للهيئة. وفي الوقت نفسه دعا عدد من النواب المحافظين رئيس الوزراء، إلى الكف عن مهاجمة «بي بي سي» واصفين الهجوم على الهيئة بـ«التخريب الثقافي» المدفوع «بالأجندات الشخصية». وكانت صحيفة «تايمز» البريطانية قد نقلت عن مصادرها أن الحكومة تسعى لفرض نظام اشتراك شبيه بـ«نتفليكس» على «بي بي سي». ويشمل المشروع الحكومي، وفقاً للصحيفة، بيع أغلبية الإذاعات التي تمتلكها الهيئة والبالغ عددها 61 إذاعة راديو، لتبقي على المحطتين الثالثة والرابعة. وقالت صحيفة «آي» في تقرير كتبه هوجو جاي انه رغم مواجهة جونسون برد عنيف من نواب حزبه غير انه يفكر جديا في إلغاء رسوم ترخيص التلفزيون وتحويل بي بي سي إلى خدمة بالاشتراك. وقال متحدث باسم جونسون انه لا يعتزم إلغاء الرسوم الإلزامية «في هذه المرحلة»، لكنه لم يستبعد القيام بذلك في المستقبل. ويخشى المسؤولون في هيئة الإذاعة البريطانية أن تؤدي هذه الخطوة إلى تخفيضات كبيرة في الميزانية وتقليص دورها كمؤسسة وطنية. وحذر النائب البرلماني هوو ميريمان الذي يرأس المجموعة البرلمانية التي تضم جميع الأحزاب حول هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، من أنه سيثور ضد إلغاء رسوم الترخيص إذا عرضت للتصويت في مجلس العموم. وأضاف: «يبدو الأمر كما لو أن كبار مساعدي الحكومة يقومون الآن بتصعيد ثأر غير موحد ضد هذه المؤسسة التي تحظى بإعجاب كبير».