ترجمة: أحمد شافعي -

ظلت واشنطن لسنين تتجادل في كيفية التعامل مع الإخوان المسلمين. إلى أن قلب الرئيس دونالد ترامب جدال عقد من الزمن باختياره الدقة في الاستهداف الجراحي لفروع الإخوان التي تستوفي معايير الإرهاب بموجب القانون الأمريكي.

جماعة الإخوان المسلمين بالنسبة لأغلب الناس فكرة مجردة. هي كيان يتألف من فروع وطنية تشترك في إرث أيديولوجي لكنها غالبا ما تنفصل في التطبيق.

فبعض هذه الفروع أحزاب سياسية، وبعضها أصبح حركات مسلحة، ومنها ما هو ثابت على العمل الخيري.

وبسبب الطبيعة المتغيرة لمختلف الفروع بات صعبا على الولايات المتحدة أن تصنف جماعة الإخوان المسلمين بأكملها بوصفها منظمة إرهابية؛ فالجماعة تفتقر إلى مقر واحد، أو قيادة موحدة، أو هيكل تنظيمي يظهر سيطرتها على الفروع المتعددة.

حينما تأسست الجماعة في عام 1928 على يد المعلم المصري حسن البنا، كانت لها سلطة مركزية ومرشد أعلى وعلاقات وثيقة مع الفروع في مختلف أرجاء الشرق الأوسط.

وبمرور الزمن، تشظى ذلك الهيكل. واستمرت الفروع الوطنية والجماعات التابعة تشترك مع الفرع الأصلي في الأيديولوجية ولكنها تعمل على نحو مستقل، متكيفة مع بيئاتها الخاصة.

ويبدو أن واشنطن أدركت هذا الأفق فهي تتبنى نهجا أكثر فعالية، لا يتعامل مع «الإخوان المسلمين» بوصفها كيانا واحدا وإنما تركز بدلا من ذلك ـ وبحسب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب ـ على أشد فروعها عنفا بموجب صلاحيات مكافحة الإرهاب القائمة. هذه الاستراتيجية القائمة على أساس الفروع تعطي صناع السياسة مسارا أشد مباشرة لتصنيف كل حالة على حدة، والمضي في حملة مستدامة «للقضاء على قدرات وعمليات الفروع المستهدفة».

يشير الأمر التنفيذي صراحة إلى ثلاثة فروع باعتبارها أهدافا محتملة للتصنيف: الجماعة الإسلامية اللبنانية، وجماعة الإخوان المسلمين المصرية، وجماعة الإخوان المسلمين الأردنية. ووفقا للأمر التنفيذي، فإن الجناح العسكري للفرع اللبناني قد «ساعد جماعات إرهابية في إطلاق هجمات صاروخية عدة على إسرائيل»، وإن الفرع المصري «شجع هجمات عنيفة على شركات للولايات المتحدة»، وإن جماعة الإخوان المسلمين الأردنية «وفّرت دعما عسكريا لجناح حماس المقاتل».

بعد هجمة السابع من أكتوبر بقيادة حماس، تبنت الجماعة الإسلامية سبع هجمات على إسرائيل من أراض لبنانية. وأعلن الأمين العام محمد طكوش أن «التعاون مع جماعة مثل حماس شرف لأنها أشرف حركة تحرير».

واستمر دعم الجماعة لحماس. إذ وصف الزعيم السياسي للجماعة بسام حمد في يونيو 2024 علاقة الجماعة بحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني بأنها «تاريخ طويل من الجهاد والعمل السياسي والاجتماعي والدعوي».

ويرجع المحللون اصطفاف الجماعة مع حماس إلى انتخابات القيادة عام 2022 التي منحت القوة لفصيل وثيقة العلاقة بحماس. وفي تقرير لمجلة (المجلة) السعودية جاء أن الفصائل الممولة من حماس وتعمل تحت مظلة كتائب القسام قد نفذت العديد من الهجمات التي تبنتها الجماعة الإسلامية.

والتعاون بين حماس والجماعة الإسلامية أعمق من المستوى الخطابي. إذ اعترف مسئول رفيع المستوى في الجماعة الإسلامية بأن الجماعة نفذت عمليات مشتركة مع حماس، وأن عضوين لبنانين في الإخوان المسلمين كانا يعملان حارسين شخصيين لنائب قائد حماس صالح العروي حينما قتلته إسرائيل في بيروت.

وقال مدير المكتب السياسي للجماعة الإسلامية علي أبو ياسين صراحة: إن «جميع القوات التي تعمل في جنوب لبنان تقوم بتنسيق الأعمال في ما بينها».

وحينما اغتالت إسرائيل أبو محمد محمود جبر قائد الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، في غارة جوية، نعته كتائب القسام باعتباره عضوا فيها. وفعلت حماس مثل ذلك بعد اغتيال محمد عطوي القيادة في الجماعة الإسلامية في أبريل 2025 قائلة: إنه كان يعمل معها مباشرة في تيسير الهجمات على إسرائيل.

ويظهر لدى جماعة الإخوان المسلمين الأردنية نمط مشابه من التقارب مع حماس؛ فعلى مدى العقد الماضي، عزَّزت حماس نفوذها باطراد داخل فرعها الأردني. وخلص تقييم أُجري في عام 2017 إلى أن «حماس عملت بشكل منظم مع جماعة الإخوان الأردنية...فضخَّت أموالا طائلة من أجل تجنيد الأعضاء»، مما أسهم في تكوين فصيل موال لحماس يهيمن الآن على مجلس شورى الإخوان.

وفي السنوات الأخيرة، وجهت جماعة الإخوان الأردنية نداءات صريحة إلى حماس لإعادة فتح مكاتبها في الأردن، بعد عقدين من إغلاق السلطات لها سنة 1999. وبعد السابع من أكتوبر، كان متظاهرون منتمون للإخوان غالبا ما يرتدون عصابات رأس تحمل شعار حماس ويهتفون: «الأردن كله حماس!» أو «نحن رجالك يا محمد ضيف»، في إشارة إلى قائد حماس العسكري الراحل.

وبينما ركزت جماعة الإخوان الأردنية طويلا على النشاط السياسي، تغيَّر موقفها بعد السابع من أكتوبر. ففي أكتوبر من عام 2024، تسلل أردنيان منتميان إلى الإخوان إلى إسرائيل وأصابا اثنين من الإسرائيليين. وأكد المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، معاذ الخوالدة، أن المهاجمين كانا «عضوين في الجماعة» يشاركان بانتظام في أنشطة مؤيدة لحماس.

وبحلول أبريل 2025، أفادت مديرية المخابرات الأردنية بأن أفرادا مرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين متورطون في «تصنيع صواريخ وطائرات مسيّرة، وحيازة متفجرات وأسلحة نارية، وتجنيد عناصر في الأردن وخارجه». وقال أعضاء إثر اعتقالهم: إن قائدهم كان يدير العمليات من لبنان، حيث كان المتدربون على الأرجح يتلقون التمويل والتدريب من حماس والفرع اللبناني لجماعة الإخوان المسلمين.

تكمن قوة الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب في تفعيله لسلطات مكافحة الإرهاب الأمريكية القائمة، أكثر مما تكمن في إنشاء هياكل جديدة تماما.

فتقديم «الدعم المادي» لكيان خاضع للعقوبات يعد في ذاته سببا كافيا لفرض عقوبات على من يقوم بذلك. ومن المرجح أن تعد العمليات المشتركة مع حماس وتسهيل الهجمات لها، فضلا عن روابط جمع التبرعات، دعمًا ماديًا من الجماعة الإسلامية اللبنانية وجماعة الإخوان المسلمين الأردنية.

كما يمكن تصنيف الفرعين مباشرة بوصفهما منظمتين إرهابيتين أجنبيتين لـ»ممارستهما أنشطة إرهابية». فضلا عن ذلك، يمكن أن تعتمد الإدارة على الأمر التنفيذي رقم 13224، الذي يسمح لوزارة الخزانة بفرض عقوبات على الجماعات التي تساعد الإرهاب أو تدعمه، بما يمكِّن واشنطن من إدراج فروع جماعة الإخوان المسلمين وقيادتها ضمن قائمة الإرهابيين العالميين المصنفين تصنيفا خاصا (SDGT)، وهو تصنيف يكمل تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية بما يسمح بتجميد الأصول على نطاق أوسع.

غير أن الأمر لا ينبغي أن يتوقف عند تصنيف فروع جماعة الإخوان المسلمين نفسها. بل ينبغي على واشنطن أيضا أن تنظر في استهداف الشبكات التي تيسر أنشطة هذه الجماعات.

ويجب أن ينصب التركيز على الجمعيات الخيرية التي تيسر جمع التبرعات، وعلى المظلة الأوسع للمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمؤسسات المالية التي تدعم عملياتها؛ فجماعة الإخوان المسلمين تسعى إلى ترسيخ وجودها بعمق في المجتمعات المضيفة، مما يتطلب ردًا لا يقل شمولًا.

أحمد شعراوي محلل أبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، متخصص في شؤون الشرق الأوسط وبلاد الشام.

الترجمة عن ذي ناشونال إنتريست