أول مسجد صممته مهندسة مسلمة - بني مسجد الفاتح في عهد الدولة العثمانية، ويوجد في منطقة الفاتح في مدينة إسطنبول التركية، ويعد مثالا عظيما على فن العمارة الإسلامية التركية في إسطنبول، ويمثل مرحلة مهمة من تطور فن العمارة التركية القديمة، وقد سمي هذا المسجد على اسم السلطان محمد الفاتح، السلطان العثماني الذي فتح القسطنطينية عام 1453. يتجسد الجمال العمراني لإسطنبول في هذا المسجد المشهور، وهو أول مسجد تصممه امرأة مهندسة واسمها زينب فضلي أوغلو، وقد استعانت بتصميم للمهندس المعماري التركي المعروف هوسريف تايل صاحب تصاميم عدة مساجد في تركيا، ويحافظ هذا المسجد على الطابع التقليدي لكنه في نفس الوقت يضفي مسحة من الحداثة في التصميم. ويعد مسجد الفاتح بناءً دينياً واجتماعياً في آن واحد، حجمه وتركيبه لا مثيل لهما، وقد بني فيما بين عامي 1463 و1470 بأمر من السلطان محمد الفاتح، في موقع كنيسة بيزنطية قديمة كانت قد دمرت وخربت منذ الحملة الصليبية الرابعة، فليس المسلمون هم من دمروها. وقد بنى هذا المسجد المهندس المعماري عتيق سنان. يوجد حول مسجد الفاتح مجموعة من الأبنية المشيدة بتخطيط جيد، وتشمل هذه الأبنية: 8 مدارس، ومكتبة، ومستشفى ونزلا للمسافرين، وكاروانسرا (بيت للمسافرين)، وسوق، وحمام عام، ومدرسة ابتدائية، ومطبخ عام كان يقدم الطعام للفقراء. وقد أضيف حوله العديد من القبور أو المقامات فيما بعد. وقد بني البناء الأصلي على شكل مربع تقريبا، طول ضلعه حوالي 325 مترا يمتد على طول منطقة القرن الذهبي. تعرض المسجد الأصلي لضرر بالغ بسبب زلزال عام 1509، ولكنه أصلح بعد ذلك، ولكنه تعرض للضرر مرة أخرى بسبب الزلازل في عامي 1557 و 1754، وأصلح مرة أخرى . ثم تعرض المسجد لزلزال دمره بالكامل في 22 من شهر مايو عام 1766، حيث انهارت القبة الرئيسية وتحطمت الجدران بشكل لا يمكن إصلاحه. أما المسجد الحالي فقد بني على أساس مخطط مختلف تماما عن المسجد الأصلي، وأنهي بناؤه عام 1771 في عهد السلطان مصطفى الثالث. للوصول إلى هذا المسجد العظيم، عليك بداية أن تتجاوز أسوار إسطنبول القديمة من الناحية الأمامية، حيث حائط القناطر الذي تمر بكم السيارة عبر إحدى فتحاته لتنعطف بعدها عند أول منعطف على اليمين، حيث تصلون إلى شارع يسمى بشارع الفاتح نسبة إلى هذا المسجد العظيم الذي ستجدونه بعد قليل على ميمنة الطريق بسور ضخم كبير تجدون في وسطه أدراج تصل بكم إلى باحة المسجد الأمامية. القبة الرئيسية للمسجد تم بناؤها على أربعة أعمدة عملاقة تلقب بأقدام الفيل لضخامتها وكبر حجمها، إضافة لعمودين آخرين. وبعد أن تعرض للهديم بشكل شبه كامل أثناء الزلزال الذي حدث في العام 1766 أمر السلطان مصطفى الثالث بتكليف المهندس محمد طاهر آغا بترميم المسجد، فتم ذلك ما بين العام 1767 والعام 1771. وبقيت قبة مسجد الفاتح هي القبة الأكبر حجماً بين مختلف المساجد المبنية في مدينة إسطنبول، حيث كان قطرها هو 26 مترا، وهو الذي جعل منها القبة الأكبر لمدة مائة عام إلى أن جاء المعمار سنان الشهير، وبنى العديد من المساجد الضخمة المتميزة كمسجد السليمانية الذي اقتلع هذا اللقب من قبة مسجد الفاتح ليصبح بعدها أكبر مسجد في السلطنة العثمانية على الإطلاق. أما الباحة الخلفية والأمامية لهذا المسجد فهي حديقة يرتادها أهل المنطقة يستظلون بشجرها. علما أن هذا المسجد أو بالأحرى باحاته تحتوي على مدخل رئيسي من الأمام تصعد إليه من الشارع الرئيسي عبر السلالم، وهناك باب السوق والباب الخلفي من ناحية اليمين، وهناك بابان من جهة الشمال كلاهما يصلان إلى قبر السلطان محمد الفاتح من الأمام والخلف. البناء الداخلي لمسجد الفاتح هو نسخة عن تصاميم سابقة صممها المعماري سنان آغا، واستخدمها أكثر من مرة كما استخدمها غيره من المعماريين في إسطنبول والقبة المركزية التي يبلغ طول قطرها 26 مترا مدعمة بأربع قبب صغيرة على كل محور، وهي مدعمة بدورها بأربعة أعمدة رخامية. وهناك مئذنتان لهذا المسجد متطابقتان في الشكل. أما منبر المسجد والزخارف الخطية التي تنتشر في أنحائه فهي تتخذ الطابع الباروكي. وأما المحراب فهو نفس محراب البناء القديم.