كتب - فهد الزهيمي
أشاد الطيب إكرام، رئيس الاتحاد الدولي للهوكي بالدور الكبير والجهود المضنية التي تقوم بها سلطنة عُمان ممثلة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب والاتحاد العُماني للهوكي في استضافة البطولات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها استضافة وتنظيم النسخة التاريخية الأولى من بطولة كأس العالم لخماسيات الهوكي «عُمان 2024» للرجال والنساء على ملعب مجمع «هوكي عُمان»، لافتا إلى أن استضافة هذا الاستحقاق العالمي في مسقط أضاف مكاسب كبيرة لسلطنة عُمان، من خلال وجود منشأة رياضية متكاملة للهوكي تضم مرافق وخدمات على مستويات ومعايير دولية، كما أن المجمع الحديث الذي تم بناؤه خلال فترة زمنية قياسية سيكون مناسبا من أجل استضافة البطولات العالمية في المستقبل القريب ووجهة رائدة في استقطاب المنتخبات الدولية والأندية العريقة لخوض معسكرات تدريبية في هذا المجمع الرياضي، بالإضافة إلى أن هذا المجمع الرياضي سيسهم في السعي المتواصل لنشر رياضة الهوكي على مساحة أوسع وزيادة عدد اللاعبين الممارسين للعبة في سلطنة عُمان، كما أن هذه المنشأة الرياضية الخاصة بلعبة الهوكي ستكون مركزا إقليميا للعبة الهوكي في قارة آسيا، ومن المتوقع أن يمثل مجمع «هوكي عُمان» نقلة نوعية في اللعبة على مستوى القارة.
وأكد رئيس الاتحاد الدولي للهوكي أن هذه الاستضافة التاريخية ستضع سلطنة عُمان على خريطة اللعبة دوليا، بحكم أن هذه البطولة العالمية تعد حدثا تاريخيا مهما لسلطنة عُمان، والتي تزامنت مع احتفال الاتحاد الدولي للهوكي بذكرى مرور مائة عام على تأسيس الاتحاد في عام 1924.
وأعرب الطيب إكرام أن سلطنة عُمان واصلت كذلك استضافتها لأهم الأحداث العالمية في لعبة الهوكي وذلك من خلال تنظيم اجتماعات "كونجرس" الجمعية العمومية للاتحاد الدولي للهوكي، 2024 في نسخته التاسعة والأربعين، لافتا إلى أن هذا الحدث مثل محطة مهمة في مسيرة الاتحاد الدولي للهوكي، حيث اجتمع رؤساء وأعضاء الاتحادات القارية والدول الأعضاء من مختلف قارات العالم للمشاركة في هذا الاجتماع المهم ومناقشة جملة من المواضيع والمحاور التي أسهمت في تشكيل مستقبل رياضتنا.
وقدّم الطيب إكرام، رئيس الاتحاد الدولي للهوكي أسمى آيات الشكر والامتنان لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، وكذلك لصاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب على استضافة سلطنة عُمان لمثل هذه الأحداث العالمية في رياضة الهوكي. وأكد الطيب إكرام بأن سلطنة عُمان تعد شريكا مهمّا في النهوض برياضة الهوكي عالميا، مما يعكس ذلك التزام سلطنة عُمان بتعزيز هذه الرياضة، ويتماشى مع مهمتنا ورؤيتنا في توسيع انتشار هذه الرياضة وتعميق جذورها في المنطقة.
تعزيز الخبرة
بينما أكد الدكتور مروان بن جمعة آل جمعة رئيس الاتحاد العُماني للهوكي أن الرؤية التي وضعها الاتحاد في مجال استضافة البطولات العالمية تقوم في جوهرها على هدف محوري يتمثل في اكتساب أكبر قدر ممكن من الخبرة سواء بالنسبة للاعبين أو الأجهزة الفنية، فقد أدرك الاتحاد منذ البداية أن مجرد المشاركة في البطولات الخارجية لا يكفي وحده لتحقيق التطور المنشود، بل إن استضافة البطولات داخل سلطنة عُمان تمنح مختلف عناصر المنظومة الرياضية فرصا أوسع للاحتكاك المباشر مع مدارس متنوعة في اللعبة، واكتساب مهارات تنظيمية وفنية في آن واحد، ومن خلال هذه الرؤية لم تتوقف المكاسب عند حدود اللاعبين فقط، وإنما امتدت لتشمل الحكام الذين يجدون في مثل هذه البطولات فرصا لإدارة مباريات على مستوى قاري أو دولي، وهو ما يعزز خبرتهم ويؤهلهم للحصول على اعتمادات أوسع، كما امتدت الفوائد كذلك إلى الكوادر التنظيمية والإدارية التي تتعامل بشكل مباشر مع آليات الاستضافة وفق المعايير الدولية.
آلية اختيار البطولات
أما فيما يتعلق بآلية اختيار نوع البطولات التي يتم استضافتها، أوضح رئيس الاتحاد العُماني للهوكي أن الاتحاد كان حريصا على انتهاج نهج تدريجي مدروس، ففي المراحل الأولى تم التركيز على البطولات القارية التي تنظم تحت مظلة الاتحاد الآسيوي للهوكي، وذلك التزاما بالاشتراطات والمعايير المحددة من قبل الاتحاد القاري، ولأنها تشكل بوابة مهمة لاختبار قدرات الاتحاد في إدارة مثل هذه الفعاليات، ومع مرور الوقت، عمل الاتحاد بالتعاون والدعم الوثيق من وزارة الثقافة والرياضة والشباب على تطوير البنية التحتية الرياضية، بما في ذلك تجهيز الملاعب وفق المعايير الدولية، ورفع كفاءة الكوادر البشرية المسؤولة عن التنظيم، الأمر الذي أتاح تلبية متطلبات الاستضافة العالمية.
وأضاف: بفضل هذه الجهود، انتقل الاتحاد إلى مستوى أكثر تقدما، حيث بدأ في استضافة البطولات الدولية الكبرى التابعة للاتحاد الدولي للهوكي، والتي تتطلب معايير أكثر دقة، ومن أبرز هذه الاستضافات بطولة كأس العالم بخماسيات الهوكي، التي تعد من أهم الأحداث الرياضية التي استضافتها سلطنة عُمان، ليس فقط لأنها جمعت منتخبات من مختلف القارات، بل لأنها عززت مكانة سلطنة عُمان على الخريطة الرياضية العالمية، وأكدت قدرتها على أن تكون وجهة معتمدة لاحتضان البطولات الكبرى.
خطوات ضمان الجاهزية للاستضافة
وتابع: الاستضافة قد تبدو للوهلة الأولى أمرا سهلا من حيث المسمى، إلا أنها في الواقع تتطلب جهدا كبيرا وعملًا جبارا، نظرا لتشعب المسؤوليات وكثرة التفاصيل المرتبطة بها، وهناك نقاط أساسية تقع على عاتق الاتحاد مباشرة، مثل جاهزية الملاعب والبنية التحتية الخاصة بالبطولة، وهذه تتم بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب، باعتبارها الشريك الرئيس في هذا الجانب، ولكن نجاح الاستضافة لا يقتصر على ذلك فقط، بل يستدعي تنسيقا أوسع مع عدة جهات ولضمان تنظيم متكامل يحقق الأهداف المرجوة، فعلى سبيل المثال، هناك حاجة للتعاون مع القطاع الفندقي لتأمين إقامة مريحة للوفود المشاركة، ومع شرطة عمان السلطانية إضافة إلى بلدية مسقط، ووزارة التراث والسياحة، ووزارة الصحة ووزارة الإعلام، وكلها جهات أساسية لضمان انسيابية الحدث وتنظيمه وفق أعلى المعايير، هذا التنسيق المتعدد يوضح أن الاتحاد لا يمكن أن يعمل بمعزل، بل إن الاستضافة تتحول إلى مشروع وطني تتشارك فيه مختلف المؤسسات.
مكاسب الاستضافات
وأشار إلى أن من أبرز المكاسب التي تحققت من خلال هذه التجربة أن الاتحاد تمكن من تأهيل كوادر وطنية محترفة في الجوانب الإدارية والتنظيمية والفنية المتعلقة بالبطولات، ومع تكرار الاستضافات، اكتسبت هذه الكوادر خبرات واسعة جعلتها اليوم قادرة على إدارة بطولات دولية بكفاءة عالية، حتى أن عددا منها أصبح مطلوبا من اتحادات أخرى محلية وقارية للاستفادة من خبراتهم.
أبرز التحديات
وأكد آل جمعة أنه من الطبيعي أن تواجه أي استضافة رياضية تحديات مختلفة، بعضها بسيط ويسهل تجاوزه، وبعضها الآخر يحتاج إلى جهد مضاعف، والاتحاد العُماني للهوكي لم يكن استثناءً في هذا الجانب، لكنه تعامل مع هذه التحديات بشكل تدريجي وبمنهجية واضحة، فمنذ البداية ومع انطلاق مرحلة استضافة البطولات الآسيوية، اكتسب الاتحاد خبرات تراكمية ساعدته على التطور في كل استضافة لاحقة، والأمر الأهم في هذا السياق هو الالتزام بمتطلبات الاستضافة الأساسية التي يضعها الاتحاد القاري أو الدولي، فعلى سبيل المثال، كان لا بد من توفير ملاعب بمواصفات عالية من حيث جودة الأرضيات، وأنظمة الإنارة، وعدد المقاعد الكافي للجماهير، وتوفير المرافق المخصصة للمنتخبات المشاركة، ومع كل خطوة ينجح فيها الاتحاد في تلبية هذه المتطلبات، كان يضع نفسه في مصاف الدول الأخرى المستضيفة، ليصبح جاهزا للمنافسة على استضافة بطولات أكبر، لكن التحدي لم يتوقف عند تلبية الشروط الأساسية، بل كان يكمن في كيفية التطوير المستمر للاستضافة، وهنا ظهرت أهمية التركيز على الأهداف الموازية، وعلى رأسها السياحة الرياضية، بحيث تتحول الاستضافة من مجرد حدث رياضي إلى منصة لتعزيز صورة سلطنة عُمان كوجهة سياحية ورياضية عالمية، واستطاع الاتحاد أن يحول التحديات إلى فرص نجاح، وهو ما انعكس في حصيلة مشرّفة، حيث تمكن الاتحاد من استضافة 13 حدثا رياضيا دوليا وقاريا خلال السنوات الـ8 الماضية، في إنجاز يعكس الجهود المتواصلة والإصرار على تطوير التجربة التنظيمية عاما بعد عام.
الأثر الاقتصادي
وأضاف: تتمتع استضافة البطولات العالمية في سلطنة عُمان بأثر اقتصادي واضح ومباشر وغير مباشر، من الناحية المباشرة، تساهم المنتخبات المشاركة في الإنفاق داخل سلطنة عُمان على مختلف القطاعات، مثل الإقامة الفندقية، المطاعم، المحلات التجارية، والخدمات اللوجستية، مما يدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ويعزز النشاط الاقتصادي المحلي، أما الأثر غير المباشر، فيتمثل في استخدام الخدمات المختلفة مثل النقل والمواصلات والاتصالات، وكذلك الخدمات السياحية، وهو ما يزيد من حجم الإنفاق داخل البلد مقارنةً بالمشاركة في بطولات خارجية، حيث كان الاتحاد سابقا ينفق مبالغ كبيرة خارج سلطنة عُمان، أما اليوم فإن الإنفاق يحدث داخل البلد، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
أما فيما يخص السياحة الرياضية، قال: ساعدت الاستضافات في تعزيز السياحة الرياضية بشكل ملموس، فقد تم توزيع البطولات على مناطق مختلفة في سلطنة عُمان، بما في ذلك مجمع السلطان قابوس الرياضي في بوشر، ومجمع السلطان قابوس للثقافة والترفيه بصلالة، وملعب هوكي عُمان بولاية العامرات، ويجري العمل حاليا على تطوير البنية التحتية في محافظة شمال الباطنة لاستضافة المزيد من البطولات، وقد ساهمت هذه الاستضافات، مثل كأس العالم لخماسيات الهوكي وتصفيات الألعاب الأولمبية باريس 2024، في جذب المشاركين وأسرهم، حيث استغلوا فترات وجودهم في سلطنة عُمان للقيام بجولات سياحية، مما رفع من مستوى النشاط السياحي وأسهم في نشر صورة إيجابية عن سلطنة عُمان كوجهة متميزة للسياحة الرياضية على المستوى الدولي.
علاقات وشراكات جديدة
وأكد قائلا: انعكست استضافة البطولات الرياضية في سلطنة عُمان بشكل إيجابي على سمعة سلطنة عُمان في المحافل الرياضية العالمية، خاصة في مجال رياضة الهوكي، فقد أصبحت من خلال استضافتها للبطولات القارية والدولية، وجهة معتمدة لتنظيم الأحداث الكبرى، وهو ما أظهر قدرتها على تلبية أعلى المعايير الدولية في المنشآت والبنية التحتية والخدمات اللوجستية، بما يعادل المعايير المستخدمة في البطولات الأولمبية، كما أسهمت هذه التجربة في بناء علاقات وشراكات قوية مع الاتحادات الدولية، حيث أصبح الاتحاد العُماني للهوكي شريكا موثوقا للاتحادات القارية والدولية في تنظيم البطولات، حتى في الحالات التي لا يشارك فيها المنتخب الوطني، فعلى سبيل المثال، تم اختيار سلطنة عُمان لاستضافة تصفيات أولمبياد باريس 2024، ما يعكس الثقة الدولية في قدرة الاتحاد على إدارة البطولات بكفاءة عالية.
أما من ناحية الأثر على حضور سلطنة عُمان في الأجندة الدولية للرياضة، قال: عززت هذه الاستضافات مكانة سلطنة عُمان على الخارطة الرياضية العالمية، وجعلتها من أولويات الاتحادات الدولية عند التخطيط للبطولات المقبلة، وأدى النجاح في تنظيم مثل هذه الأحداث إلى أن تكون سلطنة عُمان شريكا استراتيجيا قادرا على دعم الرياضة العالمية من خلال تقديم بيئة تنظيمية متكاملة ومؤهلة.
الاستضافات المستقبلية
وحول الاستضافات المستقبلية، أكد آل جمعة على أن الاتحاد يركز دائما على استضافة البطولات الكبرى والقارية والدولية، بما في ذلك تصفيات كأس العالم، حيث تواصل الاتحاد الدولي للهوكي مع الاتحاد العُماني للهوكي لمعرفة إمكانية استضافة سلطنة عُمان لهذه التصفيات، وهذه الخطوة تأتي في إطار هدف أكبر للاتحاد بأن تصبح سلطنة عُمان مركزا أساسيا للهوكي في المنطقة، يدار بالتعاون المثمر مع الاتحاد الدولي، أما بالنسبة لرؤية الاتحاد لمكانة سلطنة عُمان على المستوى العالمي في رياضة الهوكي خلال السنوات العشر القادمة، فهي أن تصبح سلطنة عُمان مركزا تعليميا وتنظيميا وإداريا للهوكي في المنطقة، ويجعلها نموذجا ناجحا في تنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى، مع إحداث أثر إيجابي دائم على تطوير اللعبة محليا وإقليميا.