يختتم فعالياته اليوم -
تغطية- شذى البلوشية -
تواصلت فعاليات مؤتمر «الاستثمار في الثقافة» الذي تنظمه وزارة التراث والثقافة والنادي الثقافي بالتعاون مع الجمعية الاقتصادية العمانية، حيث تم تقديم أوراق العمل في الجلستين الثالثة والرابعة يوم أمس بالنادي الثقافي، ويسدل المؤتمر الستار على فعاليات اليوم بتقديم التوصيات التي خلص إليها.
وقد حملت الجلسة الثالثة للمؤتمر عنوان «الاستثمار الثقافي ووضع السياسات الاستثمارية»، لتحوي عددا من أوراق العمل التي قدمها الباحثون في مجالات متنوعة، وأدار الجلسة ناصر الصوافي، حيث قدم الدكتور مسعود بن سعيد الحضرمي ورقة عمل حملت عنوان «انعكاس ثقافة المجتمع في التوجه نحو تحقيق التنمية الثقافية/ الفرص والتحديات»، وتطرق الحضرمي في ورقته للحديث حول السياسات التنموية ودور العامل الثقافي في صياغتها، موضحا أهم المبادئ والعقبات التي يمكن منها تشكيل سياسات التنمية بشكل عام للمجتمعات التي تتلخص في: مبدأ الاعتماد على النفس، والمشاركة، ومبدأ الحاجات الأساسية.
وتحدث الدكتور مسعود الحضرمي في ورقته حول دور العامل الثقافي في التنمية، وهو الذي يعد شريك الاقتصاد في تسريع عجلة التنمية لأي دولة، مؤكدا على أهمية النظر الى الثقافة المجتمعية بعين الاعتبار والتركيز على جوانب الثقافة ومكوناتها في كل مجتمع، دون فصل التنمية الاقتصادية الشاملة والتطور الحضري دون محددات الهوية الثقافية للمجتمع، كما أن دور الثقافة في التطوير وخلق فرص الإبداع والابتكار أمر لا ريب فيه، وهو السبب فيما تواجهه المجتمعات العربية اليوم من تحديات في تحقيق النهضة الشاملة والتنمية الثقافية.
وخرجت ورقة عمل الحضري بعدد من التوصيات المتمثلة في إعادة إحياء التراث العربي الذي يعكس الثقافة العربية لك مجتمع، وتشجيع الابتكار بين فئات المجتمع المختلفة، وتعزيز دور التفاعل الثقافي بين مكونات المجتمع الريفي والحضري، وضرورة طرح مادة منفصلة للتنمية الثقافية في المناهج. وقدم الدكتور سعيد بن سليمان العيسائي ورقته خلال المؤتمر التي حملت عنوان «السياحة الثقافية في سلطنة عمان خطوة على طريق الاستثمار في الثقافة» تطرق فيها للحديث عن أشكال السياحة الثقافية في السلطنة ومواطنها المختلفة لاسيما المتاحف والأسواق والمواقع التراثية والأثرية والمكتبات، موضحا مفهوم السياحة الثقافية، وهي السياحة القائمة على الموروث الثقافي، وأهميتها في جذب السياح كما أنها تعمل على تطوير صناعة السياحة في الدول، من خلال استغلال الماضي التاريخي للدولة والترويج للآثار والمواقع الأخرى.
وتحدث العيسائي في ورقته عن السياحة الثقافية في عمان التي تتوفر فيها جميع مقومات السياحة الثقافية؛ نظرا لتاريخها العريق الضارب في القدم وتراثها الثقافي والفكري، فقال: «تنتشر الصروح والمعالم التاريخية في السلطنة فلا تكاد منطقة أو ولاية أو مدينة عمانية تخلو من الحصون والقلاع والأبراج والمساجد التاريخية التي تختلف في هندستها باختلاف بنائها والحقبة التاريخية التي بنيت خلالها». وتطرق الدكتور سعيد في ورقته للحديث عن أشكال السياحة الثقافية في عمان، متناولا كل موقع بجوانبه المختلفة وما تحويه من عناصر جاذبة للسائح، وتاريخها العريق، بالإضافة إلى الآثار العمانية المسجلة في التراث العالمي منها: حصن بهلاء، وموقع بات الأثري، ومواقع طريق اللبان وغيرها، واختتم العيسائي ورقته بتوضيح بعض النماذج العمانية والعربية في مجال الاستثمار الثقافي كمؤسسة بيت الغشام محليا، وساقية الصاوي عربيا.
استمرت الجلسة الأولى في اليوم الثاني من المؤتمر بتقديم أوراق العمل المتنوعة، فقدمت الباحثة أفراح مصبح سيف المقبالية ورقتها التي حملت عنوان «الاستثمار الثقافي ووضع السياسات الثقافية»، حيث تحدثت أفراح في ورقتها حول أهمية الاستثمار الثقافي الذي يعد من الاستثمارات الاقتصادية الناجحة، فهو ذو أهمية مباشرة في زيادة الدخل القومي للدول، حاله كحال باقي القطاعات الصناعية والتجارية، كما أن التطور الصناعي والتكنولوجي مرتبط ارتباطا تاما بالثقافة العامة، وأشارت الدراسات إلى أن القرن العشرين شهد تطورا كبيرا على مستوى الاستثمار الثقافي.
وأوضحت المقبالية أنها في بحثها قد اعتمدت على الاستبيانات والإحصائيات والمقابلات الشخصية بوصفها الأساليب الأنسب للبحث والدراسة في الاستثمار الثقافي، ووضع السياسات الثقافية؛ لتحقيق أهداف هذه الدراسة، والكشف عن مدى استثمار الثقافة وتحقيقها ناتجا ودخلا كبيرا.
وقالت الباحثة في ورقتها: «ما أشارت إليه البيانات والإحصائيات إلى أن جزءا من أزمة الثقافة يكمن في نقص الوعي لدي المواطنين بأهمية هذه الثقافة وأيضا في نقص الدعم للمنتج الثقافي، وأنه لا وجود للاستثمارات الحقيقة في القطاعات الثقافية إلا القلة القليلة منها، لذا علينا أن ندرك أن هناك حلقة وصل بين الثقافة والاقتصاد ولا يمكن تجاهل والهروب من هذا الارتباط بل يمكن الاستفادة منه إلى أعلى الدرجات لأنه يؤثر تأثيرا إيجابيا على اقتصاد الدولة، ويمكن الاستفادة من القطاع الثقافي في جملة من المفاهيم الجديدة مثل الصناعة الثقافية وهناك العديد من المفاهيم التي تشكل مجتمعا ثقافيا معاصرا».
وأوصت الباحثة المقبالية في ختام ورقتها بأهمية إدراج القطاع الثقافي كأحد أبرز القطاعات التنموية المهمة التي تساعد الدولة في توجيه إنشاء المؤسسات المعينة بالشأن الثقافي ودعمها، بالإضافة إلى إقامة المهرجات والندوات التي تساهم إسهاما فعالا في الاستثمار الثقافي، ويجب أن يتم دمج الثقافة للأجيال المعاصرة في وسائلهم التعليمية بشتي أشكالها وأنواعها المختلفة».
وقدمت جليلة الغافرية ورقة عمل أعدتها برفقة الباحثة زيانة أمبوسعيدية. حملت عنوان «واقع الاستثمار الحكومي لرأس المال الثقافي في المجتمع العماني وآليات تفعيله من وجهة نظر الشباب العماني»، وتطرقت في الورقة الباحثتان إلى الحديث حول رأس المال الثقافي الذي يندرج تحت ثلاثة أشكال لا مادية «تتجسد في شكل ميول ونزعات وعادات وتقاليد مكتسبة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية»، والشكل الثاني مادي يكون على هيئة سلع ثقافية مثل الأعمال الفنية والأدبية والكتب والأدوات»، والشكل الثالث لرأس المال الثقافي مؤسسي «تشير إلى مؤسسات الاعتماد المعنية بإعطاء الدرجات أو الألقاب التي ترمز إلى الكفاءة والثقافية والسلطة».
وجاءت الدراسة التي قامت بها الباحثتان للتساؤل عن واقع الاستثمار الحكومي لرأس المال الثقافي في المجتمع العماني، حيث هدفت الدراسة للوقوف على السياسات الحكومية للمحافظة على الثقافة والتراث المادي واللامادي، واقتراح آليات تسهم في تفعيل الدور الحكومي الإيجابي لاستثمار رأس المال الثقافي في المجتمع العماني.
تواصلت أوراق العمل في الجلسة الثالثة ليقدم الباحث ياسر هاشم عماد الهياجي من الجمهورية اليمنية ورقة عمله التي حملت عنوان «الأسس الاستراتيجية لاستثمار التراث الثقافي في التنمية السياحية، وتعزيز النواحي الثقافية: منظور اقتصادي»، أوضح فيها مفهوم التراث الذي هو عنصر ثقافي تناقلته الأجيال عبر الزمان، فقال في ورقته التي قدمها: « إن الاستثمار في الموارد التراثية والثقافية له تأثيرات اقتصادية؛ من حيث النفقات المباشرة، والوظائف الجديدة، والعائدات الإضافية؛ ولهذا أصبح ينظر إلى التراث كرأسمال اجتماعي ثقافي متجدد ينبغي وضعه ضمن السياسات العامة للتنمية؛ لتحقيق العائد الاستثماري المنشود، في ظل توجه كثير من البلدان إلى تحويل هذه الموارد الثقافية إلى مصادر جذب سياحي؛ لكونها أساسا للاستثمار، ومقوما أساسيا للسياحة الثقافية المرتبطة بمكونات التراث الثقافي التي أصبحت تستهوي نسبة كبيرة من الزوار والسياح؛ وهذا ما كشفته بعض تجارب الاستثمار السياحي لدول إقليمية وعالمية».
وهدف بحث الهياجي إلى اعتماد المنهج الوصفي التحليلي إلى دراسة مكونات التراث الثقافي، وبيان كيفية استثماره في النشاط السياحي من منظور اقتصادي، والتعرف على الأساليب الاقتصادية في التعامل مع الموارد التراثية.
واختتمت الجلسة الأولى بورقة عمل قدمتها عائشة بنت حارب البحرية تناولت فيها موضوع «مشروع الحكايات والأساطير المرتبطة بالأمكنة العمانية من ذاكرة رواة استثمار اقتصادي»، وهو بحث يتناول دراسة قام بها البحث العلمي حول الحكايات الشعبية، لا سيما تلك الحكايات المرتبطة بالأمكنة، وأجريت الدراسة في شمال الباطنة وشمال الشرقية، فكان نتاج الحكايات التي حصل عليها، 10 حكايات في شمال الشرقية، و14 حكاية في شمال الباطنة، وهي حكايات شعبية نسجتها الذاكرة حول الأمكنة السياحية في عمان، وبقيت في أذهان الكثير، وتركز الدراسات على تطوير تلك الأماكن أو العمل بطريقة أو بأخرى لجعلها موقعا سياحيا للتعرف على خبايا وتفاصيل قصة شعبية لا تتعدى أن تكون خرافة، واستدلت الباحثة في ورقتها بأن الدراسة انطلقت من حيث قصص شعبية لإحدى الدول الأوروبية التي تميزت بوجود بحيرة كبيرة أصبحت مزارا للسياح من مختلف الدول، وأقيمت حولها الكثير من الفعاليات الجاذبة، بعد أن حيكت حولها حكاية الوحش الذي كان يسكن في تلك البحيرة لأعوام كثيرة مضت سمي بوحش بحيرة نيس، واستمرت الحكاية التي جعلت الكثير يحاول أن يغوص لاستكشاف مدى صحة هذا الحكاية، وتطورت لتمثل في أفلام هوليودية وكرتونية بمختلف الصيغ والتفاصيل، فكانت هذه الدراسة قد تناولت هذه الحكاية نموذجا، فهناك في أحد المناطق في السلطنة قد بقت فيها حكاية «شجرة الماشوة» التي لها محيط كبير جدا، وكان الاعتقاد السائد أن من يصاب بألم في الأسنان يتوجه إلى تلك الشجرة ويطلق رصاصة أو يغرز مسمارا في جذعها ويشفى من ألم الأسنان، لهذا يحوي جذع الشجرة حتى الآن الكثير من الخدوش والثقوب».
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور خالد بن سعيد العامري وناقشت مؤشرات قياس البعد الاقتصادي للثقافة وقدمت فيها 6 أوراق عمل، قدم الدكتور عبدالفاتح الزين ورقة حملت عنوان «مكانة الشباب في البناء الوطني والتنمية البشرية: المغرب نموذجا». وحاول الزين في ورقته تبيان أهمية الثقافة في التنمية وأبعادها الاقتصادية من خلال استعراض التقاطعات بين الثقافة والاقتصاد ودور السياسة الثقافية في التنمية البشرية من خلال الصناعات الثقافية والتطورات التي عرفتها مع بروز الاقتصاد الإبداعي إلى جانب الاقتصاد الثقافي. وترافعت ورقة الزين من أجل وضع برنامج عمل يهدف إلى التماسك الاجتماعي والرفع من جاذبية المناطق في إطار الاستفادة مما تقدمه الثورة المعلوماتية والتقنية من فرص تمكن الفاعلين الثقافيين من الاستفادة منها بما يساهم في تنمية بشرية مستدامة ومندمجة وقوامها مواطنة نشيطة.
كما قدم الباحث علي بن سليمان الرواحي ورقة في الجلسة الثالثة من جلسات اليوم الثاني في الندوة خصصت لاستعراض المشروعات الثقافية الصغيرة والمتوسطة .. حملت عنوان «خصخصة الثقافة العمانية».
وهدف بحث الرواحي إلى منح الثقافة العمانية بعدا اقتصاديا يوازي في ذلك بقية القطاعات المنتجة: الصناعية والتجارية وغيرها التي من الممكن أن تشكل مصدرا للدخل على المستويين: الفردي والقومي. ذلك أن الدعم المادي للثقافة ظل لفترة طويلة من طرف واحد، كما يذهب الباحث في ورقته، ألا وهو الطرف الحكومي، الأمر الذي أثر على نوعية، ومستوى المواضيع المطروحة على حد سواء، وهذا يستوجب الحديث – بشكل غير مطول – عن تعريف الثقافة، وعدم اقتصارها على الإنتاج النخبوي، ذلك أن الحقل الثقافي قد تأثر بشكل كبير بالأنماط المعيشية والإنتاجية الجديدة للحياة المعاصرة، وهو ما أدى لاتساع هذا المفهوم، ودخول الكثير من العناصر المختلفة في تعريف مفهوم الثقافة.
وأكد الباحث أن الخصخصة تعتبر مسارا اقتصاديا هاما يمكن من خلالها إحداث الكثير من التغييرات والتحولات في البنى الاقتصادية والاجتماعية المختلفة في الدولة، الأمر الذي جعل الكثير من الدول والحكومات تتخذ هذا الاتجاه في التعاطي مع الكثير من القطاعات الاقتصادية المختلفة، بناء على الكثير من الظروف والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية المغايرة. فـ (الخصخصة) تندرج ضمن سياق الليبرالية الجديدة، ورؤيتها تجاه الحرية الفردية والكرامة البشرية التي قامت عليها، تلك التي ابتدأت بشكل فعلي وواضح مع بداية ثمانينيات القرن الماضي، مما أسبغ الكثير من التحولات الجوهرية على الدول وعلاقاتها الاقتصادية والاجتماعية سواء بالسلب أم بالإيجاب.
ودعا الباحث في ورقته لإعادة النظر بشكل جوهري وأساسي وعاجل أيضا في عمل المؤسسات الثقافية العمانية، والانتقال بها من المرحلة الحالية إلى الخصخصة ضمن مسار قانوني، وتشريعي، واضح وشفاف، بهدف تعميق مساهمتها في بناء الإنسان العماني كما تقتضيه متطلبات المرحلة المحلية والعالمية. كما قدم الباحث خالد بن عبدالله الخروصي ورقة بعنوان «المخطوطات العمانية في القرن الثالث عشر الهجري .. التجربة والاستثمار» وقدم الباحث دراسة مسحية للمخطوطات العمانية مسلطا الضوء على جزء من التاريخ العماني حيث شمل المسح أكثر من (800) مخطوط كتبت في القرن الثالث عشر الهجري. واستعرض الباحث في ورقته مجموعة من المؤشرات من خلال اطلاعه على المخطوطات وتجربته فيها.
وقدم الباحث محاور كثيرة عن المشهد الأدبي والعلمي في الفترة الزمنية التي تطرق لها والحياة فيها، لكنه تحدث في الجزء المهم من ورقته عن الأفكار حول كيفية تحويل تراث المخطوطات والتراث الثقافي العماني الكبير إلى مساحات استثمارية .. ولكن بحيث لا يفقد التراث والمخطوط وغيره من المنتجات الثقافية أصالتها وعمقها .. واستعرض الخروصي أفكاره في الموضوع داعيا إلى تأسيس مدارس في الخط العماني الشرقي والنقوش، وكذلك الاستفادة من الحصون والقلاع المنتشرة في ربوع السلطنة لعرض التراث المكتوب كالمخطوط العماني، وفي حال استغلال هذا الجانب فإن لها مردودا اقتصاديا. ودعا لإنشاء مراكز تعنى بالتراث المادي كالمخطوط والوثائق.