- كي لا تسقُط، في زمن غارق حتى أُذنيه في المعضلات والعوز والاحتياج، والكثير من الأنانية والفردانية، عليك أن تنظر إلى البعيد، فلا يورِث النظر أسفل القدمين، غير التعثر والسقوط والاضمحلال.

- كي لا تسقط، أُترك مسافة أمان بينك والآخر، مهما كان موقعه منك، فأنت تعرف اليوم من هو الذي أمامك، لكنك تجهل ماذا سيكون عليه يوم غد.

لا بأس أن تدع مسافة للعودة، فانحناء الجذع لا يعني انكساره، واختلاف الرؤى غير منذور بالاستدامة والبقاء.

- كي لا تسقط، كُن أكثر محبة لنفسك، عوِل على ما تملك فقط، على رصيدك من محبة الناس، فذلك ما سيخلُدُ عندما تتبدل الأحوال وينفضُ السامر.

- كي لا تسقُط، اختر المكان الذي تُحب أن ترى نفسك فيه، أن يراك فيه من تُحب، فبعض المواضع لا تليق، لا تمنع سقوفها تسرب الرياح، لا تحمي من هطل المطر، لا تمنع هجوم جيوش النمل وحشرات الليل والنهار.

ضعها في العِلية، أسِّس لها محلًا آمنًا، لا تطاله أيدي العابثين، ولا تناله مكائد الحاقدين، من ضعفاء النفوس والمنافقين وشِرار الناس ومن لا مروءة لهم.

- كي لا تسقط، حاذر قدر استطاعتك، سِحر لحظات الانتشاء وسُكرها، حين تتحرر الخواطر من معاقلها، تنفتح أبواب الارتياح المُطلق لمن تحسبه صاحبًا أو حبيبًا. أمسك عليك لسانك، فالكلمة التي تملك أنت سيدها، والتي تملكك هي سيدتك.

- كي لا تسقط، حاصر شهوة البوح والإساءة، فرب صديق اليوم استحال إلى عدو مبين ذات يوم، تذكر قول نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام: «وهل يكب الناس في النار على وجوههم، إلا حصائد ألسنتهم».

- كي لا تسقط، تعلم ألا تطلب الشيء إلا مرة واحدة، فإن الأولى لك والثانية عليك.

- كي لا تسقط، آوِ إلى الركن الشديد، إلى الله، كُن إلى جانبه سبحانه وتعالى، فكل من حولك من البشر، لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا، جُلهم قابلون للتغير والتلون، اهرب إليه، فأي قُرب غير قربه زائل، تذكر أنه لا رِضى يعدِلُ رضا الله، ولا أمان إلا أمانه.

النقطة الأخيرة..

كل يومِ تسقط ورقة من رزنامة أعمارنا، تتقزم الأشياء في أعيننا، نكتشف أن لا شيء كان يستحق الاهتمام، أو خوض حروب طاحنة، نكون أقرب ما يكون إلى حقيقة الحياة وجوهرها، حقيقتنا.

عُمر العبري كاتب عُماني