"عواصم "وكالات": نقلت صحيفة إزفيستيا عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله في تصريحات نشرت اليوم إن المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة في ميامي حول سبل حل النزاع في أوكرانيا لا ينبغي النظر إليها على أنها انفراجة فالطريق لا يزال طويلا.
وعقد مسؤولون أمريكيون مطلع هذا الأسبوع اجتماعات في ميامي حول الشروط الممكن تنفيذها لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، التي بدأت في فبراير 2022. وضمت المحادثات مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين وشملت عقد اجتماعات منفصلة مع كيريل دميتريف، مبعوث الكرملين الذي يرأس صندوق الثروة السيادي الروسي.
ووصف المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف المناقشات بأنها "مثمرة وبناءة"، على الرغم من أن القضايا الرئيسية بما في ذلك تلك المتعلقة بالأراضي والضمانات الأمنية لا تزال محل خلاف. وقال بيسكوف لصحيفة إزفيستيا إنه من المتوقع أن تستمر المناقشات بصيغة "متأنية" على مستوى الخبراء، وإن روسيا تعطي أولوية للحصول على تفاصيل عمل واشنطن مع الأوروبيين والأوكرانيين بشأن تسوية محتملة.
وقال إن موسكو ستحكم بعد ذلك على مدى تطابق تلك الأفكار مع ما أسماه "روح أنكوريج".
والتقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أغسطس مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في مدينة أنكوريج في ألاسكا، حيث ناقشا المعايير الممكنة بما في ذلك الأراضي والضمانات الأمنية واتفقا على مواصلة مباحثات الخبراء وإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع استمرار الجهود لإنهاء الحرب.
وعلى الارض ، أعلنت السلطات الأوكرانية اليوم الثلاثاء عن انقطاع التيار الكهربائي في العديد من مناطق البلاد، عقب ضربات روسية استهدفت بنيتها التحتية، وهو ما دفع طائرات بولندية للتحليق في أجواء بلادها لتأمين مجالها الجوي.
وقالت وزارة الطاقة عبر تطبيق تلجرام إنّ "روسيا تهاجم مجددا بنيتنا التحتية للطاقة. ونتيجة لذلك، بدأت انقطاعات طارئة للتيار الكهربائي في العديد من المناطق في أوكرانيا".
ومن جانبها، أفادت الشركة المشغلة "يوكرينيرغو" عن "هجوم صاروخي وبطائرات مسيرة"، موضحة أنّ أعمال إصلاح ستبدأ بمجرّد أن يسمح الوضع الأمني بذلك.
وتأتي الانقطاعات الجديدة في التيار الكهربائي في وقت تشهد أوكرانيا درجات حرارة تلامس الصفر، أو حتى أقل من درجة التجمّد في معظم أنحاء البلاد.
وطوال الليل، حذر الجيش الأوكراني من هجمات متكررة بمسيرات وصواريخ كروز على العديد من المناطق، بما في ذلك في الغرب بعيدا من الجبهة.
وأعلنت وارسو صباح اليوم الثلاثاء أن سلاح الجو "البولندي والحليف (في إشارة الى حلف شمال الأطلسي)" وضع في حالة تأهّب، وحلّقت مقاتلات في أجواء البلاد كإجراء وقائي على خلفية الضربات الروسية على الأراضي الأوكرانية.
ويتم تفعيل هذا الإجراء بانتظام عندما تستهدف الضربات المناطق الأوكرانية الغربية القريبة من الحدود البولندية.
وتأتي عمليات القصف غداة مقتل الجنرال فانيل سارفاروف في انفجار سيارته في موسكو، وهو ثالث اغتيال لضابط عسكري روسي رفيع المستوى في غضون ما يزيد قليلا عن عام.
ولم تعلّق كييف على عملية الاغتيال.
روته يحذر: يجب ضمان بقاء أوكرانيا قوية
وفي سياق متصل ، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مارك روته، قبيل عيد الميلاد (الكريسماس) إلى مواصلة دعم أوكرانيا، محذرا في الوقت نفسه من مخاطر أمنية على الدول الأوروبية في الحلف.
وقال روته في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية إنه لمنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الإقدام على مهاجمة أي دولة عضوة في الناتو، يجب ضمان بقاء أوكرانيا قوية، إضافة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي كما تقرر في قمة الناتو في لاهاي، وأضاف: "إذا قمنا بهذين الأمرين، سنكون أقوياء بما يكفي للدفاع عن أنفسنا، ولن يجرؤ بوتين على المحاولة مطلقا".
وأكد روته، الذي شغل سابقا منصب رئيس وزراء هولندا، أن عملية تعزيز القدرات الدفاعية يجب أن تتم بسرعة، موضحا أن تقديرات أجهزة استخبارات مختلفة تشير إلى أن الوضع قد يصبح خطيرا اعتبارا من عام 2027 أو 2029 أو 2031 إذا لم يحدث ذلك.
وأوضح روته أن بوتين ينفق حاليا أكثر من 40% من ميزانية الدولة على التسلح، لافتا إلى أن الحرب في أوكرانيا أظهرت استعداد بوتين للتضحية بـ1.1 مليون شخص، في إشارة إلى تقديرات أعداد القتلى والجرحى من الجانب الروسي. وبشأن فرص نجاح المبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب العام المقبل، قال روته: "لا أريد تقديم أي توقعات"، مضيفا أن الأمريكيين والأوروبيين وأوكرانيا يعملون بجد لتحقيق ذلك، مؤكدا أنه بعد أي نهاية محتملة للحرب، ستكون هناك حاجة إلى ضمانات أمنية قوية للغاية لأوكرانيا، "حتى يعلم بوتين أنه إذا حاول مرة أخرى، سيكون رد الفعل مهلكا".
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، قال روته إنه لا يشعر بأي قلق بشأن التزامها بالناتو حتى تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، وقال: "لا يساورني أي قلق على الإطلاق بشأن الولايات المتحدة لأنها تشعر بالتزام كامل تجاه حلف الناتو"، مشيرا إلى أن الاستراتيجية الأمنية الوطنية الأمريكية تؤكد أن أمن أوروبا يمثل أولوية للولايات المتحدة، إضافة إلى أهمية وجود ناتو قوي وتعاون وثيق بين الولايات المتحدة والجزء الأوروبي من الحلف، لافتا إلى أن لدى الولايات المتحدة مصالح واضحة داخل الناتو، مثل قضية الدفاع عن منطقة القطب الشمالي التي لا يمكن حمايتها إلا بشكل مشترك.
وأعرب روته عن تفاؤله إزاء التطورات في مجال الإنفاق الدفاعي، خاصة في ألمانيا، قائلا: "ما تفعله ألمانيا حاليا مثير للإعجاب"، مؤكدا أن ذلك أمر حاسم لأن ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا، وأضاف: "من دون ألمانيا لا يمكن تحقيق ذلك. على ألمانيا أن تظهر هذا الدور القيادي تجاه الآخرين - وهذا ما تفعله". وأشار روته إلى أن ألمانيا تستهدف رفع الإنفاق الدفاعي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2029 بدلا من .2035
تجدر الإشارة إلى أن حجم الإنفاق الدفاعي في ألمانيا العام الماضي بلغ نحو 2%.
المانيا تحذر من الركون إلى الأمان بتوقف الحرب
من جهة اخرى ، حذر وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول من الركون إلى الأمان في حال نجاح الجهود الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وقال الوزير المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية في برلين: "تحليلنا هو - وسيظل في المستقبل المنظور - أننا لا نستطيع تحقيق الأمن في أوروبا إلا من خلال حماية أنفسنا من روسيا"، مؤكدا أن الأمن لا يتحقق "إلا من موضع قوة، وتماسك في التحالف، وجيش ألماني قادر على الدفاع".
وأضاف فاديفول أنه لا يريد التكهن بمدى خطورة أن يستغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقف إطلاق النار ليصبح قادرا بصورة أسرع على مهاجمة أراض تابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وقال: "لا يسعني إلا أن أنصحنا بأن نتهيأ لإمكانية حدوث ذلك"، موضحا أن هذه التهيئة يجب أن تتم عبر بناء هياكل أمنية في الناتو وإعادة هيكلة الجيش الألماني بشريا وماديا ليصبح جيشا قادرا بالكامل على الدفاع عن الوطن والتحالف.
وأكد الوزير أنه لا ينبغي تقليص جهود الدفاع عن الوطن والتحالف، وقال: "لا يوجد أي سبب يجعلنا نقلل من جهودنا، بل على العكس تماما... لا يسعني سوى أن أنصح بشدة بألا نجري أي تقليص في كل هذه المشاريع والخطط، لأن موضع القوة وحده هو الذي سيؤدي إلى مزيد من الأمن لنا في الناتو، وأيضا لنا في ألمانيا".
وحذر فاديفول من أن نجاح الجيش الروسي عسكريا بشكل مستدام في أوكرانيا "سيمثل خطرا كبيرا على الناتو"، مؤكدا أن دعم أوكرانيا يظل في صميم المصلحة الأمنية، وقال: "كلما كانت وضعية السلام في أوكرانيا أكثر استقرارا، وكلما كانت أوكرانيا قادرة على الحفاظ على مصالحها، كلما كان ذلك أفضل لأوروبا كلها".
وكان وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس قد قال في منتصف نوفمبر الماضي إن روسيا ستكون قادرة بعد إعادة بناء قواتها على شن هجوم على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا، وأضاف: "قلنا دائما إن ذلك قد يحدث اعتبارا من عام 2029"، مشيرا إلى أن آخرين يرون أن ذلك ممكن أن يحدث اعتبارا من عام 2028 .
وتجرى حاليا مفاوضات متكررة بين كبار المفاوضين من الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا، إلا أن وقف إطلاق النار لا يلوح في الأفق بعد.
وشدد فاديفول على أهمية تقديم ضمانات أمنية جادة لكييف، خاصة من الولايات المتحدة، وقال: "هذا يعني بالطبع تعهدا واستعدادا حقيقيا أيضا من مقدمي الوعود للوقوف إلى جانب أوكرانيا إذا تعرضت مجددا لهجوم من روسيا"، موضحا أن أوكرانيا لا يمكن أن تكون مستعدة لتقديم تنازلات - أيضا فيما يتعلق بتخل محتمل عن أراض - إلا إذا كان ذلك مصحوبا بضمانات أمنية قوية من الغرب، وفي المقام الأول من الولايات المتحدة.
وأشار فاديفول إلى أن الأوروبيين سيكون عليهم أيضا تقديم مساهمات، وقال: "كيف سنصوغ هذه المساهمات، سنتحدث عن ذلك بشكل معمق عندما يكون لدينا وقف لإطلاق النار، وعندما نرى بجدية أن روسيا مستعدة للتفكير جديا في السلام".
وأبدى فاديفول تحفظا إزاء مبادرة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني (بوندستاج)، أرمين لاشيت، الذي دعا إلى تعيين مبعوث خاص للاتحاد الأوروبي من أجل روسيا، وقال: "أنا ضد أي محظورات فكرية من حيث المبدأ. لكن إذا كان هناك وقت ذهبي للدبلوماسية، فإننا نعيشه الآن".
وأكد الوزير انفتاحه على إشراك جميع الهياكل في أوروبا في المفاوضات، مشيرا في المقابل إلى ضرورة انتظار تحديد الأشخاص والهياكل المعنية. وذكر فاديفول أن ما يسمى بـ"تحالف الراغبين"، الذي ضم إلى جانب الدول الأوروبية المهمة كلا من كندا واليابان، اضطلع في الماضي بدور مهم، وأضاف: "أنا مقتنع بأن أولئك الذين شاركوا بقوة حتى الآن يجب أن يضطلعوا بدور قوي أيضا في المستقبل".