سيول - (أ ف ب): أعلنت كوريا الشمالية أمس أن عملية إطلاق الصواريخ البالستية كانت تدريبا على ضرب القواعد الأمريكية في اليابان في الوقت الذي تتوالى فيه الانتقادات الدولية للنظام الشيوعي الذي يملك السلاح النووي. وسقطت ثلاثة صواريخ من أصل أربعة اطلقت أمس الأول في المنطقة الاقتصادية الحصرية لليابان الواقعة ضمن مسافة 200 ميل بحري (370 كلم) من سواحلها، في تحدٍ جديد للأسرة الدولة والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأكد ترامب في اتصالات هاتفية «التزام بلاده» إزاء حلفائها في اليابان وكوريا الجنوبية بحسب بيان للبيت الأبيض. ويعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة أمس في هذا الصدد، بطلب من طوكيو وسول. وتحظر قرارات الأمم المتحدة على بيونج يانج اي برنامج نووي أو بالستي لكن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج اون لا يزال يواصل طموحات العسكرية رغم صدور ست رزم من العقوبات الدولية بحق بلاده. وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية: إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون أشرف على العملية وأمر شخصيا ببدئها. وأضافت ان كيم جون اون أشاد بوحدة «هواسونغ» المدفعية التي أطلقت الصواريخ بينما كان يراقب «مسارات الصواريخ البالستية». وتابعت الوكالة أن كيم «قال إن الصواريخ البالستية الأربعة التي أطلقت بشكل متزامن دقيقة جدا بحيث تبدو كأنها أجسام بهلوانية طائرة في طور التشكيل». «إزالتها من على الخريطة» وتابعت الوكالة الكورية الشمالية أن الهدف كان «ضرب القوات العسكرية المعتدية الامبريالية الأمريكية في اليابان في حالة الطوارئ»، وهي دليل على ان الشمال مستعد «لإزالة القوات العدوة من على الخارطة» من خلال «ضربة نووية دون رحمة». واظهرت صور نشرتها صحيفة «رودونغ سينمون» كيم جونغ اون وهو يراقب انطلاق الصواريخ الى السماء أو وهو يصفق مبتسما الى جانب مسؤولين كوريين شماليين آخرين. وتدور تساؤلات عما إذا كانت عملية إطلاق الصواريخ رد على المناورات السنوية الأمريكية الكورية الجنوبية التي تثير دائما غضب الشمال. وأجرت كوريا الشمالية العام الماضي تجربتين نوويتين وسلسلة من عمليات إطلاق الصواريخ. لكن تجربة الاثنين شهدت للمرة الأولى سقوط صواريخ في المنطقة التجارية الحصرية لليابان. ويقول تشوي كانغ المحلل في معهد آسان للدراسات السياسية إن عمليات إطلاق الصواريخ الجديدة إنذار واضح بالنسبة الى اليابان. ويتابع كانغ ان «كوريا الشمالية تظهر ان أهدافها لم تعد تقتصر على شبه الجزيرة الكورية بل يمكن ان تشمل اليابان أو حتى الولايات المتحدة في أي وقت». ويطمح الشمال لامتلاك صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على تسديد ضربة نووية على القارة الأمريكية. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشار الى ان كوريا الشمالية تطرح «مشكلة كبرى» وتعهد برد «قوي». وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر ان واشنطن تتخذ إجراءات لتعزيز «قدراتها الدفاعية ضد الصواريخ البالستية الكورية الشمالية». موقف بكين قبل ثلاث سنوات أمر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما البنتاجون بمضاعفة الهجمات المعلوماتية على كوريا الشمالية لتخريب تجاربها الصاروخية، قبل إطلاقها او خلاله، على ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» في نهاية الأسبوع. وفشل عدد من التجارب بعيد الإطلاق. وبدأ الجيش الامريكي بنشر منظومة «ثاد» الدفاعية المضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية لحمايتها من اي هجوم من الشمال، حسبما أعلنت القيادة الأمريكية في المحيط الهادئ. ووصلت العناصر الاولى من هذه الدرع أمس الأول. وتعهدت الصين أمس الدفاع «بحزم» عن مصالحها الامنية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية غينغ شوانغ «ستتحمل الولايات المتحدة وجمهورية كوريا جميع العواقب التي ستنطوي على ذلك». وتعتبر الصين ان منظمة «ثاد» الدفاع والرادار القوي الذي تتضمنه يحدان من فعالية أنظمتها للصواريخ. وأعلنت سلسلة متاجر «لوتي» الكورية الجنوبية العملاقة أمس اضطرارها الى إغلاق عشرات من متاجرها في الصين بعد صدور دعوات لمقاطعتها في هذا البلد. وقال متحدث باسم المجموعة إن السلطات الصينية أغلقت 39 متجرا من أصل 99 تملكها السلسلة مبررة ذلك بمخاوف من مخاطر وقوع حريق. وتوظف مجموعة «لوتي» نحو 130 صينيا لكن استمرار إغلاق المتاجر يمكن ان يهدد نحو 5000 وظيفة. وحققت كوريا الشمالية تقدما كبيرا في تطوير برامجها النووية والبالستية. إلا ان تساؤلات لا تزال تدور حول مدى تمكنها من تكنولوجيا إعادة الصواريخ الى الغلاف الجوي والتي تعتبر ضرورية لتوجيه ضربة الى هدف بعيد جدا مثل الولايات المتحدة. كما ان الخبراء لا يعلمون الى أي حد بيونج يانج متقدمة في مجال تصغير السلاح النووي لتثبيته على صاروخ. لكن بكين الحليف الرئيسي والشريك لا تزال غير موافقة على نشر منظومة «ثاد» الدفاعية في كوريا الجنوبية. إلا انها تأخذ مسافة من الطموحات النووية للشمال. وأعلنت مؤخرا إنها ستتوقف عن استيراد الفحم من كوريا الشمالية حتى نهاية العام 2017 مما سيحرم بيونج يانج من مصدر أساسي من العملات. واعتبر الرئيس الكوري الجنوبي بالوكالة هوانغ كيو آن ان عملية اطلاق الصواريخ الأخيرة يمكن ان تشكل محاولة لصرف الانتباه بعد اغتيال الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ نام في مطار كوالالمبور في 13 فبراير الماضي والذي تتهم سيول بيونج يانج بالوقوف وراءه. وباشرت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأربعاء الماضي مناوراتهما العسكرية المشتركة السنوية التي تعتبرها بيونج يانج بمثابة تدريبات على اجتياح أراضيها، فيما تؤكدان سول وواشنطن أنها دفاعية. في سياق منفصل منعت بيونج يانج أمس جميع المواطنين الماليزيين من مغادرة أراضيها، في تصعيد جديد للخلاف الدبلوماسي بين البلدين منذ اغتيال الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي في كوالالمبور قبل أسابيع. وبعدها بلحظات ردت كوالالمبور بإجراء مماثل ومنعت الموظفين في سفارة كوريا الشمالية من مغادرة أراضيها. وتشكل هذه التطورات تصعيدا غير مسبوق في التوتر الذي نشأ منذ اغتيال كيم جونغ نام في 13 فبراير الماضي في مطار كوالالمبور بواسطة غاز «في إكس» للأعصاب المصنف ضمن أسلحة الدمار الشامل. ونقلت الوكالة الكورية الشمالية عن وزارة الخارجية أمس أن «جميع المواطنين الماليزيين ممنوعون مؤقتا من مغادرة البلاد». وتابعت أن «الحظر سيظل ساريا الى حين ضمان أمن كل الدبلوماسيين والمواطنين الكوريين الشماليين بعد تسوية الحادثة التي وقعت في ماليزيا بشكل عادل». وتشير معلومات صحفية الى وجود 11 ماليزيا حاليا في كوريا الشمالية. وندد رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق بالمنع وقال إنه سيفرض حظرا مماثلا على تحركات «كل مواطني كوريا الشمالية في ماليزيا». ويقدر المحللون عدد هؤلاء الرعايا بألف شخص. وكانت وزارة الداخلية أعلنت في وقت سابق إن منع السفر سيشمل الدبلوماسيين وموظفي السفارة فقط. وقال رزاق في بيان «إن احتجاز رعايانا عمل مشين وينتهك كل القوانين الدولية والاعراف الدبلوماسية». وتابع «ماليزيا بلد محب للسلام وهي ملتزمة الحفاظ على علاقات ودية مع كل الدول». وأضاف «لكن حماية مواطنينا هي أهم أولوية ولن نتردد في استخدام كل الوسائل حين يتعرضون للتهديد».