يمثل الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب لإعادة تسمية وزارة الدفاع إلى «وزارة الحرب» تجسيدًا دقيقًا للطريقة التي يوظف بها الجيش. خطوة دعائية لافتة للأنظار، تُقدِّم الشكل على المضمون، وتدفع حدود الصلاحيات الرئاسية إلى أقصاها.

فقانونيًا، لا يملك ترامب الحق في ذلك. فـ«وزارة الدفاع» تسمية أقرها الكونغرس عام 1949، ولا يمكن تغييرها بقرار تنفيذي. ورغم أن توجيه ترامب قدَّم التغيير بوصفه «لقبًا ثانويًا» للوزارة، وحث الكونغرس على إقراره رسميًا، فإن وزير الدفاع بيت هيغسِث لم ينتظر، وبدأ يصف نفسه بـ«وزير الحرب». التغيير الذي جرى عام 1949 لم يكن لأن الجيش أصبح «مستيقظًا» وتوقف عن كسب الحروب، كما يزعم ترامب، بل لأن «وزارة الحرب» كانت معنية بالجيش فقط، بينما جاء الاسم الجديد ليعكس مؤسسة أوسع تضم البحرية وسلاح الجو ومشاة البحرية.

لكن إعادة التسمية، مهما بدت فارغة وباهظة التكاليف ـ إذ قد تُكلّف اللوحات الجديدة ملايين الدولارات ـ ليست بنفس خطورة الطريقة التي يستخدم بها ترامب القوات المسلحة. فهو يوظفها في الداخل لمكافحة الجريمة، وفي الخارج لمحاربة تهريب المخدرات. وفي ذلك، يدفع العسكريين إلى مساحات قانونية خطرة وغير مسبوقة، ويبعدهم في الوقت نفسه، وبشكل مفارق، عن مهامهم الأصلية في خوض الحروب.

الأسبوع الماضي، أعلنت الإدارة أن الجيش الأمريكي فجّر قاربًا سريعًا في الكاريبي يُزعم أنه كان محمّلًا بأعضاء من عصابة «ترين دي أراغوا» الفنزويلية، يهرّبون المخدرات. قُتل جميع من كانوا على متنه وعددهم 11 شخصًا. عمليات اعتراض المهربين ليست جديدة، لكن تفجير القارب مباشرة سابقة خطيرة؛ إذ المعتاد أن تقوم البحرية أو خفر السواحل بالاستيلاء على السفينة واعتقال طاقمها.

وزير الخارجية ماركو روبيو قال إن الضربة جاءت بأوامر مباشرة من ترامب، لأن «للرئيس الحق في القضاء على التهديدات المباشرة للولايات المتحدة». لكن من غير الواضح كيف يُمكن لقارب سريع في الكاريبي، حتى لو كان محمّلًا بالمخدرات، أن يشكل «تهديدًا مباشرًا»، خصوصًا وأن روبيو نفسه قال أولًا إن وجهته كانت ترينيداد.

الضربة تفتح فصلًا مقلقًا في مسار بدأ منذ 2001، واستمر عبر إدارات جمهورية وديمقراطية، حين استخدمت الولايات المتحدة الصواريخ والطائرات المسيّرة لقتل مشتبه بهم بالإرهاب من دون محاكمة. والإدارة الحالية تركب الموجة ذاتها بتصنيف عصابة «ترين دي أراغوا» كمنظمة إرهابية أجنبية. لكن مجرد وسمها بالإرهاب لا يمنح الرئيس سلطة قتل من يُفترض أنهم أعضاؤها.

اعتمدت الإدارات السابقة في تبرير الضربات القاتلة على تفويض استخدام القوة العسكرية الصادر عام 2001 ضد تنظيم القاعدة وداعميه، وعلى تفويض مشابه عام 2002 ضد العراق، إضافة إلى ما يُعرف بالحق الذاتي للقوات المسلحة في الدفاع عن النفس إذا تعرضت لهجوم. لكن عصابة «ترين دي أراغوا» لا علاقة لها بالقاعدة، وتشبيه نشاطها الإجرامي باعتداء إرهابي على الولايات المتحدة أمر مبالغ فيه. حاول ترامب أن يربط العصابة بأعمال عدائية ضد أمريكا بطلب من النظام الفنزويلي، لكن أجهزة الاستخبارات الأمريكية نفسها قوضت هذا الادعاء.

ورغم حشد قوة بحرية ضخمة قرب السواحل الفنزويلية، لم يطلب ترامب من الكونغرس أي تفويض باستخدام القوة ضد «ترين دي أراغوا» أو أي كارتيل مخدرات آخر. الرئيس الذي طالما دعا إلى إنزال عقوبة الإعدام بتجار المخدرات، اكتفى بأن يأمر الجيش بالتحرك والتنفيذ.

ويثير خبراء القانون الدولي الإنساني مخاوف جدية بشأن شرعية هذه الضربة. كتب رايان غودمان، الذي شغل منصب مستشار خاص في وزارة الدفاع خلال إدارة أوباما، على منصة «بلو سكاي»: «لا أستطيع أن أتصور أساسًا قانونيًا واحدًا يمكن أن يبرر توجيه ضربة قاتلة ضد قارب فنزويلي يُشتبه في تهريبه للمخدرات».

أما ماثيو واكسمان، الذي تولى مناصب رفيعة في الأمن القومي خلال إدارة جورج بوش الابن، فقال لي: «يمكن للرئيس أن يصف ذلك كما لو كان حربًا ضد القاعدة، لكن هذا لا يجعله قانونيًا. نحن أمام نظرية مذهلة أخرى عن سلطات ترامب، تُستخدم هذه المرة لتبرير عمليات غامضة يُرجّح أنها تنتهك القانون الدولي وربما القانون المحلي أيضًا».

وليس هذا أول استخدام للقوة العسكرية تُدان فيه الإدارة بانتهاك القانون. فقد حكم القاضي تشارلز آر. بريير في المحكمة الجزئية الأمريكية الأسبوع الماضي بأن ترامب خالف قانون «بوسيه كوماتيتوس» الصادر عام 1878 عندما أرسل قوات الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس هذا الصيف، وهو قانون يحظر استخدام الجيش في إنفاذ القوانين داخل البلاد. (وقد تم تعليق تنفيذ الحكم بانتظار الاستئناف). وكتب القاضي في حيثياته أن التبرير لنشر القوات كان: «قمع تمرد وضمان تطبيق قانون الهجرة الفدرالي»، لكنه خلص إلى أن «لا تمرد وقع، ولم تكن قوات إنفاذ القانون المدنية عاجزة عن التعامل مع الاحتجاجات وتطبيق القانون».

وبعيدًا عن الجدل القانوني، يبقى سؤال الاستراتيجية. من غير الواضح كيف يمكن لانتشارات عسكرية يفترض أنها مؤقتة أن تُحدث تأثيرًا ملموسًا في معدلات الجريمة على مستوى البلاد، أو في صناعة تهريب المخدرات التي تدر مليارات الدولارات سنويًا. من المستبعد أن تنجح القوات الأمريكية في خفض نشاط التهريب بشكل ملموس، فضلًا عن تقليل الجرائم المحلية، بينما ستُكلّف هذه المحاولات أموالًا طائلة. (تُقدّر تكلفة نشر الحرس الوطني في واشنطن بمليون دولار يوميًا). وإذا كان لدى الإدارة خطة متماسكة، فهي لم تعرضها على الرأي العام ولا على الكونغرس.

إن عمليات الانتشار التي يقوم بها ترامب مجرد استعراضات لافتة تُبعد القوات المسلحة عن مهمتها الأساسية، أي خوض الحروب، وتزج بها في مسار محفوف بمخاطر الانخراط في أعمال يُحتمل أن تكون غير قانونية. وليس مستغربًا أن يبدأ هيغسِث ولايته بإقالة كبار المستشارين القانونيين العسكريين المعروفين بالـ( JAGs) فالاعتبارات القانونية في استخدام القوة تبدو بلا قيمة لدى هذه الإدارة.يبدو أن كبار المسؤولين في الإدارة يتباهون باحتقارهم لسيادة القانون. فقد قال هيغسِث يوم الجمعة إن «وزارة الحرب» ستكون معنية بـ»أقصى درجات الفتك، لا بشرعية فاترة». وفي اليوم التالي، كتب نائب الرئيس جي دي فانس على منصة «إكس» أن الضربة ضد القارب المزعوم لتهريب المخدرات هي «أعظم وأفضل استخدام لجيشنا». وعندما اعترض أحد المنتقدين عبر الإنترنت قائلاً: «قتل مواطني دولة أخرى من المدنيين من دون أي إجراءات قانونية هو جريمة حرب»، رد فانس: «لا يهمني إطلاقًا ماذا تسمّيه».

ماكس بوت كاتب عمود في واشنطن بوست وزميل أول في مجلس العلاقات الخارجية. وهو مؤلف كتاب (ريغان: حياته وأسطورته)، الذي تصدّر قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعًا، واختارته الصحيفة ضمن أفضل عشرة كتب لعام 2024.

تمت الترجمة باستخدام الذكاء الاصطناعي