الشخصية .. كيف تطلق قواك الخفية ؟ تأليف : د. روب يونج - عرض وتحليل : إميل أمين - سواء أردت تسلق السلم الوظيفي أو البدء في عملك الخاص أو أن تكون والدا صالحا أو موسيقارا عظيما أو فنانا ، سيساعدك هذا الكتاب على تحقيق النجاح في أي عمل تختار القيام به . إن كلا منا لديه بعض الخصائص الفريدة من نوعها ، حيث نتمتع بسمات وخصائص فردية والتي يمكننا استخدامها لدفعنا للأمام . يكمن مفتاح النجاح في معرفة الشيء الذي تجيده وكيف تلعب على نقاط قوتك . يقدم لك هذا الكتاب الطريقة الخاصة بذلك ، حيث ستكتشف ما هي نقاط قوتك ونقاط ضعفك ، وكيف تطارد الفرص التي تبرز مهاراتك لتظهر أفضل قدراتك . انه واحد من أكثر الكتب إقبالا وإثراء بالمعلومات البحثية الموثقة ، والذي يجب أن يستحوذ على اهتمام كل شخص ، ويعد مرشدا عظيما يساعدك في الوصول إلى فرادة شخصيتك . مؤلف الكتاب هو الدكتور «روب يونج» وهو واحد من أكبر علماء النفس البريطانيين وكتابه هذا يعد من أكثر الكتب جذبا للقراء ، فهو ممتلئ بالرؤى العميقة عن كيفية استخدام أفضل المهارات الطبيعية لديك .   لماذا ينجح أناس معينون ؟ دعنا نضع في الاعتبار القليل من الشخصيات الناجحة مثل ستيف جوبز أو «اوبرا وينفري»، أو غيرهم سواء كنت تحبهم أو تبغضهم ، فلا يمكنك إنكار انهم قد حققوا النجاح في المجالات التي قاموا باختيارها . كيف حققوا إذن هذا النجاح الباهر ؟ الجواب لأنهم يعرفون من هم ، فهم يفهمون نقاط قوتهم وضعفهم الشخصية . لم يكن أي منهم متعدد المواهب أو كاملها في كل الطرق ، لكنهم سعوا وراء الأنشطة التي تتماشى مع مهارتهم الشخصية . عمل كل منهم على نقاط ضعفه وعمل على تجنب المواقف التي تعرضهم لها ، وبدلا من أن يخوضوا نفس الطريق القديم الذي استخدمه الكثير ، سلكوا منحنى آخر ليجعلوا من وظائفهم أمرا فريدا من نوعه . لقد تفهم هؤلاء الأشخاص شخصياتهم الفريدة من نوعها ، ومن ثم جعل كل منهم شخصيته تعمل في صالحه ، وأنت يمكنك ذلك أيضا . ما هي خطتك الشخصية ؟ أنت شخص فريد من نوعك ، فكل منا له مميزاته وخصائصه الفردية والتي نطلق عليها مصطلح « الشخصية » . بعضنا ينمو ويزدهر تحت الضغط ، والبعض الآخر يكره ذلك . بعضنا يسعى إلى ان يكون مشهورا بين الناس ، والبعض الآخر يفضل ان يعيش ببساطة بين الجماهير ، بعضنا يحتاج إلى التجانس مع الآخرين ، والبعض الآخر يجد متعته في التحدي . كلنا مختلفون ، وبما أننا مختلفون فيتبع هذا أننا نحتاج إلى طرق متنوعة لتحقيق النجاح . فما يصلح لي ربما لا يصلح لك ، والأعمال التي ترغب في مباشرتها ستختلف غالبا وبصورة خاصة عن الأعمال التي يرغب أعز أصدقائك أو شريكك أو زميلك في العمل في مباشرتها ، وبدلا من أن يعطيك المؤلف نصيحة تخاطب العامة ، سيساعدك على تكوين برنامج تطوير شخصي مفصل خصيصا لك ولشخصيتك . أحسن استغلال قدراتك كأحد علماء النفس يجد المؤلف نفسه مفتون بالناس وبالأسباب التي تجعل بعضهم يحقق النجاح بينما يتعثر الآخرون . لقد قام بدراسة العديد من محققي الإنجاز العالي والمتألقين في مجالاتهم ، وقد عمل مع العديد من الأعضاء المنتدبين والمديرين التنفيذيين ومندوبي المبيعات بالإضافة إلى الشخصيات الرياضية البارزة ومجموعة من المشاهير ، مثل مقدمي البرامج التلفزيونية ونجوم الموسيقى « البوب » وعارضات الأزياء ... ما لاحظه خلال هذا العمل ، هو أن الأشخاص الأكثر ذكاء والأفضل تعليما ليسوا دائما من يؤدون أعمالهم بنجاح باهر ، فالذكاء المستمد من الكتب فقط لا يحقق لك سوى نجاح محدود . يمكنك التفكير في هؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون عقولا بحجم الكواكب ، إنهم يمتلكون مستوى خرافيا من الذكاء ، إلا انهم لا يمتلكون أيا من المهارات الاجتماعية . من ناحية أخرى ربما تعرف أناسا مثل المقاولين أو رجال الأعمال الذين لم يذهبوا إلى الجامعات بل وربما لم يكملوا تعليمهم المدرسي ، ولكنهم لا يزالون يغيرون من حياتهم بتحقيق المزيد من النجاحات الباهرة . لقد نجحوا في حياتهم بسبب ما يمتلكونه من التصميم وحب الاستطلاع والقدرة على التكيف والإقناع ، بكلمات أخرى لقد حققوا النجاح بسبب سماتهم الشخصية أي شخصياتهم . تكتسب الشخصية المزيد من الأهمية عند العمل الجماعي أيضا . يعمل المؤلف مع فريق عمل كامل ليساعدهم على ان يعملوا بمزيد من الفعلية ، وعندما يفهم كل عضو في الفريق محفزات الآخرين وطرقهم في التفكير ، فانهم يندمجون مع بعضهم البعض ويعملون بسرعة أكبر ، حيث يتجنبون أخطاء الفهم غير الضرورية ، وفي نفس الوقت يؤدي ذلك إلى إذكاء القوى الابداعية البناءة ، لذلك تعرف على شخصيتك جيدا لتحصل على لمحة عن كيفية العمل مع الآخرين بمزيد من الفاعلية . هل الشخصية تكتسب ؟ هل ولدنا بشخصياتنا الحالية أم أنها تطورت وفقا لنمونا ؟ كلا الأمرين صحيح بقدر ما . ولدتنا أمهاتنا ببعض السمات التي نمتلكها في شخصياتنا الحالية . يقول العلماء إن ما يقرب من نصف صفاتنا الشخصية ربما تكون موروثة أي منقولة عن طريق الجينات ، بنفس الطريقة ، وكما أن بعض الحالات مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم تكون موروثة جزئيا فإن الشخصية ربما تكون كذلك أيضا ، سواء كنت إنسانا اجتماعيا أو متحفظا أو كنت إنسانا مفرطا في التنظيم أو شديد الإهمال فإن هذه الصفات تنتقل في سلاسل الحمض النووي التي تنتقل إليك من والديك. وعلى الرغم من ذلك فإن جيناتك لا تمثل إلا جزءا من ذلك الأمر ، فهي تضع النموذج الأصلي للقواعد الخاصة بك ، أي أنها بمثابة المسودة الأولى في المخطط ، ثم يأتي دور التنشئة والتي تصقل تلك المسودات الأولية . لنفترض انك ولدت وأنت تحمل جينات إنسان اجتماعي فإذا أصر والداك على بقائك في الخارج دائما حتى في أيام الشتاء القارص للعب مع الأطفال الآخرين ، فهذا العمل ربما يعزز من طبيعتك الاجتماعية ، لكن إذا أصر والداك على بقائك بداخل المنزل لتدرس واجباتك واللعب على الحاسوب بمفردك ، فهذا العمل ربما يغير من المخطط لتكون بذلك إنسانا أقل اجتماعية . أو افترض أنك نشأت وترعرعت بين والدين يخبرانك طوال الوقت بأن غرفتك غير مرتبة ، لكي تسهل على نفسك الحياة فربما تستجيب لذلك من خلال تطوير قاعدة تقول: «إذا رأيت الغرفة في فوضى فسأقوم بترتيبها» . لا حاجة للتفكير في الأمر تجنب المشاحنات الناجمة من أخبارك بأن تكون مرتبا ، وذلك من خلال القيام بذلك بصورة آلية ، لنكن إذا سمح لك والداك بأن تترك الغرفة مثل سلة المهملات ، فربما تنمو بمخطط يقول: «إذا رأيت الغرفة في فوضى فهذا ليس بالأمر الجلل». فامتلاك مثل هذه القواعد والمخططات سيوفر لك الوقت ويبعدك عن القلق ، فهي تخبرنا بالطريقة التي نتصرف بها دون أن نضطر إلى كثير من التفكير الشاق . كيف يساعدك ذلك الأمر إذن في تحقيق النجاح؟ بمجرد أن تفهم طبيعة شخصيتك والقواعد والمخططات التي تحكم حياتك ، يمكنك البحث عن المواقف التي تسمح لك بالعمل على نقاط قوتك ، يمكنك أن تجد بعضا من أصحاب العمل أو المؤسسات التي تقدر الطريقة التي تعمل بها . كما يمكنك البحث عن الصداقات أو المواقف التي تسمح لك باستخدام مواهبك ، يمكنك تعويض نقاط ضعفك من خلال التواجد برفقة أشخاص بارعين فيما تعجز عنه . قم بذلك ويمكنك تحقيق النجاح . النجاح الحقيقي . لا يمكنني تغيير شخصيتي يرى العديد من الناس أنه لا يمكنهم التغيير من شخصياتهم .. ربما يقولون لأنفسهم : ** إنني متأخر دائما . ** إنني سريع الانفعال ولا يمكنني علاج هذا الأمر . ** لست من النوع الكثير الإبداع .. لم أكن من ذلك النوع ولن أكون أبدا . ** إنني منظم جدا .. هذه هي شخصيتي . لكن الناس يمكنهم التغيير وهم يتغيرون بالفعل . إليك هذه الحقيقة كل شخص يمكنه تغيير سلوكه ، إذا بذل بعض الجهد في سبيل ذلك . يذكرنا المؤلف ببعض من سيرته الذاتية فيقول : دائما ما كانت والدتي التي تقترب من الستين عاما ، تعتقد أنها ليست جيدة في استخدام التكنولوجيا الحديثة ، لكن على مدار عام تعلمت الكثير ، يمكنها الآن إرسال الرسائل عبر البريد الإلكرتوني والتسوق من خلال الإنترنت واستخدام الكاميرا للحديث مع الأصدقاء والعائلة في جميع أنحاء العالم ، كما تعلمت أيضا كيفية استخدام المؤقت في كاميرا التصوير الرقمية الخاصة بها ، لالتقاط صور للأصدقاء بدون أن يمسك أي منهم الكاميرا ، وبما يمكنهم جميعا من الظهور في الصورة ، إذا تمكنت أمي من تغيير نفسها فيمكنك ذلك أيضا . لا تقل إنك لا تستطيع القيام بشيء ما أو أنك مطبوع على هذا النحو ، لأن هذه الأسباب ما هي إلا مجرد أعذار واهية ستمكنك من الخروج من المأزق حاليا ، لكنها ستسمح لك بالتمادي في تكرار أنماط السلوك الضارة . تغيير ما هو متأصل ربما تعتقد أنك كبرت جدا على التغيير ، أو ربما سمعت ان المخ ينتج عددا محددا من الخلايات ، وبعد سن محددة يفقد المخ مئات الآلاف من الخلايا يوميا ، صحيح ؟ في الحقيقة إنها خرافة ، ويمكن ببعض البحث أن تتأكد من خطئها ، قامت الدكتورة « اليانور ماجواير » وفريقها في جامعة لندن ، بعمل أشعة لمخ بعض سائقي التاكسي ثم مقارنتها بالأشخاص العاديين ، اكتشفوا أن جميع سائقي التاكسي لديهم فصين ـ منطقة في المخ مسؤولة عن الملاحة - أكبر في الحجم ، كما اكتشفوا أن سائقي التاكسي الذين عملوا في القيادة لفترات طويلة بعضهم تجاوز أربعين عاما - لديهم الفصين أكبر حجما مقارنة بالباقين . نحن نعرف أن المخ يقوم بإنتاج الأنسجة العصبية طوال حياتنا – العملية التي تعرف باسم « تخليق النسيج العصبي» – بالإضافة إلى المخ يكون روابط بين تلك الأنسجة العصبية حتى مع تقدم السن . إن نقص التجارب الجديدة والجهد هو الذي يسمح لمخك بالتضاؤل وبنفس الطريقة التي تساهم بها ألعاب الضغط في بناء العضلات فان العلم الحديث يظهر أن التمرينات العقلية يمكنها توسيع مناطق المخ ، يمكنك مساعدة المخ على مزيد من النمو . تغييرات بسيطة نتائج كبيرة الخبر الطيب هنا هو أن العديد من التغيرات التي يقترحها المؤلف في هذا الكتاب لا تعد تغييرات شاملة لحياتك ، لكنها مجرد تعديلات بسيطة : إليك هذا السؤال: كم عدد الدقائق التي تفصل بين الجراح الماهر والجراح الفاشل ؟ نعم أن ما قرأته الآن صحيح . الدقائق .. هل تشعر بالحيرة ؟ دعني أفسر لك الأمر . نظر الباحثون في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الفوارق بين الجراحين العظماء والجراحين متوسطي المستوى ، لا يوجد في الولايات المتحدة نظام للخدمة الصحية العامة ، لذلك فإن المرضى لديهم حرية تغيير الجراح إذا لم يشعروا معه بالراحة ، لذلك يقيم المرضى أداء الجراحين طوال الوقت مما يسمح بتحقيق مزيد من الربح للجراحين الماهرين وتقليل الربح بالنسبة للجراحين غير الماهرين . لكن الغريب في الأمر هو أن الباحثين لم يقدروا على إيجاد الفوارق في مهارات الجراحة بين الأطباء ذوي المستوى العالي والأطباء متوسطي المستوى . تركزت الفوارق الرئيسية في كيف يستمع الجراح إلى المريض وكيف يظهر له التعاطف وكيف يجيب عن أسئلته . نعود مرة ثانية إلى السؤال الذي طرحه المؤلف من قبل : كم عدد الدقائق التي تفصل بين الجراح الماهر والجراح الفاشل ؟ الإجابة هي ثلاث دقائق . يميل الجراحون ذوو المستوى العالي إلى قضاء ثلاث دقائق في المتوسط أكثر من نظرائهم الأقل شهرة ، وذلك عند الإجابة عن أسئلة المرضى . ثلاث دقائق للاستماع ليست بالكثير أليس كذلك ؟ لكن بالنسبة لمعرفة الخلفية الصحية للمرضى ومدى المنفعة التي يجنيها الأطباء من هذا فان تلك الدقائق الثلاث لها أهمية عظيمة جدا . ان العديد من الأسرار الخفية للنجاح لا تحتاج سوى إلى بضع دقائق فقط ، انني لا أطلب منك أن تغير من شخصيتك . فقط قم ببعض التعديلات البسيطة وبعض التحسينات الذكية لما تقوم به لتجعل من نفسك أكثر نجاحا . يمكنك القيام به ألم تتعلم أي لغة من قبل ؟ استمع إلى تلك القصة من المؤلف اذ يقول .. لقد درست اللغة الفرنسية في المدرسة وأتذكر خطواتي المتعثرة الأولى في هذه اللغة ، كما أذكر ذهابي إلى فرنسا في رحلة كشفية استمرت أسبوعا وأتذكر ذهابي لشراء الإفطار في صباح اليوم الأول . أثناء وقوفي خارج المخبز حاولت تذكر عبارة « أريد شراء » بالفرنسية ، ثم ما هي الكلمة المقابلة لكلمة خبز ؟ وما هي الكلمة المقابلة لكلمة بعض ، وهنا قابلتني مشكلة في اختيار أداة الجر المذكرة أم المؤنثة . وبالطبع كان لابد ان أضيف عبارة « من فضلك » فتكون الجملة «أريد أن أشتري بعض الخبز من فضلك». اضطررت إلى التدرب على ما أريد قوله قبل ذهابي في هذا الصباح الأول ، لكن في اليوم التالي اتسمت المحادثة بمزيد من السهولة وفي اليوم الثالث تزايدت هذه السهولة ، كلما تزايد تدريبي المستمر على ما أقوم به ، أصبح هذا العمل من العادات الخاصة بي . أنت يمكنك القيام بذلك أيضا ، يتم حشو الجزء القديم من المخ المعروف غالبا باسم المخ السفلي ، بالقواعد اللاشعوية التي تحاول دفعك للتصرف بطرق غريزية وفورية ، يعد المخ السفلي بمثابة الربان الآلي - الآلية التي تتحكم في تصرفك عندما لا تعير الانتباه إلى الموقف ، انك تمتلك مخا علويا أيضا والذي يعد ربان السفينة ومركز التحكم التنفيذي . عند حدوث الموقف يسمح لك صوت العقل في رأسك بإلغاء القواعد الموجودة في المخ السفلي إذا أردت ذلك . ربما يحثك عقلك السفلي على ان تصرخ أو تصدم شيئا ما بيدك في حالة الغضب ، لكن عقلك العلوي سيخبرك ان لكم رئيسك لا يعد فكرة جيدة ، أو ربما يغريك مخك السفلي لتناول 14 قالبا من الشيكولاتة دفعة واحدة ، بينما يقرر مخك العلوي ان هذا السلوك ليس بالأمر الجيد بالنسبة لمحيط خصرك . كلما ألغيت من مخططات مخك السفلي وعملت على تغيير سلوكك ، زادت سرعة تبنيك مخططات جديدة ، لذلك مهما كان الأمر الذي تريد عمله فانك تحتاج فقط إلى أن ترغب في تغييره ثم تمارسه بعد ذلك . حب الاستطلاع يرى بعض العلماء ان المستوى الطبيعي لحب الاستطلاع يعود إلى طريقة عمل شطري المخ – النصفين – معا ، يقوم النصف الأيمن من المخ بمعالجة الحقائق والمعلومات بصورة عقلانية منطقية ، بينما يعني النصف الأيسر بالتفكير الحدسي لذلك في الأشخاص ذوي المستوى المنخفض من حب الاستطلاع يكون الجزء الأيمن هو الأكثر سيطرة إلى حد ما ، بينما في الأشخاص ذوي المستوى العالي من حب الاستطلاع يكون الجزء الأيسر هو الأكثر سيطرة إلى حد ما . يرتبط حب الاستطلاع بعملية الإبداع ، وليس الإبداع بالسمة التي يمكن القول إنك ولدت بها أو من غيرها ، نبدأ حياتنا جميعا بالقدرة على الاستكشاف واللعب والسؤال عن كيف يتحرك العالم وكيف خلق . مع نموك يمكن ان تخنق هذا الجزء بداخلك ، من خلال وصف هذا الأمر بانه عمل صبياني لكن التحلي بالإبداع هو مهارة يمكنك إحياؤها . يتصف العقل البشري بالكسل بطبيعته فهو يلتمس أسهل الطرق ، وليس اكثرها إبداعا ، عندما تواجه مشكلة ما ، يحاول عقلك ادخار الطاقة من خلال البحث في بنك البيانات الخاص به لإيجاد احد الحلول التي نجحت من قبل ، من خلال إعادة تصنيع الحلول السابقة .... لماذا افقد بعض الطاقة في إدراك حلول جديدة بينما توجد حلول قديمة نافعة ؟ لكن ببعض الجهد الواعي يمكنك إجبار عقلك على ان يكون أكثر إبداعا . إذا طرحت سؤالا مختلفا أو اكبر من الأسئلة المعتادة الإجابة عنها ، يمكنك ان تغوي عقلك الكسول لكي يتحول إلى مستوى أعلى من الإدراك ليلحق ببعض الأشياء الجديدة . كيف تملا مخك بالمزيد ؟ يتساءل الناس أصحاب المستوى العالي من حب الاستطلاع : لماذا لا ؟ فانهم باستمرار يحاولون اكتشاف العالم من حولهم ويدسون أنوفهم في أي شيء وكل شيء ويقومون بكل هذه الأشياء بإحساس من الدهشة . غالبا ما تكون الأفكار المتطورة ما هي إلا مجرد أفكار قديمة تم جمعها معا بطرق مختلفة ، في بعض المصادفات السعيدة غالبا ما تظهر في صورة أفكار ومفاهيم موجودة لكن تم تجميعها معا من نواح تبدو غير مترابطة ، أو تدمج معا للحصول على نمط غير معروف بعد ، أو الوصول بها إلى استنتاجات غير منطقية لكنها ابداعية ويمكنك تعلم ذلك أيضا . بنفس الطريقة التي تستخدم بها رياضة رفع الاثقال لتحويل عضلات الذراع العجفاء إلى عضلات منتفخة ، يمكنك تقوية قدرتك الابداعية ، يمكنك عمل ممرات جديدة بعقلك والتي تسمح لك بعمل ارتباطات جديدة ورؤية أنماط جديدة للعالم . تتمثل إحدى افضل الطرق لتعزيز قدرتك على الإبداع في ان تجرب أفكارا وخبرات جديدة ، في الحقيقة جرب فقط فكرة واحدة كل أسبوع ، لا يجب ان تكون هذه الفكرة متعلقة بأمر بالغ الأهمية لتبدأ بها ، المؤلف لا يقترح عليك ان تترك منزلك وتتحول للعيش في كوخ على العشب الأخضر فقط قم بتغيير احد طقوسك اليومية أو أعمالك الروتينية . ربما تشتري هذا الأسبوع صحيفة مختلفة . تناول تفاحة بدلا من البسكويت مع قهوتك قبل الظهيرة ، استمع إلى بعض الموسيقى الكلاسيكية اذا كنت ممن يحبون الموسيقى الصاخبة طوال الأسبوع استيقظ مبكرا ساعة واسلك طريقا مختلفا للعمل . ابدأ بتغييرات بسيطة ثم انتقل إلى التغيرات الأكبر . اخلط الأشياء ببعضها البعض وانظر كيف تؤثر التعديلات البسيطة على الطريقة التي تنظر بها للعالم من حولك . فكرة واحدة بالأسبوع تعني 52 فكرة في السنة يمكنك القيام بهذا أليس كذلك ؟ كن أفضل ما لديك احصل لنفسك على : ** كاميرا رقمية أو هاتف بكاميرا تصوير ** مذكرة وقلم ** ملف أو صندوق أو سجل قصاصات أو لوحة نشرات . استخدم الكاميرا لالتقاط صور لمبان معمارية رائعة الجمال أو رسوم تخطيطية أو ملابس أي شيء يثير انتباهك . استخدم المذكرة لتدوين الأفكار والملاحظات والمشاعر . احصل على كاميرا ومذكرة صغيرة الحجم بما يكفي لتحملها معك معظم الوقت .. ليس المقصود ان تحصل عليها وينتهي بك الأمر بتركهما في المنزل ، ضع في الملف أو لوحة القصاصات بعضا من قصاصات الصحف أو صفحات الكراسات وقطع القماش وأي شيء آخر يخطف انتباهك . غالبا ما يثبت مصممو الموضة ومصممو الإعلانات الصور و قطع القماش لعمل لوحة إعلانات وملصقات . لكن ماذا ستفعل بهذه الصور والمذكرات وهذه القصاصات والقطع الصغيرة ؟ في الحقيقة يعد ما ستفعله بها اقل أهمية من حقيقة انك قد لاحظت تلك الأشياء ، وقمت بجمعها وقمت بحشد كل هذه المعلومات في أعماق مخك ، لان الأمر هنا يتعلق بإعادة تدريب إدراكك والطريقة التي ترى بها العالم . يعيش المبدعون في نفس العالم الذي يعيش فيه أي شخص آخر لكنهم يهتمون بالعالم من حولهم بطريقة مختلفة ، لذلك فان التقاط الصور وتجميع قصاصات الورق وبقايا الأشياء المستعملة ما هي إلا طريقة تعودك على رؤية العالم بنظارات مصبوغة بحب الاستطلاع . كل شيء تلتقط له صوره أو تقصه أو تحفظه سيوسع الطريقة التي تنظر بها لي العالم . سواء كان هناك شخص آخر ليحكم إذا ما كان عملك مفيدا أم لا ، فهذا الأمر ليس له صلة بالموضوع . إذا اعتقدت أن هذه الأشياء شيقة فهذا هو السبب الذي تحتاج إليه للاحتفاظ بهما . طفرات إبداعية أكبر القيام ببعض التغيرات البسيطة في حياتك سيكون مجرد بداية . ماذا أيضا عن اكتشاف قليل من المغامرات الأكبر من وقت لآخر ؟ لا يجلس الفنانون والمصممون في المنزل في انتظار ان يصيبهم الإلهام ، يلقى الأشخاص ذوو المستوى العالي من حب الاستطلاع بأنفسهم في التجارب والأذواق والأوضاع والمواقف الجديدة لإذكاء خيالهم . هذا هو الفارق بين القراءة عن الدلافين والسباحة معهم ، وبين اللعب من حولهم والسباحة معهم عن قرب . ربما تقود السيارة لتزور احد المقاهي التي لم تذهب اليها من قبل ، اذهب إلى معرض أو صالة عرض أعمال فنية حتى لو كنت تعلم ان هذا الأمر ليس من عاداتك ، وحاول ان تتخيل ما يشعر به الفنانون . قم بزيارة احد محلات لعب الأطفال وانتق بعض اللعب ثم اسأل نفسك عن ميزة كل منها - قماش الصنع ام الخصائص الفنية ام الدلالات العاطفية . أو اطلب من أحد الأصدقاء ان يعرفك بهواية أو رياضة لم تجربها قط – يمكن أن تكون أي شيء بداية من ألعاب الكمبيوتر وحتى ركوب الخيل . لا يهم ما هو الشيء الذي تؤديه ، طالما توسع إدراكك للأشياء الإضافية الموجودة هناك .استهلك وجمع التجارب وليس الأشياء .. من خلال تعديل أنماطك اليومية ستساعد عقلك على تخطي هذه الحواجز وخلق روابط جديدة . لن تعرف أبدا الوقت الذي ربما تطرا فيه فكرة عظيمة على راسك ، لكن كلما زادت خبرتك وتجاربك ، زاد احتمال حصولك على هذه اللمحة الإبداعية . قريبا ستجد نفسك تستخدم أفكارا من مجالات الزراعة أو الموسيقى أو الانثروبولوجيا لتقوي قدراتك الإنتاجية في العمل ، وربما تستخدم علم النفس أو الفن أو تربية الحيوانات لتصبح والدا افضل ، وكذلك يسير الأمر . يكمن الهدف في خلط الأشياء بعضها ببعض ... واصل التجربة وانظر ما ينجح معك . احصل على الأفكار تحصل على الجودة عندما نفكر في طرق لحل مشكلة ما ، نادرا ما تكون الفكرة الأولى التي تتكون لدينا هي الفكرة الأكثر إبداعا . لا تعد الجودة والكمية من الأمور المتضادة بحيث لا يسمح وجود أحدهما بوجود الآخر ، فحين تأتي بأكبر عدد من الأفكار ستفاجأ بجودتها أيضا . متى كانت آخر مرة تأملت فيها 20 طريقة مختلفة لمعالجة مشكلة ما ؟ نعم أننا نتحدث عن العصف الذهني .. صحيح اعترف لك – يقول صاحب الكتاب – تمتلك عملية العصف الذهني سمعة سيئة غالبا ما يكره الأشخاص ذوو المستوى المنخفض من حب الاستطلاع هذه العملية ، ويشعرون بالضيق من فكرة القيام بعملية عصف ذهني أخرى ، ربما تشعر بانه يمكنك القيام بالشيء بدلا من ناقشة الأفكار . تكمن المشكلة في أن هؤلاء الأشخاص غالبا ما ينتهون إلى تقييد انفسهم بالأفكار التي تبدو معقولة ، معتمدين في بناء أفكارهم على ما وقع في الماضي . هناك قول شهير يقول : «إذا اعتدت القيام بنفس الشيء فلا تتفاجأ من الحصول على نفس النتيجة». إذا أصبح من الضروري لكل فكرة ان تكون معقولة ومستخدمة في الماضي ، فكيف سيمكننا الوصول إلى منتجات جديدة أو اختراعات مبتكرة ؟