بمحطات ثقافية ونقدية وأمسيات توثّق تنوّع التجارب وتحتفي بالمكرّمين - 

اختتمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب مساء أمس فعاليات مهرجان الشعر العماني في دورته الثالثة عشرة، بعد خمسة أيام متواصلة من الأمسيات والقراءات والندوات، بمشاركة نخبة من الشعراء العمانيين وعدد من الشعراء العرب، وذلك في حفل أُقيم على مسرح وزارة الإعلام بمحافظة مسقط، تحت رعاية معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسقط.


وشهد حفل الختام كلمة ألقاها الدكتور الشاعر عمر محروس الصيعري نيابة عن الشعراء المشاركين، عبّر فيها عن تقدير المشاركين لما حظي به المهرجان من تنظيم وعناية، موجها الشكر إلى وزارة الثقافة والرياضة والشباب على جهودها في تقديم دورة جاءت بصورة تليق بتاريخ عمان الثقافي ومكانتها الحضارية، مؤكدا أن المهرجان تجاوز كونه فعالية احتفالية إلى كونه فضاء مفتوحا للكلمة ومنصة للحوار الثقافي والتفاعل الإبداعي، أسهمت في تعزيز حضور الشعر في المشهد الثقافي المعاصر.


وأكد "محروس": أن هذه الدورة اتسمت بقدر أوضح من النضج مقارنة بالدورات السابقة، من حيث التعامل مع الشعر بوصفه ممارسة ثقافية ذات أثر ممتد، وهو ما انعكس في تنوع الأصوات المشاركة، والانفتاح على تجارب شعرية متعددة من داخل سلطنة عمان وخارجها، إلى جانب الرهان الواعي على حضور المدارس الشعرية المختلفة، بما يعكس انفتاح المشروع الثقافي العماني على الإبداع العربي، وإيمانه بدور الشعر في جمع الذائقة والارتقاء بالوعي.


وتوقف الشاعر عمر محروس في كلمته عند استمرارية الشعر وقدرته على التجدد، مستحضرا بيتين لأبي تمام، في إشارة إلى أن مهرجان الشعر العماني بات محطة مضيئة في المشهد الثقافي، تكرس حضور الشعر كأحد روافد الجمال والوعي، كما ثمّن حسن الضيافة ودقة التنظيم ودفء الاستقبال، وما صاحب المشاركة من اهتمام بالتفاصيل، مؤكدا أن ذلك جعل من المهرجان تجربة إنسانية وثقافية ستظل حاضرة في الذاكرة.


وتضمّن حفل الختام عرض فيلم وثائقي استعرض يوميات مهرجان الشعر العماني في دورته الثالثة عشرة، مقدما توثيقا بصريا لأبرز محطاته، من أمسيات شعرية وجلسات فكرية وقراءات نقدية في تجارب الشعراء العمانيين المكرمين، إلى جانب إسهامات ضيوف المهرجان من الشعراء العرب، في صورة عكست حيوية المشهد الشعري ودور المهرجان في تعزيز الحراك الثقافي وترسيخ مكانة الشعر في سلطنة عمان.


وفي ختام الحفل، قام معالي السيد راعي المناسبة بتكريم الشعراء المشاركين في المهرجان من شعراء متأهلين في المجالين "الفصيح" و"الشعبي" وضيوف من خارج سلطنة عمان وداخلها.
وكانت الفعاليات قد سبقت اليوم الختامي بأمسية شعرية خُصصت للشعر الشعبي، شهدت مشاركة الشعراء أحمد المغربي، وأحمد المعمري، وبدر البهلولي، وبدر السناني، وصالح الحاتمي، وعبدالعزيز العميري، وعلي الراسبي، وناصر الحضرمي، وناظم البريدعي، ونبهان الصلتي، حيث قدّم المشاركون نصوصا تنوعت في موضوعاتها وأساليبها، واستحضرت جماليات القصيدة الشعبية وتعدد أصواتها.


كما شهدت الأمسية ذاتها جلسة شعرية لعدد من ضيوف المهرجان في مجال الشعر الشعبي، بمشاركة أصيلة السهيلية، وطاهر العميري، وسعيد الحجري، وصالح الريسي، ونواف الشيادي، الذين أمتعوا الحضور بنصوص حملت تجاربهم الخاصة، وأسهمت في إثراء المشهد الشعري، واختتمت بها قراءات المهرجان في أجواء تفاعلية عكست حضور الشعر وتنوع تجلياته.


تجدر الإشارة إلى أن مهرجان الشعر العماني في دورته الثالثة عشرة قدّم على مدى أيامه برنامجا ثقافيا متنوعا، جمع بين القراءات الشعرية، والجلسات النقدية، والاحتفاء بالتجارب المكرّمة، حيث انطلقت فعالياته بجلسات قراءات في تجارب المكرّمين في مجالي الشعر الفصيح والشعبي، تناولت منجز الشاعر الشيخ محمد بن عيسى بن صالح الحارثي، والشاعرة الراحلة هلالة بنت خليفة الحمدانية، والشاعر سالم بن علي الكلباني، والشاعر حمود بن سليمان الحجري، في مقاربات نقدية استعرضت مساراتهم الإبداعية وإسهاماتهم في المشهد الشعري العماني.


كما شهد المهرجان أمسيات شعرية متعددة، قدّم خلالها الشعراء المتأهلون في مجالي الشعر الفصيح والشعبي، إلى جانب ضيوف المهرجان من سلطنة عمان والدول العربية، مختارات من نصوصهم، عكست تنوّع التجارب والأساليب، واتساع أفق القصيدة العمانية والعربية، في تفاعل واضح مع جمهور الشعر.


وواكب البرنامج الشعري حضور نقدي وفكري، إلى جانب عروض فنية وتوثيقية استحضرت ذاكرة المهرجان ومسيرته، مؤكدا بذلك دوره منصة ثقافية تجمع بين الوفاء للتجارب الشعرية الراسخة والانفتاح على الأصوات المعاصرة، وترسّخ مكانة الشعر كأحد المكونات الأساسية للهوية الثقافية في سلطنة عمان.