صلالة – بخيت كيرداس الشحري - توصلت دراسة قام بها أحد الطلاب العمانيين لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة محمد الأول في المغرب بعنوان «الدور الجيواستراتيجي والاقتصادي لمضيق هرمز (سلطنة عمان)» إلى إمكانية الاستغناء عن هذا الممر المائي المهم في حال اندلاع أي صراع في المنطقة يهدد عبور النفط عبر مضيق هرمز من خلال عدد من الحلول والبدائل والتوصيات المقترحة التي توصلت إليها الدراسة. وقد أشار الطالب الباحث سالم بن عيسى بن مسلم المعشني إلى أهمية هذه الدراسة بناء على أهمية الموقع الاستراتيجي لمضيق «هرمز» لكونه المنفذ الوحيد لدول الخليج العربي، والعراق، وإيران حيث يعد المنفذ الوحيد للدول المطلة عليه باستثناء السعودية، والإمارات، وسلطنة عُمان، وأوضح خلال دراسته لأهمية المضيق أشكال التهديد الممكن حدوثها والتي قد توقف الملاحة البحرية بهذا المنفذ البحري، والذي قد ينتج عن نزاع مسلح بين الدول الغربية وإيران من جهة، أو بين إيران ودول الخليج من جهة أخرى، وأضاف المعشني قائلاً: من خلال الدراسة التي أجريناها، وضعنا حلولا كخطوة استباقية في حال إغلاق مضيق هرمز لنقل النفط والغاز من دول الخليج إلى موقع آمن لتصديره إلى السوق العالمي، ويتم ذلك من خلال عملية اختيار المسارات الأقل تكلفة للأنابيب المقترحة، وإيجاد أفضل الخطوط والتي تتطلب وضع منطقة جغرافية كاملة في الاعتبار لتنفيذ هذه الحلول واستبعاد المجالات غير المناسبة وفق معايير محددة، حيث قمنا بوضع نموذج أولي باستخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، ليكون أداة علمية للمساعدة في اتخاذ القرار لاختيار مسارات أنابيب نقل النفط. وتتركز المنهجية التي اعتمدت في هذا البحث على معايير متعددة، تستند على البيانات الجغرافية في تخصصات عدة، الطبوغرافيا، الهيدرولوجيا، ثم البيانات البشرية والاقتصادية. وفي النهاية تم تحديد المسارات الأقل تكلفة مع مراعاة جوانب المخاطر البيئية التي قد تنتج عند تمرير هذه الأنابيب بالقرب من المجالات السكنية. الحلول والبدائل المطروحة وقد أوجز سالم المعشني الحلول التي تضمنتها دراسته وما تم اقتراحه ضمن عناصر البحث كخيارات مهمة بديلة لمضيق هرمز، في حلولا استراتيجية من خلال المشاريع التالية والتي قسمها عبر عدد من دول مجلس التعاون الخليجي حيث يرى أن البدائل عبر دولة الإمارات العربية المتحدة يمكن أن تكون من خلال إنجاز خط أنابيب من إمارة أبو ظبي إلى ميناء الفجيرة عبر خليج عُمان وإنجاز خط أنابيب من قطر والبحرين إلى ميناء الفجيرة وإنشاء خط أنابيب بين إماراتي الشارقة والفجيرة. أما البدائل عبر المملكة العربية السعودية يكون عن طريق إنشاء خط أنابيب من ميناء رأس تنورة إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر وإنشاء خط أنابيب من الكويت إلى موانئ السعودية على البحر الأحمر وإنشاء خط أنابيب بين البحرين والسعودية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر. أما البدائل عبر السلطنة فيرى الباحث أن سلطنة عُمان تعتبر خيارا استراتيجيا بامتياز، لعدد من الأسباب التي تضمنتها الدراسة، حيث يقترح إنشاء بعض المشاريع في الفترة المقبلة دون انتظار التهديدات أو الإغلاق الفعلي لمضيق هرمز ويرى ضرورة القيام به عاجلا من خلال إنجاز المشاريع التالية وهي إنشاء خط أنابيب للنفط بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان وخط أنابيب آخر للنفط والغاز من قطر إلى السلطنة وإنشاء خط أنابيب للنفط من المملكة العربية السعودية وربط كل من الكويت والبحرين بهذا الخط ومده إلى سلطنة عُمان لتصل جميع هذه الخطوط إلى ميناء الدقم. وكما اقترحت الدراسة إنشاء قناة مائية من سلطنة عُمان عبر صحراء الربع الخالي إلى المملكة العربية السعودية وتصل إلى الخليج العربي لتسهيل التبادل التجاري لدول الخليج التي ليس لها منفذ بحري سوى الخليج العربي. ويرى الباحث أن إنجاز هذه المشاريع سيلقى الدعم المادي من دول العالم نظرا لحجم الإيجابيات التي ستنعكس على الاقتصاد العالمي، خاصة وأن التهديد بإغلاق المضيق يأتي دائما من قبل القوى الإقليمية كردة فعل على المصالح المتباينة بينها وبين القوى الغربية في المنطقة ويعتبر مضيق هرمز ممرا مائيا استراتيجيا، يفصل بين مياه الخليج العربي من جهة، ومياه بحر عُمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وتطل عليه من الشمال جمهورية إيران الإسلامية، ومن الجنوب سلطنة عُمان. ويبلغ عرض المضيق نحو ٢٠٫٥٧٥ ميلا بحريا من النهاية الشمالية الشرقية ما بين جزيرة لآرك في الجانب الإيراني وقوين الكبرى (سلامة وبناتها) على الجانب العُماني وهو أدنى اتساع له ويبلغ طول المضيق عند خطه الأوسط ١٠٤ أميال بحرية، ومن ناحية العمق يتراوح أقصى عمق للخليج ما بين ٤٠-٥٠ قامة بينما يبلغ عمق مضيق هرمز بالقرب من شبه جزيرة مسندم ٨ قامات. وهناك مجموعة كبيرة من الجزر المنتشرة حول المضيق وفي الخليج العربي حيث يبلغ عددها ١٢٦ جزيرة، برزت أهمية الجزر السياسية والاستراتيجية في السابق وظهرت أهميتها الاقتصادية في الآونة الأخيرة نتيجة ثورة النفط التي شهدتها بلدان الخليج العربي. ويكفي هنا القول بأن إنتاج الخليج من النفط والذي يمر أغلبه عبر مضيق هرمز يمثل ثلثي إنتاج منظمة أوبك ونصف كميات النفط المباع في الأسواق العالمية. وإن الأهمية السياسية والاستراتيجية لمضيق هرمز ترتبط بأهميته الاقتصادية أشد ارتباطاً، فالاقتصاد هو المحرك وهو عصب السلوك الأساسي والاستراتيجي للدول. وهذه الأهمية التاريخية ترجع إلى موقعه المتوسط في قلب العالم القديم من العالم الآسيوي وكان هذا الذراع البحري طوال العصور التاريخية ممرا مائيا هاما، يصل العالم الشرقي والغربي، وكانت التجارة من الشرق والغرب تمر به دائما، وكانت السفن تمخر عبابه ذهابا وإيابا كما هو الحال الآن.