رغم حالة الاستنفار التي أطلقتها الجهات المختصة بهدف توعية المجتمع بخطورة الانسياق وراء المغريات البراقة، ومن ثم الوقوع في "فخ النصب والاحتيال "بأشكاله، إلا أن البعض لا يزال حتى هذه اللحظة يعرض عن تلك التنبيهات، ولا يلقي لها أو يضعها في الحسبان!.
قضايا شائكة، وعمليات سرقة واحتيال ممهنج يوقع الكثير من الناس في حفرة سحيقة لا يمكن الخروج منها بسلام، أموال تسرق، وجناة يختفون من الواجهة!
من الغرائب التي لم يوجد لها أي تفسير سوى القول إنها إهمال متعمد وانسياق نحو ثراء أو مكسب وهمي لن يتحقق، والضحايا يتساقطون بشكل دائم وبأعداد متفاوتة.
ليس سرًا أو خفيًا على الناس القصص والحكايات التي تخبرنا بها الجهات الرسمية بعد كل عملية نصب واحتيال يتم تسجيلها أو القبض على مرتكبيها، إلا أن هناك تماديًا من البعض في دخول بعض مناطق مشبوهة كان يجب الحذر من دخولها.
البعض يسمع عن طرق النصب والاحتيال بكثرة هذه الأيام، خاصة مع تطور التقنيات الحديثة، واتباع "النصابين والمحتالين " لطرق مستحدثة ومبتكرة للوصول إلى الضحايا في وقت قياسي ودقيق.
الطرق ليس متشابهة وإن كانت أحيانا مترابطة بطرق أخرى، إلا أن الابتكارات والطرق أصبحت متعددة، ولذا ليس من السهل إحصاء أو جمع كل الطرق في "سلة واحدة" منذ أن بدأ الجناة استهدافهم للناس، ولكن بعض المخادعين يستغلون الظروف أو لنقلْ الفرص والتركيز على الأشخاص الذين يمرون بظروف مالية خانقة.
المذنبون يغرون ضحاياهم بالكسب السريع الآمن، يقدمون لهم ضمانات وهمية، نظير الحصول على تسهيلات يقدمها ضحايا مؤكدين لهم أن كل أمورهم ستكون على ما يرام.
بعض الجناة يحصلون على نسخ من البطاقات المدنية، وبعض الأرقام الهاتفية المسجلة بأسمائهم التي تسهل لهم عملية فتح السجلات التجارية أو الحسابات البنكية المحلية.
حرفيا "الطيبون يدفعون الثمن دائمًا لأنهم اعتقدوا أن الجميع مثلهم".. هذه هي الحقيقة، لكن الواقع هو أنهم يتعرضون إلى عمليات نصب واحتيال تنفذ بحرفية تامة، الآن لم يعد النصب عبر الطرق التقليدية مثل الاتصال الهاتفي الذي يزف لك البشرى بالفوز المفاجئ !
الوضع قد تغير كثيرا عن الماضي وذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، ودخل إلى قطاعات تلامس حياة الناس واحتياجاتهم سواء في المأكل أو المشرب أو المسكن أو أي شيء له علاقة بالإنسان وراحته، وأصبحت الجماعات الاحتيالية تشق طريقها نحو الترويج إلى القطاع العقاري، فهناك مكاتب عقارية تنشأ من العدم وتعيش لفترة زمنية محددة، ثم يتبخر هذه المكاتب في غضون وقت قصير بعد أن تتمكن من الاستيلاء على مدخرات الناس، ثم تلوذ بالفرار إلى الخارج.
هذه المكاتب المخادعة تبث صورا احترافية لشكل العقارات الحديثة، وتقدم أسعارًا خيالية وطرق مناسبة في عملية الدفع، هي بالطبع طرق "احتيال متقنة" وجريمة مكتملة الأركان، وللأسف بعض تلك المكاتب أو الشركات تعرض عددا من هذه العقارات للجمهور في بعض المراكز التجارية – بحسب ما أشار أحد المختصين في الجهات الرقابية- أو من خلال نشر بعض الإعلانات على موقع التسوق الإلكتروني، أو عبر الأفراد المحتالين أنفسهم، الذين ينتشرون في أماكن معنية ويستهدفون مجموعة من الناس.
المثير في الأمر أن الزبون "الضحية " يتفاجأ بأن هؤلاء المحتالين لديهم عقود شبه رسمية، وأختام وموافقات قريبة من الواقع، وصور لمنشآت تداعب الأحلام، وأقساط مريحة ومغريات لا يمكن ترك الفرصة تذهب من أيديهم، كل هذه الأشياء عبارة عن سيناريوهات معدة بأحكام، والنتيجة هي وقوع أكبر قدر ممكن من الضحايا في فخ الاحتيال.
متى يكتشف الضحية بأنه وقع في الخديعة؟
في الواقع الكثير من الضحايا يدركون أنهم قد تم النصب عليهم في وقت متأخر، يدركون بأن كل ما قيل لهم أو شاهدوه عبارة عن أكاذيب.
بعد هذه النقطة، تبدأ مرحلة أخرى من الوجع تنتاب البعض خصوصا الذين يواجهون مصيرا صعبا، فكما يقال:"بقدر الخداع، هناك الألم".. وهنا نسأل من نلوم عليه أكثر،هل الإعلانات المظللة، أم المواقع الإلكترونية أو أنفسنا الساذجة..!.
نعم، ليس ما كل يلمع ذهبا؛ فالسعر المناسب والمكان الأجمل والعقود المتشبهة بالحقيقة، كلها أشياء مغرية، لكنها أنفس نافقة لا حياة للصدق فيها، والسؤال الأهم من كل ما جاشت به النفس من وجع، هل هذا العالم وجد فقط للأشخاص الذين يتفوقون في فن الخداع والتظليل؟.
وقت الصدمة قد يكون الجواب بنعم، لكن ما أن تهدأ النفس حتى وإن كانت الخسارة لا تعوض فإن ثمة نورًا في الحياة يجعلنا أكثر تماسا وقدرة على مواجهة القادم من الأيام.