**media[3240348]**

بدا المشهد الثقافي في سلطنة عمان ونحن نودّع عام 2025 وكأنه يتحرك على أكثر من مسار في الوقت نفسه من دون أن يتقاطع أحدها على حساب الآخر، كتاب يتوسع خارج الموسم الواحد، ويغادر منطق الإصدار العابر إلى الإنتاج المؤسسي المتراكم.. ومسرح يعود إلى الواجهة عربيا هذه المرة.. وفنون بصرية تعيد تعريف علاقتها بالسرد والهوية، وسينما خليجية تجد في مسقط مساحة عرض وتدريب وتبادل خبرات كبنية عمل وأسئلة امتدت على مدار العام، وانعكست على النشر، وعلى طريقة تنظيم الفعاليات وعلى موقع الأعمال النوعية داخل المشهد.. 

الكتاب والنشر 

ظلّ الكتاب أكثر نقاط المشهد الثقافي ازدحاما خلال العام، لا بفعل كثرة العناوين وحدها، وإنما نتيجة ارتباط النشر مباشرة ببرامج المؤسسات وبحركة المعارض والفعاليات الكبرى التي أعادت الكتاب إلى صدارة النقاش الثقافي العام. وفي هذا السياق برز معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين محطة محورية، إذ قدّم صورة واضحة عن اتجاهات النشر وحجمه، وكشف من خلال أرقامه حجم الحراك في تداول الكتاب، وقدمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء 28 عملا إبداعيا جديدا، وفي المسار نفسه واصل النادي الثقافي حضوره في مجال النشر عبر إصدار أكثر من عشرة عناوين جديدة شملت دراسات نقدية ودواوين شعرية وكتب أطفال وعناوين في التاريخ والفلسفة والفوتوغراف، مع اهتمام واضح بإتاحة مساحة للإصدار الأول والنظر إلى الكتاب كمشروع معرفي يمتد أثره إلى ما بعد لحظة النشر، وإلى جانب ذلك أسهمت دور النشر العمانية والمؤسسات الرسمية بإصدارات حديثة عززت حضور الكتاب العماني خارج حدوده المحلية، وهو حضور انعكس لاحقا في المسابقات والبرامج الثقافية الخارجية التي احتفت بالمنجز العماني وقدّمته ضمن مشهد عربي أوسع. 

ضيف شرف في معارض عربية 

رسّخت سلطنة عمان حضورها في المشهد الثقافي العربي عبر اختيارها ضيف شرف في عدد من معارض الكتاب العربية الكبرى، في مقدمتها معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين في يناير 2025، ومعرض عمّان الدولي للكتاب في سبتمبر 2025، ومعرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الثامنة والأربعين في نوفمبر 2025، وهو حضور يعكس التقدير المتنامي للتجربة الثقافية العمانية ولرصيدها الحضاري والمعرفي في الفضاء العربي. وتكشف هذه المشاركات عن مسار ثقافي متصاعد استطاعت من خلاله سلطنة عمان تقديم خطاب ثقافي متكامل يستند إلى تراكم معرفي طويل، ويعرض تنوع المنجز العماني في الأدب والفكر والتاريخ والفنون، مع فتح مساحات للحوار الثقافي وتبادل الخبرات مع المثقفين والناشرين والقراء في عدد من العواصم العربية، وتبرز هذه المشاركات جملة من المكاسب الثقافية، من بينها تعزيز حضور سلطنة عمان في الساحة الثقافية العربية، وفتح آفاق جديدة أمام دور النشر العمانية، وتوسيع دائرة التعريف بالهوية الثقافية لسلطنة عمان، إلى جانب ترسيخ علاقات التعاون الثقافي مع الدول العربية، في سياق يعزز موقع الثقافة العمانية ضمن المشهد الثقافي العربي المعاصر.   

الفنون مجتمعة 

عاد المسرح إلى واجهة المشهد الثقافي العربي في مساحة تفكير جماعي تتقاطع فيها الأسئلة الجمالية مع التحولات الفكرية والاجتماعية، وتكثف هذا الحضور مع استضافة مسقط مهرجان المسرح العربي، التي أعادت الخشبة إلى دائرة الضوء خارج منطق العرض المعزول، وأهمية هذه المحطة تكمن في قدرتها على تحويل المهرجان إلى فضاء تفاعل، تتجاور فيه التجارب المسرحية مع النقاش النقدي، ويعاد فيه طرح العلاقة بين النص والجسد والفضاء والجمهور، كما عاد انطلاق مهرجان الدن المسرحي الذي قدّم الخشبة باعتبارها مجالا حيا للتلاقي بين التجارب والرؤى، وما ميّز هذه الدورة هو انتقال المهرجان من فكرة الاستضافة إلى صناعة سياق مسرحي مفتوح، تتجاور فيه العروض مع حلقات العمل والنقاشات، ويختبر فيه المسرح كأداة مساءلة للإنسان والواقع واللغة؛ حيث ظهر المهرجان كجزء من حراك أوسع يعيد وصل المسرح بالفضاء العام، ويمنحه قدرة على تجاوز الحدود المحلية، عبر حوار فني يعيد الاعتبار للجسد والصوت والفضاء كعناصر تفكير مشتركة بين ثقافات مختلفة. 

**media[3240346]**

أما في السينما فبرز توجه مؤسسي أعاد التفكير في وظيفة المهرجان داخل المشهد الثقافي الخليجي مع استضافة مسقط المهرجان السينمائي الخليجي؛ حيث أصبح الحدث إطار عمل يختبر الجودة ويعيد طرح أسئلة الإنتاج والاحتراف والتداول، وتنوّع العروض المتنافسة كشف تعدد التجارب، غير أن القيمة الأعمق تمثلت في المعايير التنظيمية والبرامج التدريبية المصاحبة، التي دفعت صنّاع الأفلام إلى النظر إلى الفيلم كمشروع متكامل، وأتاحت للأصوات الشابة الاحتكاك بخبرات أكثر نضجا، وفي هذا السياق، تحوّل المهرجان إلى مختبر تطوير وحوار مهني، وأسهم في تثبيت مسقط كنقطة فاعلة في الخريطة السينمائية الخليجية، ضمن مسار يسعى إلى بناء تراكم نوعي، ويرفع سقف الطموح تجاه حضور الفيلم الخليجي في فضاءات أوسع. 

وفي الشعر ظهر اهتمام بإعادة تنظيم حضور القصيدة داخل المشهد الثقافي من خلال ربط النص بالقراءة النقدية والنقاش العام، فمهرجان الشعر العماني في دورته الثالثة عشرة جمع بين الشعر الفصيح والشعبي ضمن برنامج واحد أتاح مقارنة المسارات وتجاور التجارب دون تفضيل شكل على آخر، فأهمية المهرجان برزت في كونه وفّر سياقا تقرأ فيه القصيدة خارج لحظة الأداء، عبر جلسات نقدية وقراءات تحليلية أسهمت في تفكيك النصوص والاشتغال على بنيتها وأسئلتها، وهو ما منح الشعر حضورا منظما يقوم على التراكم والتقييم، لا على المناسبة العابرة التي تعتمد على التسابق والمراكز. 

وفي الفنون البصرية يمكن التقاط تحوّل لافت في طريقة إنتاج العمل الفني وتلقيه، تحوّل تجاوز حدود اللغة التشكيلية واتجه إلى مساءلة الدور الثقافي الذي يؤديه الفن داخل المجال العام، وضمن هذا السياق جاءت نسخة «فن مسقط 2025» الرابعة تحت شعار «عناصر تبني الحكاية» كمؤشر واضح على هذا الاتجاه، فالشعار هنا عمل كإطار تفكير يوجّه الاختيارات والتنظيم وطرق القراءة، مع تركيز على تفكيك العمل الفني إلى عناصر سردية مثل المادة والأثر والرمز والصوت والوثيقة والمساحة والتفصيل اليومي الذي يتحول إلى علامة، لتصبح الحكاية جزءا من بنية العمل نفسه، ويبنى المعنى عبر طبقات متراكبة تجعل المتلقي داخل تجربة قراءة لا مجرد فضاء مشاهدة. 

جوائز مؤسسية 

قدّمت جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب دورة كشفت عن إعادة ضبط لمفهوم القيمة الثقافية، عبر توزيعها على مستويات مختلفة لا تختزل الإبداع في الفرد وحده، اختيار فرع الثقافة للمؤسسات الثقافية الخاصة وضع العمل المؤسسي في قلب التقييم، باعتباره جزءا من صناعة المشهد لا هامشا داعما له، فيما جاء اختيار النحت في فرع الفنون تأكيدا على الاهتمام بالممارسات التي تشتغل على المادة والكتلة والفضاء، بعيدا عن الأشكال الأكثر شيوعا في التلقي، أما اعتماد السيرة الذاتية ضمن فرع الآداب فعبّر عن انتقال واضح نحو الكتابة التي تنطلق من التجربة الفردية كمدخل لفهم الزمن والسياق وليس اعترافا شخصيا معزولا. في المقابل، أظهرت جائزة الإبداع الثقافي التي أعلنتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء حراكا موازيا خارج الإطار الرسمي، من خلال تنوّع الأعمال الفائزة بين السرد والشعر والدراسات، وهو ما يعكس ديناميكية المشهد الأهلي وقدرته على التقاط التجارب الجديدة قبل ترسّخها، وهذا التوازي بين الجائزتين يكشف عن خريطة اعتراف متعددة المستويات، تتجاور فيها المرجعية الرمزية مع الاشتغال القاعدي، وتتحرك فيها الثقافة بين التثبيت والاكتشاف ضمن مسار واحد أكثر اتساعا. 

جوائز عربية حقق الكتّاب والباحثون العمانيون حضورا متقدما في عدد من الجوائز العربية خارج سلطنة عمان، في مسار يعكس اتساع الاعتراف بالتجربة العمانية وتنوّع الحقول التي باتت تنافس فيها، من البحث العلمي إلى السرد والشعر وأدب الطفل، وهذا الحضور توزّع على منصات تقييم مختلفة حيث سجّلت جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم في دورتها الثانية والأربعين حضورا عمانيا لافتا؛ حيث نال عبدالله بن محمد بن علي الكمزاري والدكتور وليد أحمد عبده أبو رية الجائزة الأولى في الدراسات التربوية والنفسية، وفي الحقول الأدبية برز الشعر والسرد العماني بوضوح، إذ فاز قصي بن سالم بن خلفان النبهاني بالمركز الأول في الشعر الفصيح العمودي، وحصل محمد بن عبدالله بن محمد القاضي على المركز الثاني في الشعر الفصيح الحديث، بينما نال أحمد بن سعيد بن عامر المعمري الجائزة الأولى في الشعر الشعبي، تلاه مشعل بن خصيب بن جمعة السعدي في المركز الثاني. وفي السرد فازت روان بنت ناصر بن خليفة الكلبانية بالمركز الأول في القصة القصيرة، وجاء حمد بن عبدالله بن حمد المخيني ثانيا، فيما حصل محمد بن عبدالرحمن بن علي قرط على المركز الثاني في النص المسرحي، وحقق اليقظان بن إسماعيل بن محمد اليماني المركز الثاني في شعر الأطفال، وهو تنوّع يؤكد قدرة التجربة العمانية على الاشتغال داخل أشكال تعبيرية متعددة ضمن منافسة عربية عالية السقف. 

إلى جانب ذلك سجّل الأدب العماني حضورا بارزا في جائزة عبدالحميد شومان لأدب الأطفال في الأردن، بفوز رقية بنت عبدالله بن سعيد البادية بالمركز الأول عن عملها مدينة الحجارة الناطقة، وفي الإمارات فازت الدكتورة غالية بنت عيسى الزبيدية علي بجائزة سرد الذهب التي ينظمها مركز أبوظبي للغة العربية عن عملها القصصي بئر الغياب في فرع القصة القصيرة للأعمال غير المنشورة، كما حقق علي الحارثي فوزا في جائزة كنز الجيل التي ينظمها مركز أبوظبي للغة العربية، عن قصيدته صدى النور في فئة المجاراة الشعرية، وفي الفنون البصرية برز الحضور العماني على منصات دولية عالية التنافس، بفوز المصمم هيثم البوصافي بجائزة أفضل تصميم في بينالي لندن للتصميم عن عمله شبكة الذاكرة، وهو إنجاز يعكس قدرة التصميم العماني على الاشتغال على مفاهيم معاصرة مثل الذاكرة والتشابك والعلاقة بين الفرد والمجتمع. وفي مجال التصوير الفوتوغرافي سجّل أحمد الحوسني حضورا لافتا بفوزه بالمركز الأول في مسابقة الدوحة الدولية للتصوير الضوئي. 

كما برزت الرواية العمانية في واجهة المنصات العربية الكبرى عبر حضور نوعي في جوائز ذات ثقل نقدي وتنافسي، وهو حضور يعكس اتساع دائرة اختبار السرد العماني خارج الإطار المحلي ودخوله فضاءات تقييم أكثر تعقيدا وتعددا في المعايير فوصول رواية أحمد الرحبي بوصلة السراب إلى القائمة القصيرة لجائزة كتارا للرواية العربية وضع العمل في قلب نقاش سردي عربي يهتم بالبنية الفكرية للنص وباشتغاله على الأسئلة المعرفية والوجودية، وبقدرته على بناء عالم روائي متماسك يتجاوز الحدث إلى التفكير في المعنى، وفي السياق نفسه سجّلت رواية البيرق.. هبوب الريح لشريفة التوبية حضورا في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، في محطة تعكس اهتماما متزايدا بالسرد الذي يعيد قراءة التاريخ الاجتماعي والسياسي ضمن قالب روائي، ويضع النص أمام فضاء نقدي يتعامل مع الرواية كوثيقة سردية قادرة على تفكيك الذاكرة وطرح الأسئلة المتعلقة بالتحولات والسلطة والهامش والتمثيل، وهي قضايا حاضرة بقوة في الرواية العربية المعاصرة. 

**media[3240349]**

اعتراف عالمي 

على المستوى الدولي اتسع حضور التجربة العمانية خارج الإطار العربي عبر اعترافات ثقافية وبيئية أعادت إدراجها ضمن نقاشات كونية أوسع؛ حيث إدراج اسمَي عبدالله بن علي الخليلي ومحمد بن يزيد الأزدي «المبرّد» ضمن برنامج اليونسكو للاحتفاء بالمناسبات الثقافية الكبرى نقل الإرث الفكري العماني من التداول الأكاديمي المتخصص إلى فضاء الذاكرة الإنسانية المشتركة، وفي المسار نفسه، جاء إدراج محميّتَي الجبل الأخضر والسرين ضمن الشبكة العالمية لمحميّات الإنسان والمحيط الحيوي ليؤكد انتقال المقاربة البيئية في سلطنة عمان من منطق الحماية المنفصلة إلى نموذج يربط التنوع البيولوجي بالمجتمع والتنمية المستدامة. كما سجّل إدراج أربعة مواقع تراثية عمانية ضمن النسخة الأولى من السجل العربي للتراث المعماري والعمراني تحوّلا في موقع العمارة العمانية داخل المقاربة العربية للتراث؛ حيث تم اختيار مسجد الشواذنة في نزوى، وجامع آل حمودة بجعلان بني بوعلي، وقلعتي نزوى وصحار. 

مبادرات شبابية 

شهدت المبادرات الشبابية خلال العام انتقالا واضحا من الفكرة الفردية إلى العمل المنظم ذي الأثر، مع اتساع نطاق الدعم ليشمل عشرات المبادرات في مختلف المحافظات، وتنوّع مجالاتها بين الثقافة والإعلام والفنون والبيئة والابتكار المجتمعي. هذا التراكم، الذي امتد على سنوات، أخرج المبادرات من الطابع الموسمي إلى مشاريع مرتبطة بالسياق المحلي وقادرة على إنتاج أثر اجتماعي وثقافي ملموس. جائزة الإجادة الشبابية جاءت لتكريس هذا التحول عبر إبراز نماذج اشتغلت على قضايا واقعية، من الدعم النفسي إلى العمل التطوعي وبناء المبادرات المستدامة، فيما عزّز الحضور الرقمي لمشاريع شبابية إعلامية هذا المسار، عبر استخدام المنصات الجديدة كأدوات وعي ونقاش. 

ما قرأه العمانيون؟ 

اتجهت اختيارات القراءة في سلطنة عمان نحو كتب تشتغل على الأسئلة الثقيلة وتتجنب المسارات السهلة، مع انصراف واضح عن العناوين الخفيفة والسرد الترفيهي لصالح كتب تفتح ملفات الدولة والتاريخ والذاكرة والمجتمع والتحولات الاقتصادية، وهذا الميل ظهر في حركة التداول والطلب لدى عدد من المكتبات ونقاط التوزيع المحلية، التي رصدت حضورا مستمرا لعناوين تتطلب قارئا يسعى إلى الفهم لا الاستهلاك السريع.. في هذا السياق برز كتاب «نظام الحكم في عمان: من إمامة الانتخاب إلى السلطنة الوراثية» للدكتور محمد اليحيائي، لما يقدمه من قراءة معمقة لمسار الحكم وتحولاته عبر تفكيك العلاقة بين السياسة والفقه وبناء الدولة. وفي السرد الروائي حضرت رواية «سرّ الموريسكي» لمحمد العجمي، مستثمرة التاريخ الأندلسي في مساءلة الذاكرة والمعرفة والسلطة، فيما واصلت رواية «سجين الزرقة» لشريفة التوبية تداولها لجرأتها في مقاربة قضية مجهولي النسب وأثر الوصمة الاجتماعية، وفي مجال الدراسات لقي كتاب «أمننة الطاقة: رحلة تحولات في عمان (1920–2020)» للدكتورة لمياء حارب اهتماما ملحوظا، رابطا ملف الطاقة بالتحولات السياسية والاقتصادية ضمن سياق تاريخي طويل، ومتقاطعا مع النقاش العالمي حول الموارد وسلاسل الإمداد 

لحظات ثقافية 

شكّلت بعض اللحظات الثقافية العالمية نقاط ارتكاز كاشفة لعلاقة الإبداع بالواقع وقدرته على تجاوز الجغرافيا إلى أسئلة إنسانية أوسع. فوز الكاتب المجري لازلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل للآداب أعاد النقاش حول الكتابة ما وراء الحداثية التي تقوم على القلق الفلسفي والبناء الملحمي وتعامل النص كمساحة تفكير مفتوحة، وفي السينما، أكّد فوز المخرج الإيراني جعفر بناهي بالسعفة الذهبية في مهرجان كان قدرة الصورة على إنتاج موقف أخلاقي من داخل لغتها الجمالية وتحويل القيود إلى أداة مساءلة. وفي السياق نفسه، نقل فوز فيلم «صوت هند رجب» بجائزة الأسد الفضي في مهرجان فينيسيا مأساة الطفلة الفلسطينية من الخبر العابر إلى السرد السينمائي العالمي، وفتح نقاشا حول العدالة السردية وحق رواية الألم، مع تثبيت التجربة الفردية داخل الذاكرة الإنسانية العامة.