قالت صحيفة بوليتيكو إن وزارة الخارجية الأمريكية تسعى لتصنيف واحدة على الأقل من جماعات العنف من العنصريين البيض بالولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية، في إجراء غير مسبوق يراه خبراء الأمن القومي الأمريكي خطوة كبيرة نحو محاربة تهديد يتنامى على الأراضي الأمريكية. ويريد مسؤولو الخارجية الأمريكية إتمام هذا الإجراء خلال أيام، وفقا لبعض المصادر ذات الصلة، غير أن البيت الأبيض، الذي يفضل منذ عهد بعيد التركيز على الإرهاب من جانب المتطرفين، لم يعط الضوء الأخضر بعد للمضي قدما في هذا المسار. وأشارت الصحيفة إلى أن المحللين والخبراء في مجال مكافحة الإرهاب يرون أن الجماعة المرشحة بصفة أساسية لتصنيفها بهذه الصفة هي جماعة «أتوموافين» وهي جماعة من النازيين الجدد تأسست في الولايات المتحدة غير أنها اتسع نطاق عملها إلى المملكة المتحدة وكندا وألمانيا وإستونيا. كما أن تصنيف جماعة «أتوموافين» أو أي جماعة أخرى للنازيين الجدد مثل «ذا بيز» أو «القاعدة» كمنظمة إرهابية سيكون بمثابة رسالة واضحة تفيد بأن الولايات المتحدة تعتبر الإرهاب من اليمين المتطرف خطرا متناميا يتجاوز على نحو متزايد الحدود الوطنية، وهو ما يرجع، في جانب ليس بقليل منه، إلى الإنترنت. غير أن ذلك قد يضع بقعة من الضوء غير المرغوب إلى تاريخ مضطرب لعلاقة ربطت بين النشطاء القوميين وبين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث أيدوا سياساته المناهضة للهجرة باعتبارها مشابهة لتوجهاتهم العنصرية. ورأت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية، رغم ذلك، زادت من تركيزها على المتطرفين اليمينيين، فقد أبلغ كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية «إف بي آي» المشرعين في الكونجرس بأن إدارته الأمنية وضعت أولوية أولى لمواجهة التطرف العنيف ذي الدوافع العرقية والعنصرية، حتى إنه أصبح على قدم المساواة مع تهديدات الأمن القومي من جانب جماعات التطرف الإرهابية الأخرى، وجماعات التطرف العنيف التي نمت محليا. وقد اعتقل ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية خمسة من أعضاء جماعة «أتوموافين» في الشهر الماضي وثمانية تردد أنهم من أعضاء جماعة « ذا بيز» للعنصريين البيض في شهر يناير الماضي، وأدين ستة أعضاء من المنتمين لـ«أتوموافين» منذ عام 2018 باتهامات من بينها التخطيط لهجمات إرهابية وجرائم قتل. وسوف يسمح تصنيف جماعة للعنصريين البيض مثل «أتوموافين» كمنظمة إرهابية أجنبية للمحققين الفيدراليين بتيسير توجيه الاتهام أعضاء مشتبه فيهم بدعم إرهابيين وتزويدهم بالمواد التي يحتاجونها، إذا ما كان المشتبه فيه قام بتدريب فرد أو أفراد بالجماعة أو وفر لهم أجهزة أو تمويلا. وكان قد أعلن عن وجود جماعة « أتوموافين» في بادئ الأمر في أكتوبر عام 2015، عبر أحد المنتديات على الإنترنت يدعى «مارس الحديدي» والذي تم إغلاقه حاليا، وكان قد تم تأسيسه من جانب جهة روسية. ودعا جوشوا جيلتزر الخبير في مجال مكافحة الإرهاب، والذي خدم في مجلس الأمن القومي الأمريكي منذ 2015 وحتى 2017، تلك المناقشات بشأن تصنيف تلك الجماعة باعتباره تأخر كثيرا. وقال إن هناك 68 جماعة مصنفة على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية باعتبارها منظمات إرهابية، وليس من بينها جماعة واحدة من جماعات العنف للعنصريين البيض. ومن جانبهم سعى عدد من نواب الكونجرس ومراكز الفكر ومنظمات المجتمع المدني بالولايات المتحدة للضغط على وزارة الخارجية منذ شهور لضم منظمات العنصريين البيض إلى تلك القائمة السوداء، بعد أن اعتبروا أن النظام الفيدرالي الأمريكي يفتقر إلى أدوات لمقاضاة عنصري من البيض باعتباره إرهابيا. وعمل ماكس روز رئيس اللجنة الفرعية بمجلس النواب لشؤون الاستخبارات ومكافحة الإرهاب بالكونجرس على إعادة فتح ملف النقاش حول هذه القضية في الأسبوع الماضي، وقدم قرارا يحث وزارة الخارجية الأمريكية على عمل هذا التصنيف وتعزيز عمل هيئات تنفيذ القانون والاستخبارات حتى تتمكن من مواجهة التهديدات المتنامية للبلاد. ورغم أن الولايات المتحدة ليس بها قانون بشأن الإرهاب المحلي، وليست بها آلية قانونية لتصنيف جماعات تطرف محلية باعتبارها إرهابية، غير أن تصنيف جماعات أجنبية تعد فروعا لجماعة ذات منشأ بالولايات المتحدة، سيسهل من عملية تعقب ومقاضاة الأعضاء المزعومين العاملين في داخل الولايات المتحدة. ومن المقرر أن يتحدث ناثان سيلز منسق مكافحة الإرهاب بالخارجية الأمريكية في جامعة جورج تاون لاستعراض الخطوات الملموسة التي تتخذها إدارته لمواجهة التهديد الذي تمثله حركات العنصريين البيض.