العوابي - حارث بن ناصر البحري
تعد مزرعة جلب في وادي بني خروص بولاية العوابي من أبرز المزارع التقليدية في سلطنة عُمان؛ حيث تتمتع بجمال طبيعي فريد وموقع مميز يبعد حوالي 170 كيلومترًا عن العاصمة مسقط. وتجمع هذه المزرعة بين الأصالة الزراعية والتاريخ العماني الغني ما يجعلها وجهة سياحية وزراعية جذابة. وتتميز مزرعة جلب بنظام المدرجات الزراعية المتدرجة على سفوح الجبال؛ حيث تُروى المحاصيل بطرق ري تقليدية عبر جداول مائية تمتد لأكثر من ثلاثة كيلومترات، وتُعد المدرجات الزراعية من العناصر الجمالية التي تضفي طابعًا ساحرًا على المكان؛ حيث تندمج الهندسة الزراعية مع الطبيعة الخلابة. في فصل الشتاء يكتسي المكان بحلة خضراء نابضة بالحياة ما يعزز جاذبيته للسياح.
وتعد مزرعة جلب -بجانب مكانتها الزراعية والسياحية- مركزًا اقتصاديًا متناميًا يسهم في تسويق المنتجات الزراعية المحلية؛ حيث فتحت هذه المزرعة آفاقًا جديدة لرواد الأعمال من الشباب العُماني الذين يسعون لتحقيق أحلامهم في عالم الأعمال. ومن أبرز المشاريع التي انطلقت من مزرعة جلب «مقهى جلب» الذي يُعد من الوجهات الواعدة في المنطقة، ويقدم مجموعة متنوعة من القهوة المحلية والعالمية بالإضافة إلى العصائر الطازجة والحلويات، كل ذلك في أجواء ريفية هادئة. ولا ننسى «مقهى الشجرة» الذي يتميز بتقديم الوجبات الخفيفة في موقعه الرائع وسط الطبيعة الخضراء. الجدير بالذكر أن المشروعين يُداران بأيدي شباب عُمانيين طموحين ما يعكس روح المبادرة والتجديد.
مهرجانات زراعية مبهجة
بالتعاون مع أهالي القرية ينظم الشباب مهرجانات للمحاصيل الزراعية في فصل الصيف؛ بهدف تنشيط الحركة السياحية، والترويج للمنتجات المحلية. وتعد هذه المهرجانات فرصة رائعة للاحتفال بإنتاج العنب المتميز الذي تشتهر به مزرعة جلب. وتستقطب هذه الفعاليات الزوار والمزارعين؛ حيث يمكنهم التعرّف على أنواع العنب المختلفة، وتذوق المنتجات الطازجة، والاستمتاع بالأنشطة الثقافية والترفيهية. كما تُشجع هذه المهرجانات الشباب على الابتكار والاستثمار في القطاع الزراعي ما يدعم المزارعين، ويعزز الهوية الزراعية للمنطقة. وتمثل مزرعة جلب نموذجًا يُظهر كيف يمكن للزراعة والسياحة أن يتعاونا معًا لدعم الاقتصاد المحلي. ومن خلال توفير فرص عمل وتطوير مشاريع صغيرة تُسهم المزرعة في تمكين المجتمعات الريفية، وتعزيز روح التعاون والإبداع بين الشباب العماني.
مشاريع تنموية
ساهم مكتب محافظة جنوب الباطنة في تحسين الطريق المؤدي إلى مزرعة جلب ما أضفى جمالًا على القرية وسهّل الوصول إليها. وساهم هذا التطور في زيادة أعداد الزوار، وتعزيز الإقبال السياحي؛ حيث تشهد المزرعة حاليًا تنفيذ مشاريع تنموية تهدف إلى تطويرها بشكل مستدام، وتركز هذه المشاريع على تحسين البنية الأساسية، ودعم الزراعة المستدامة مع توظيف الموارد الطبيعية والتراثية لجعل مزرعة جلب وجهة سياحية بارزة في ولاية العوابي.
يقول سرور بن سلام البحري أحد المهتمين بالزراعة: «المزرعة نموذج حي للزراعة التقليدية المستدامة، ونحن نحرص على الحفاظ على هويتها الزراعية مع إدخال تحسينات تعزز تطورها، ونعمل على تنظيم فعاليات موسمية مثل مهرجان العنب الذي يهدف إلى استقطاب الزوار، وتعزيز مكانة المزرعة كمزار سياحي.»
ويضيف: «تعد الزراعة في مزرعة جلب جزءًا من هويتنا وتراثنا، ونحن ملتزمون باستدامتها».
تنوع المحاصيل
تشتهر مزرعة جلب بزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل، خاصة في فصل الشتاء، مثل الثوم والبصل والبطاطس. كما يحافظ المزارعون على طرق الري التقليدية باستخدام الأفلاج، مما يعكس التراث العماني العريق. والعديد من أهالي القرية يمارسون الزراعة بأنفسهم، متوارثين هذه المهنة عبر الأجيال، مما يعزز ثقافة الاكتفاء الذاتي، ويغرس حب الأرض في نفوس الأطفال.