سالم الحسيني - المسلسل الدموي الذي يقترف كل يوم باسم الدين في بلادنا العربية، وفي شتى بقاع الأرض من قبل الجماعات المتطرفة، وما اقترفه هذا التيار ويقترفه في حق البشرية من جرائم لهو أمر مشين، يندى له الجبين، هذه الجماعات المنتمية إلى هذا الدين القويم زورا وبهتانا فعاثت في الأرض فسادًا فقتلت وشردت وانتهكت حرمات الله، وتمارس أفعالها باسم الدين الذي لم يأت إلا رحمة للعالمين (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، ولم يطرق آذانها ولا قلوبها: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) لهو أمر مريب يحمل في طياته علامات استفهام كثيرة يدركها أولو الفطر السليمة والبصائر النيرة. تلك الفئة في رأي بعض المحللين لن تخرج عن حالتين اثنتين إما أن تكون هناك قوى تدعمها بالمال والسلاح للهيمنة على مقدرات وحريات الشعوب المستضعفة، وبث الفرقة والشقاق في صفوفها حتى لا تكون لها قائمة فكانت مطية للوصول إلى مآربها وأهدافها السقيمة، والدليل على ذلك ما بحوزة تلك التنظيمات من أقوى الأسلحة الفتاكة وأحدث أسلحة التدمير والإمكانيات الهائلة التي زودت بها فالصورة هنا واضحة جلية وما تدثرها بعباءة الدين إلا هدف من أهدافها السقيمة لتشويه الرسالة الناصعة التي جاء بها الدين الحنيف، فإن المؤمن الحق يدرك أن معية الله تستوجب التقوى وتستوجب الإحسان.. (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) فأين ما يقترفه أولئك من التقوى ومن الإحسان. بل هم من الذين قال الحق فيهم: (اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)، وقوله: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) وقد تكفل الله بكشف أمرهم وإظهار دينه، وليس بمقدورهم أن يقفوا حجر عثرة أمام تيار الرسالة السامية التي أرادها الله سبحانه وتعالى أن تعم البشرية جمعاء، وما جرائمهم تلك الا محاولة يائسة لإطفاء هذا النور الساطع المبين تدحضها الأفواج الغفيرة التي تدخل كل وقت وحين إلى دين الله أفواجا. وإما أن يكون أولئك من أولي الضمائر السقيمة التي تلوثت بعقيدة فاسدة لا صلة لها بالدين الحنيف الذي جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.. (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) فهم أيضا داء عضال وحالة مرضية فتاكة أعيا الأطباء داؤها وعز شفاؤها، وهذه الفئة التي انسلخت من إنسانيتها وارتدت لباس التقوى لم تكن وليدة اللحظة بل هي قديمة ظهرت مع ظهور نور الإسلام فكان ذلك دأبهم وديدنهم وقد حذر الحق سبحانه نبيه الكريم منهم وكشف أمرهم: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) وما ذلك الا صك براءة من قبل الخالق العظيم أن أولئك ليسوا من اتباع هذا الدين ولا من اتباع سيد المرسلين. ولا شك أن العالم الذي استطاع أن يتوصل إلى عالم الذرة وعالم الالكترون وسخر كل شيء في خدمة البشرية قادر على أن يقف وقفة جادة للحد من تلك الظواهر وكشف حقيقتها واستئصال شأفتها لو أراد ذلك، لكن تضارب المصالح وصراع الأقوياء هو الذي أفرز هذه الحالة اللاإنسانية التي يعيشها البشر اليوم.