الرياض - شذى البلوشية

قصة قد يراها البعض مكررة، كتب على الأرفف، وطوابير طويلة تقف انتظارا لكاتب يوقع على إصداره، وهواتف تلتقط صورة لركن وزاوية وغلاف كتاب، وأعداد غفيرة تزداد كل مساء في معرض الرياض الدولي للكتاب، ليعتلي الكتاب عنوان القصة، وبوصلة الخريطة.
ومع حضور الكتاب في رونقه المعتاد، تحضر هنا في معرض الرياض، أشكال أخرى من المعرفة، قد تضرب في عمق التاريخ، وتعود بالزائر إلى قصص الماضي، وسلطنة عمان هي واحدة من تلك الدول التي تحضر بتاريخها العريق، عبر صفحات كتبها، ومؤلفاتها، وحضورها الحضاري بين الشعوب، ويهم الزوار ليكونوا في هذا المشهد، حاضرين.. ومتعمقين في المعرفة والسؤال عن خبايا ذاك الماضي.
وفي جانب آخر تحلّ التقنيات الحديثة ضيفا مرحبا به، لا سيما وأنها في خدمة القراءة وتقريب الكتاب من جيل الغد، رغم أنه يمكن رصد عمليات الشراء والإقبال على الكتب في أركان كثيرة، مع اختلاف المراحل العمرية، والتوجهات القرائية.
ويحتضن معرض الرياض عددا من الفعاليات ضمن برنامجها الثقافي، منها جلسات حوارية، وندوات وقراءات في كتب، ووش عمل مختلفة، إضافة إلى عروض مسرحية وأخرى خاصة بالعائلة والطفل.
جناح سلطنة عمان
وكما اعتادت معارض الكتب في شتى بقاع المنطقة، على أن مشاركة سلطنة عمان فيها تشجع الزائر على الإقبال نحوها، فرائحة اللبان هي دليل على تقريب الزوّار من أرض اللبان، ومنها تزداد رغبة السؤال عن تفاصيل أعمق حول هذه البلاد، فلم يكن زوّار المعرض مكتفين فقط بالسؤال والبحث عن كتاب في جناح سلطنة عمان، بل هم يعبرون لعوالم من التاريخ، والشعر، والفلسفة، والفن.
دعم الحراك الثقافي

**media[3148071]**


وحول الجناح تحدث سامي العبري من وزارة الثقافة والرياضة والشباب عن أهمية المشاركة والحضور في معرض الرياض الدولي للكتاب فقال: حضور سلطنة عُمان في معرض الرياض الدولي للكتاب ٢٠٢٥ يحمل أهمية كبيرة؛ فهو ليس مجرد مشاركة ثقافية عابرة، بل فرصة لتأكيد عمق الروابط التاريخية والفكرية مع المملكة العربية السعودية، وإبراز غنى التراث الأدبي والفكري العُماني أمام جمهور واسع من القرّاء والمهتمين، كما يتيح هذا الحضور للناشرين والكتّاب العُمانيين منصة للتواصل مع نظرائهم العرب والعالميين الزائرين والمشاركين في المعرض، مما يفتح آفاقا جديدة للتعاون والنشر والتوزيع إضافة إلى ذلك، يعزز صورة السلطنة كداعم أساسي للحراك الثقافي العربي، ومساهم فاعل في بناء فضاء معرفي مشترك يقوم على الحوار والانفتاح والإبداع.
وأشار العبري في حديثه إلى ما تعكسه المشاركة من رؤية عمان الثقافية: إن مشاركة سلطنة عُمان في معرض الرياض الدولي للكتاب تعكس بوضوح رؤيتها الثقافية القائمة على الانفتاح والتواصل الحضاري فهي تُبرز اهتمام السلطنة بتقديم ثقافتها كجسر للحوار مع الآخر، بعيدًا عن الانغلاق أو الاكتفاء بالداخل كما تؤكد على أن الثقافة بالنسبة لسلطنة عُمان ليست مجرد حفظ للموروث، بل وسيلة للتفاعل والإسهام في المشهد الإنساني المشترك من خلال هذه المشاركة، تُظهر عُمان إيمانها بأن الكتاب والمعرفة هما أدوات للتقارب بين الشعوب، وأن الهوية العُمانية قادرة على أن تحافظ على أصالتها وفي الوقت نفسه تنفتح على التجارب والأفكار العالمية بما يثريها ويمنحها أفقًا أوسع.
دعم البحث العلمي

**media[3148074]**


وحول مشاركة جامعة السلطان قابوس في الجناح قال يحيى الحجي: إن المشاركة جاءت ممثلة في عرض (60) إصدارًا علميًا في مختلف المجالات الدينية والأدبية والاجتماعية والتاريخية، باللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى سبع مجلات علمية محكّمة صادرة عن مختلف كليات الجامعة.
وأضاف: إصدارات الجامعة المتنوعة حظيت بإقبال جماهيري من زوار معرض الرياض للكتاب، ومن أبرز الكتب التي شهدت إقبال الجمهور: كتاب تاريخ عمان الحضاري للدكتور علي بن حسن اللواتي، وكتاب ملامح التراث الثقافي في خمسة آلاف عام (ثلاثة أجزاء) للأستاذ الدكتور فتحي عبدالعزيز الحداد، وكتاب عمان في عهد بني نبهان للدكتور عبدالله بن ناصر الحارثي، وكتاب سلطنة زنجبار في شرق إفريقيا للدكتور صالح محروس، إلى جانب مجموعة من الكتب المتخصصة في القانون والأدب والاقتصاد.
وأكد الحجي أن مشاركة الجامعة ضمن معرض الرياض ليست فقط لتقديم وعرض إصداراتها فحسب، وإنما تسعى لتقديم مادة علمية وثقافية تُجسد التوجه نحو دعم البحث العلمي وتوفير متطلباته، وتهيئة البيئة التي تحتضن أنشطته، حيث تمثّل المشاركة فرصة مهمة لعرض نتاج البحث العلمي والإصدارات المتنوعة أمام جمهور واسع من مختلف الدول، وتشجيع الباحثين على نشر الكتب العلمية، فضلًا عن إبراز الدور الدولي الذي تضطلع به جامعة السلطان قابوس في مجال البحث العلمي.

**media[3148069]**


كتب دينية وإصدارات متنوعة
وقال بدر الإسماعيلي- من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية: إن الوزارة تشارك هذا العام في معرض الرياض الدولي للكتاب بعدة منشورات أكاديمية، من ضمنها الموسوعات والمجلات والكتيبات وكتب في الفلسفة واللغة والقانون، مع بعض الكتيبات التي تهتم بجانب النشء، وأهمها: «منهاج الطالب الفقيه» الذي يعلم الناشئ الفقه والعقيدة، ومكارم الأخلاق والسير النبوية، وكذلك أعلام عمان، وهوية العماني التي تعزز فيه الانتماء، وحب الوطن.

**media[3148070]**


مركز ذاكرة عمان
وحول مشاركة مركز ذاكرة عمان قال زكريا الصقري: إن أهم الإصدارات التي شارك بها المركز تمثلت في كتاب رحلة البحث عن سبعين بدريّا، وكتاب عهد الإمام الصلت بن مالك إلى جُند سُقطرى، وكذلك خزائن المخطوطات في عُمان وأيضا شارك المركز بإصدارات جديدة «فهارس مخطوطات لخزائن عُمانية خاصة».
وحول أهمية المشاركة قال الصقري: تأتي مشاركة مركز ذاكرة عُمان في معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام، لما يمثله هذا المعرض من أهمية بالغة بحكم أن معرض الرياض يمتاز بزخم الجمهور والتغطيات الإعلامية، ويمكن أن يعرف الجمهور بالإصدارات العمانية، وثقافتها في شتى المناحي، وهو ما كان ملاحظا من إقبال الجمهور على الركن والسؤال والنقاش في عدد من الجوانب.

**media[3148073]**


مشاركة دار حدائق الفكر
وحضر الكتاب العماني بين أرفف الكتب، ووسط أروقة المعرض، وتجلى ذلك بمشاركة بعض المكتبات العمانية أبرزها دار حدائق الفكر، وفي حديث مع صاحبة الدار «نصراء المعمرية» قالت: للسنة الثالثة على التوالي نشارك في المعرض، وتعتبر الدار أول دار عمانية من تأسيس وإدارة نسائية، وقد نبعت فكرة تأسيس الدار من حبنا وشغفنا بالكتاب والقراءة، فقررنا أنا والزميلة موزة البادية، أن نقوم بتأسيس الدار، ونسعى للمشاركة في معارض الكتب المختلفة، ومعرض الرياض له ميزته الخاصة في المشاركة، لا سيما أنه من المعارض التي نلحظ فيها إقبالا جماهيريا كبيرا، وما يميز الجمهور السعودي كونه جمهور قارئ ومثقف، ويناقش حتى في عنوان الكتاب، كما تواجد كاتبان ضمن الجناح للتوقيع على إصداراتهم وهذا ما دعا الجمهور للحوار والنقاش المباشر مع الكتّاب.
وأضافت المعمرية حول ما تقدمه الدار لجمهور الكتاب: الدار تنشر الكتب بشتى صنوفها، الرواية والشعر، وجزء للأطفال وتطوير الذات، وعدة مباحث مختلفة نتطرق في إصداراتنا، ورغم أننا نساء وتواجهنا عراقيل، ولكننا حريصات جدا على وجودنا في المعارض خاصة الخليجية منها، وكان لنا حضور في معرض القاهرة للكتاب، ومن خلال هذا الحضور نسعى لإيصال رسالة مفادها «من هي المرأة العمانية؟ وما هي قدراتها، واهتماماتها، وثقافتها؟»، وهو ما نلقاه دائما من قبل الجمهور في معارض الكتب.
وعرجت المعمرية في حديثها حول الرسالة السامية التي تحرص الدار على أن تحققها من خلال عملها: أسسنا الدار وكان هدفنا ليس مرتبطا بالربح المادي، وإنما نشر رسالة حملناها على عاتقنا، ونحاول إيصالها لكل من نقابلهم في الفعاليات والمحافل الثقافية، ومعارض الكتب، ودائما يكون همنا إيصال رسالة مشرفة عن بلدنا الحبيبة سلطنة عمان، ونعكس صورة المرأة العمانية لكل الشعوب.
مشاركة مؤسسة القرية الهندسية

**media[3148072]**


كما تشارك في معرض الرياض للكتاب مؤسسة القرية الهندسية، والتي تلاقي إقبالا متزايدا من الزوار على الركن يوما بعد يوم، وقال عبدالرحمن الحجي حول المشاركة في المعرض: مشاركتنا تمثل الانطلاقة الرسمية لوجودنا في السوق السعودي، حيث نشارك هذا العام من خلال جناح مؤسسة القرية الهندسية بمجموعة من منتجاتنا التعليمية المبتكرة، وتشمل الكتب التعليمية والحقائب التعليمية العملية المصاحبة لها، التي تجمع بين التعلم النظري والتطبيق العملي في مجالات التقنية والابتكار.
وعن أهمية المشاركة قال: تُعد هذه المشاركة خطوة استراتيجية نحو التوسع في السوق السعودي الذي نعتبره من أكثر الأسواق الخليجية حيوية واهتمامًا بالتقنية والتعليم، وأضاف: وجودنا في هذا المعرض يمنحنا فرصة للتعريف برؤيتنا المتمثلة في «صناعة مبتكر في كل بيت»، ولبناء شراكات مع جهات تعليمية وتدريبية مهتمة بالابتكار والتقنيات الحديثة. كما نعتبرها محطة مهمة لقياس تفاعل الجمهور مع منتجاتنا تمهيدًا للتمركز المستدام في السوق السعودي بعد انتهاء المعرض.
كما عرج الحجي في حديثه حول ما تقدمه المؤسسة من خلال ركنها في المعرض فقال: نقدم للجمهور تجربة تعليمية مختلفة تجمع بين التعليم التفاعلي والتطبيق العملي عبر كتبنا وحقائبنا التعليمية. الزوار يتعرفون من خلال الركن على كيفية الاستفادة من هذه المنتجات في تنمية مهارات الابتكار والإلكترونيات والبرمجة وإنترنت الأشياء لدى الطلبة والناشئة، إلى جانب استشارات تعليمية حول البرامج التدريبية المستقبلية.
وحول إقبال الزوار على الركن قال الحجي: خلال اليومين الماضيين لاحظنا تزايدًا ملحوظًا في إقبال الزوار على الركن، مع انطباع إيجابي واسع حول نوعية المحتوى الذي نقدمه. تميز المنتجات من حيث الدمج بين التعليم والتقنية لفت انتباه العديد من الزوار، سواء من أفراد أو مؤسسات تعليمية، وهو ما يعكس اهتمامًا متزايدًا من المجتمع السعودي بهذا النوع من المبادرات التعليمية المبتكرة.