لابد أن الجائحة التي يمر بها العالم اليوم وتتأثر بها كل دولة بما في ذلك السلطنة، تطرح العديد من الأسئلة والاستفهامات للمرحلة المقبلة من الاقتصاد العالمي والمحلي داخل كل دولة؟. هذا السؤال يطرح هنا في السلطنة، بحيث يجب أن نضع التوقعات والافتراضات التي تساعد من وقت مبكر على إمكانية الوصول إلى الحلول الأفضل، والأكثر قدرة على التماهي مع الأوضاع المعينة أو الظروف التي قد لا نعرف ماهيتها إلى الآن، بسبب التباس وضع هذه الجائحة التي أثرت على كل مفاصل الحياة. فإلى الآن ليس من وضع واضح متى ينتهي الإغلاق في دول العالم، فالصين التي تأثرت أولا قد تكون الحياة فيها قد بدأت تعود تدريجيا لطبيعتها، لكن الوضع لا يزال غير واضح بالدرجة الكافية هل ستكون هناك موجة جديدة لانتشار الفيروس أم لا؟. وفي أوروبا لا يزال الجدل قائما متى ينتهى الإغلاق كما يراوح الموضوع نفسه بين الأخذ والرفض من حيث نهاية الإغلاق في الولايات المتحدة الأمريكية. ما من شك أن الاقتصاديات العالمية تتأثر كثيرا، وفي كل بلد، وهذا يعني ضرورة إعادة النظر في هياكل الاقتصاد التقليدية وإمكانية رؤية الأمور بشكل جديد ومختلف، بحيث يمكن الاستفادة من الأزمة في توفير مناخ إيجابي لما بعد الأزمة، من حيث تعزيز العناصر الإيجابية التي يمكن الخروج بها من وسط الجائحة. على مدار التاريخ فإن العديد من التجارب القاسية والأوبئة والحروب وغيرها من الكوارث والتداعيات التي تؤثر على حياة الناس بشكل كبير وتغير من أنظمة الحياة، تعمل هذه كلها على جعل الناس يفكرون بأشكال جديدة وهم يضعون التجربة في محل نظر، بحيث إن الاختبار والتجارب هي التي تجعل البشر عادة يفكرون في تعديل السلوكيات أو تنمية الأفكار، فعادة الكائن البشري يتعلم من المحاولة والتكرار والخطأ، ما يشكل تراكما إيجابيا في رفد التجربة الإنسانية في نهاية المطاف. لهذا فالتفكير في المستقبل منذ هذه اللحظة ليس ترفا، بل لابد منه، بالشروع في وضع ما يسمى بالخرائط الافتراضية البديلة أو الاستراتيجيات التي ترسم عددا من المسارات الممكنة والمتوقعة، وفق برامج أ وب وج وهكذا نجعل الطريق واضحا في حال النجاح أو الفشل باتجاه خطة معينة. ولن تكون جائحة كورونا في التاريخ المعاصر حدثا عابرا، إذ سوف تلهم الكثير من صناع القرار والمنظرين والفلاسفة وغيرهم من العاملين في مجمل حقول المعرفة الإنسانية، وهذا يعني أن الاستراتيجيات المتوقعة للمستقبل سوف تتغير فيها بعض أو كثير وليس قليلا من الافتراضات المسبقة، كما أن علوم الاستشراف نفسها قد تخضع لتكيف جديد. في الخلاصات نحن أمام عالم يتغير بسرعة في عمق الأزمة، ما يعني أيضا علينا أن نتغير ونتكيف ونبني رؤى جديدة للحياة بناء على المعطيات الراهنة وأن نفكر في الآن نفسه في الخطوات المقبلة وشكل المستقبل.