تخطى عدوان الإبادة الجائر على غزة 700 يوم ، و70 ألف شهيد على أرضها ومئات آلاف المصابين، والتشريد والتجويع وانعدام الخدمات من قطع للمياه والكهرباء واستهداف الأطفال والنساء والصحفيين والمدنيين وهدم قرابة 70% من البيوت وتسويتها بالأرض بحثا عن عناصر المقاومة.
أكبر جريمة في التاريخ تحدث على الأرض العربية وضد الإنسانية، أمام صمت مريب للعالم الذي يرى أن كل هذا خبر عادي متكرر يوميا ضمن أخبار العالم التي تتناقلها محطات التلفزة، وأن الأبرياء لا قيمة لهم أمام دعم الاحتلال دعما مطلقا سياسيا وعسكريًا، بل يقدم مشاركة ميدانية له في المجازر التي ترتكب وحرق بيوت المواطنين.
هذه السردية يجب أن تنتهي وأن الأعذار التي تختلق يوميا أصبحت مكشوفة للعالم الذي يثور دفاعا عن المبادئ الإنسانية والأخلاقية في كل عواصمه التي تمس جوهر الإنسان الحر أصحاب الضمائر.
صحيح أن العالم اليوم أصبح أكثر وعيا من ذي قبل وأن الروايات التي بنى عليها الاحتلال حججه خلال الـ80 عاما قد انهارت وانكشف وانفضح أمرها،
وليس له مفر من قبول الواقع، وهو إنهاء الحرب واستعادة الأسرى ودخول المعونات الغذائية إلى جميع سكان غزة وإعادة الإعمار وتولي إدارة مدنية حكم القطاع .
مواقف الاحتلال المراوغة تتنقل من مربع إلى آخر خلال العامين الماضيين ونحن نقترب من دخول العام الثالث في 7 أكتوبر القادم، فكل المقترحات الأمريكية قبلتها المقاومة باستثناء إلقاء السلاح، من صفقة جزئية فشلت في تحقيق أهدافها، إلى صفقة كاملة تقطع الطريق على مراوغات الاحتلال ومنها إطالة الحرب وصولا إلى الزاوية الضيقة التي تتردد فيها حكومة الاحتلال في قبول وقف إطلاق النار الذي دعت له واشنطن.
ولا يزال للأسف الموقف العربي المحوري في القضية أقل من المتوقع مما يتيح مساحة أكبر للاحتلال في الإمعان والتنكيل والقتل لأهلنا في القطاع ولعل ضعف هذا الموقف أعطى ضوءا أخضر لتصفية أهل غزه فردا فردا خلال ماضي الوقت وقادم الأيام، ووضح غياب الإرادة العربية عن الدعم الكامل للحق العربي باستثناء التنديدات التي لا أثر لها.
اليوم فلسطين كلها أمام مفترق طرق ، فإما تضيع كلها وتبدأ مرحلة تصفية الدول العربية واحدة تلو الأخرى، وإما أن تبقى ونبقى، فالضفة أيضا تسير بصمت إلى مربع إعادة الاحتلال وتهجير أهلها وهدم منازلها ومضاعفة المستوطنات فيها وتدمير السلطة والاستيلاء على المناطق «ج» المعروفة بـ«سي» في اتفاقية أوسلو.
كل هذا وعموم النخب الصانعة والموجهة للمواقف العربية لا تزال غير مقتنعة وبعد 80 عاما من الوجود الإسرائيلي أن الاحتلال خطر ..!
سالم الجهوري كاتب صحفـي عُماني