تحتفل سلطنة عمان غدا بيوم المرأة العمانية الذي يوافق السابع عشر من أكتوبر من كل عام. وأخذت هذه المناسبة مكانة وطنية في سياق احتفالات المجتمع بسبب المكانة التي كانت عليها العمانية عبر التاريخ العماني؛ فالاحتفاء لا يأتي في ذكرى حصول المرأة أو انتزاعها لحقوق كانت تطالب بها، ولكن في سياق تخليد أدوارها الكبيرة والتشاركية في بناء المجتمع وبناء إنسانه عبر التاريخ.

وكان هذا الأمر من بين ميزات المجتمع في عُمان الذي كانت فيه المرأة شريكة أساسية وفق الفطرة التي خلقها الله سبحانه وتعالى وهيأها لها.

ومن المهم والمجتمع يحتفل غدا بهذه المناسبة ألا يكون الحوار والنقاش في السياق التاريخي لدور المرأة ومكانتها فهو سياق تأسس بشكل طبيعي ولكن في سياق التحديات الحديثة التي تواجه المجتمعات وفي مقدمتها المجتمعات العربية والإسلامية ودراسة أدوار المرأة فيها؛ فهي تملك قدرات كبيرة في إدارة الأسرة ومحاولة تجنيبها المخاطر التي تفرزها التحولات الجذرية في المجتمعات وفي الحياة اليومية الأمر الذي أدى في بعض الأحيان إلى تآكل القيم والمبادئ وتشظي المجتمعات وهذا بدوره يؤثر بشكل كبير وبنيوي في بناء الدول.

وأهم التحديات التي تستحق النقاش في مثل هذا اليوم ولها علاقة أساسية ومبدئية بالمرأة هو التحدي المعرفي والقيمي. حيث تصنع منصات التواصل الاجتماعي ذائقة جديدة ومعايير ووعيا مختلفا عما كانت عليه المجتمعات، وهو وعي ينزاح بعيدا عن قيم المجتمع الراسخة في الكثير من الأحيان. وللمرأة دور أساسي في توجيه هذا التدفق داخل الأسرة والمدرسة. وليس شرطا أن يكون التوجيه بمنطق الوصاية، بل بمنطق التربية على التفكير النقدي، والتمييز بين المعلومة والدعاية، وبين التأثير العابر والأثر المستدام. وعندما تستطيع الأسرة بفضل المرأة في المقال الأول ضبط إيقاع القيم والمبادئ فإن ما دون ذلك يمكن ضبطه بسهولة ويسر.

هناك أيضا تحديات في المجال الثقافي والإعلامي، وللمرأة فيها قدرة كبيرة، أيضا، للمساهمة في بناء وترميم السردية العامة للمجتمع.. فقصص النجاح اليومية لديها قدرة كبيرة في بناء المخيلة الجمعية لأي مجتمع. وفي المجتمعات الكثير من النجاحات اليومية التي تحققها المرأة وهي قادرة على بث وعي جديد في أي مجتمع وهذه القصص تستحق أن تروى وتسمع وتدرس.

لذلك من المهم ونحن نحتفل بهذه المناسبة أن نقرأ التحديات التي تواجه أدوار المرأة في المجتمع المتغير، ونقرأ أو نبحث عن تلك التجارب الموجودة فعلا التي استطاعت أن تحافظ على المجتمع وقيمه في لحظة عالمية صعبة وإبرازها في الإعلام وفي المجتمع باعتبارها النماذج التي نحتاجها في هذه المرحلة.

وتبقى المرأة العمانية صاحبة تجربة حياتية مهمة في جميع الأوقات وأمام مختلف التحديات ولكن لا بدّ للمجتمع أن يتحدث عنها ويؤكد أنها التجربة التي نحتاجها والتي تملك القدرة على مجابهة كل هذه التحديات التي تفرزها متغيرات العالم ومسارات تطوره وتقدمه.